الحرية في الإسلام منحة من الله لعمل الخير
د.محمد ماهر الصواف
الإنسان مخلوق من أفضل مخلوقات الله عز وجل ، وقد كرمة الله وحفظله أديميته ، وصان له كرامته ،بل وجعلة خليفته في الأرض . ويقول تعالي ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ ، لم تقف تكريم الإنسان عند هذا، بل امتدت وأسكانه الله الجنة وإطلق يده وحريته فيها، فقال تعالي ( ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ) وتوضح الآية الكريمة أن الله منح الإنسان حرية الإختيار وخلق له القدرة علي الإختيار بين الخير أو الشر . وأعد له الثواب والعقاب وفقا لإختياراته. فالأصل في الأسلام أن الإنسان خلق حرا بمعني أنه خلق في حالة يستطيع فيها أن يختار أفعالة وتصرفاته بوحي من إرادته ودون أية ضغوط .
وللأسف نلاحظ في هذه الأيام من يفهم الحرية خطاء ويسئ بعض الناس ممارسته للحرية، فلا ننكر أن لكل إنسان رغبات وإحتياجات يسعي إلي أشباعا ولكن يجب الأ يكون ذلك علي حساب الغير والمجتمع ، فحريته في إختيار الوسيلة والسلوك لإشباع هذه الإحتياجات مقيدة بعدم التعدي علي حقوق الغير . فحرية الإنسان هي منحة من الله تعالي يقابلها مسئولية كل فرد عن أعمالة وتصرفاته أمام الله . لذا ينبغي علي الإنسان وهو يتمتع بما منحة الله من حرية وإمكانات عقلية وبدنية أن يسعي لعمل الخير ولا يجور علي حريات وحقوق الأخر،
ويقول الله تعالي " والَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا (58) من سورة الأحزاب ، ، وقال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبيع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخواناً. ويقول عليه السلام أيضا:
( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفس) .
وعلي ذلك فإننا نأمل أن يعي كل من فرد منا ان ممارسة الحرية لا يعني الإضرار بالغير والتعدي علي حقوق الأخر أو التعدي علي ممتلكات الدولة والشعب أو تعطيل العمل والإنتاج ، وهذا ما تقره القوانين الدولية والأعراف السائدة، وقبل هذا كله فان قوانين السماء كانت سباقة في ترسيخ مفهوم حرية ووضع حدود لممارستها.
