مبدأ الفصل بين السلطات
د. محمد ماهر الصواف
كان ملوك أوروبا خلال القرون الوسطى يتمتعون بالسلطة الواسعة والصلاحيات الغير محدودة ، وأمام الاستبداد والشطط في الحكم، دعا الكثير من مفكري أوروبا خلال القرنين السابع والثامن عشر إلى الفصل بين السلطات. وقد تناوله عدة فلاسفة ومفكرين منهم أفلاطون أرسطو ، لوك وغيرهم وإن كان هذا المبدأ إقترن بإسم مونتسكيو وفي كتابه "روح القوانين"
وقد اعتقد مونتيسكيو إن تجمع السلطات في يد واحدة يؤدي إلى الإستبداد لأن طبيعة البشر ميالة لحب السيطرة ومن أجل وضع حد لذلك لا بد من توزيع السلطات على هيئات مختلفة تعمل من أجل تحقيق الصالح العام للمجتمع. وفي مقولته المشهورة "السلطة توقف طغيان السلطة" ومقولته "كل من له سلطة يميل إلى إساءة استعمال السلطة " رسم (مونتيسكيو) نظريته في السلطات، والتي جاءت بعد دراسته لأكثر من شكل من أشكال الأنظمة التي كانت تحكم في عصره، واعتبر بها أن بناء النظام السياسي المتوازن يقوم على مبدأ السلطات التي تمارس الرقابة المتبادلة فيما بينها لتشكل بذلك حماية للنظام السياسي وضمان استمرارية هذا النظام من خلال توزيع واضح لاختصاص كل سلطة من السلطات الثلاث – التشريعية – والتنفيذية - والقضائية.
غير أنه لا يجب أن يفهم من مبدأ الفصل بين السلطات بأن كل سلطة مستقلة عن السلطة الأخرى تمام الإستقلال بحيث تكون كل منها بمعزل تام عن الأخرى وإنما المقصود بهذا المبدأ هو توزيع السلطة على هيئات مستقلة ومتساوية بحيث لا يمنع هذا التوزيع من تعاون ورقابة كل هيئة مع الأخرى.
ورغم ان الغالبية العظمي من الدول تشترك فى الأخذ بمبدأ الفصل بين السلطات والتميز بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية وإسناد السلطة التشريعية لمجالس نيابية إلا أنه حدث اختلاف بين الدول فى تحديد العلاقة بين هذه السلطات الثلاثة فقد ووضعت بعض الدول السلطة التنفيذية فى مكانه أعلي من السلطة التشريعية والفصل الحاد بينهما وسمي نظام الحكم فى هذه الحالة بالنظام الرئاسي ، فى حين اقامت دول أخري العلاقات بين السلطتين المشار إليهما علي اساس المساواة والتعاون و الفصل المرن بينما ، وسمي نظام الحكم بالنظام البرلماني.
وعلي هذا الأساس جرى الفقه على التمييز بين النظام الرئاسي والنظام البرلماني، كما ظهرت فى الفترة الأخيرة نظم وسط بينهما اطلق علي الفقه نظم شبه رئاسية ، ويجب الإشارة أيضا إلي نظام حكومة الجمعية الذي يضع السلطة التشريعية فى مركز القمة ألآ انه غير شائع ، فهو معروف بصفة اساسية فى دولة سويسرا والتي تعد نموذجا لحكومة الجمعية.
وأخيرا يجب الإشارة الي أنه ينسب إلى مبدأ الفصل بين السلطات عدة مزايا منها:
<!--صيانة الحرية ومنع الاستبداد وعاملا هاما لسلامة السياسات العامة والحد من اساءة استخدام السلطة
<!--إتقان الدولة لوظائفها وحسن سير العمل بها من خلال تقسيم الوظائف المختلفة للدولة على هيئات مستقلة تتعاون لتحقيق الصالح والخير العام .
<!--احترام القوانين وحسن تطبيقها.
وتأسيسا علي ذلك نعتقد أنه من الأهمية ان ينشط البرلمان المصري ويمارس سلطاته الرقابية علي السلطة التنفيذية والواردة بدستور 2014 بشكل موضوعي وفعال.