Dr. Maher Elsawaf

الطريق إلي التقدم والتنمية يقوم علي العلم والمعرفة وحرية التعبير

 

المحافظة علي كرامة الإنسان أساس التقدم والتحضر  

                                       د. محمد ماهر الصواف

تعد الكرامة الإنسانية من أهم الأسس التي تقوم عليها حقوق الإنسان لذا حرصت غالبية الدساتير في العالم علي النص عليها باعتباره "المبدأ الرئيسي« الذي تُفهم من خلاله مفاهيم الحرية والعدالة والمساواة، وتأكيدا علي أهمية احترام وصيانة كرامة الإنسان حرص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في ديسمبر 1948م علي النص عليها في مادته الأولي: "يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء." 

وفي الحقيقة فقد سبق الإسلام هذه النداءات العالمية وحث علي المحافظة علي كرامة الإنسان باعتباره خليفة الله علي الأرض، ويقول المولي عز وجل في الآية 70 من سورة الإسراء "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلا" وهكذا يدعونا الإسلام للتمسك بجوهرة حقوق الإنسان وهي كرامته التي أنعم الله بها عليه ولا يمكن له أن يعيش بدونها.

ولا بد ان نسلم ان كرامة الإنسان هي قيمة الإنسان، كونه إنسانا بغض النظر عن أصله وجنسه وعمره وحالته، و الكرامة حق طبيعي" وقيمة مجردة تولد مع الإنسان وتبقي معه حتي موته. وهي "مفهوم لا علاقة له بما يقدمه الإنسان أو بحالة الإنسان، وعلي سبيل المثال كرامة السجين المجرم تعادل كرامة أي إنسان آخر، فهنا تنفصل الكرامة عن الاعتقاد بارتباطها بالأعمال ونوعها, فالكرامة لا تُمنح ولا تصير من خلال الأعمال أو الحالة . لذلك فإن كرامة رئيس جمهورية أو جندي او عالم أو طبيب أو فلاح هي نفسها , وهي قيمتهم كبشر متساوين أمام قانون عادل.

ولذلك حرص المشرع الدستوري في المانيا الاتحادية عند صياغة دستور جمهورية المانيا الاتحادية بعد الحرب العالمية الثانية علي النص علي كرامة الانسان كأعلي مبدأ دستوري وكسقف تمر من تحته كل القوانين،. فنصت المادة الأولي من دستورها والصادر في 23 مايو 1949 علي ان: كرامة الإنسان هي أمر لا يمس به. ويجب علي كافة سلطات الدولة احترامها وحمايتها. ويعترف الشعب الالماني بأن صيانة حقوق الإنسان وعدم التعدي عليها هو أساس لأي من المجتمعات الإنسانية وللحرية والمساواة في العالم" لذا نصت أيضا المادة الثالثة علي انه:" لا يجوز لأي شخص بسبب الجنس أو النسب أو العرق أو الوطن أو اللغة أو الأصل أو العقيدة أو الرأي الديني أو السياسي أن يضار أو يفضل عن غيره".

ويلاحظ ان هذه النصوص الوارده في الدستور الألماني تتكلم عن الإنسان عامة دون الإشارة تحديدا الي ان المقصود بالحماية واحترام الكرامة هم المواطنون  فقط فهي تشمل أي انسان يتواجد علي أرض جمهورية المانيا الاتحادية.

 ونعتقد أن إلتزام الدولة والمجتمع في جمهورية المانيا بهذا المبدا قد ساهم في تقدم هذه الدولة وتحضرها، بل يعد ذلك من وجهة نظري من العوامل الأساسية التي أدت إلي النهضة العلمية التي شاهدتها ألمانيا الإتحادية وإرتفاع عدد الإبتكارات والإبداعات الصناعية والعلمية بها. فبحق يقول أفلاطون : من يكون مكرما فى بلد ما ، سيكون انتاجه لهذا البلد .

وإقتناع مني بأهمية المحافظة علي كرامة الإنسان ناديت بضرورة أن يتضمن الدستور المصري نصا واضحا يلزم المجتمع والدولة بإحترام هذا المبدأ علي أرض مصر وذلك في مقال لي نشر فى جريدة الأخبار بتاريخ 12/7 / 2012 وقد استجاب المشرع الدستوري ونص الدستور المصرى لأول مرة على أن "الكرامة حق لكل إنسان، ولا يجوز المساس بها يكفل المجتمع والدولة احترامها وحمايتها". والأن كيف يمكن تفعيل هذا النص؟ وما هى إلتزمات العاملين بالمنظمات الحكومية وبصفة خاصة الأجهزه السيادية لإعمال هذا المبدأ ؟ وهل هذا المبدأ يلزم أجهزة الدولة فقط أم أنه ملزم أيضا لكل فرد منا تجاه الغير ؟ هذه التساؤلات هى ما سنحاول الإجابة عليها فى المقال القادم .

 

 

 

 

المصدر: مقال د. ماهر الصواف في جريدة الأخبار المصرية بتاريخ 12/07/2012
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 358 مشاهدة

Dr.maher elsawaf الأستاذ الدكتور محمد ماهر الصواف

drelsawaf
نشرالثقافة الإدارية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية »

عدد زيارات الموقع

331,285

ابحث