الثقافة التقليدية والقدرات الإبداعية والفكرية 

د. محمد ماهر الصواف

عرفت المجتمعات العديد من المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية وظهرت مشكلة معقدة منها الزيادة غير منتظمة في عدد السكان، ويشير البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة الUNDP  الي ان بعض الشعوب تعاني  من زيادة كبيرة في عدد السكان يرافقها فقر شديد ومدقع.

وتفرض هذه المتغيرات أن يكون الإنسان قادرا علي استخدام عقله وفكره لحل ما قد يوجهه من مشكلات نتيجة نقص الاحتياجات الأساسية والزيادة السكانية غير المدروسة. بل وعليه السعي لتطوير نفسه وملكاته ووعيه ، إذ أن العقل والفكر الإنساني هو من يخلق العلوم ويصنع ويبتكر ويطور أدوات الإنتاج بما يساعد علي  الوفاء بالاحتياجات الإنسانية الأساسية المتزايدة  والعيش عيشة كريمة.

ومن المعلوم ان بعض الدول العربية تعاني من الزيادة سكانية غير منتظمة ومدروسة ولديها نسب عالية من الفقر والمرض فضلا عن عديد من المظاهر السلوكية السلبية التي تعوق جهود التنمية بهذه الدول . ويجب ان نسلم أنه يعد من أهم العوامل التي ساعدت علي ذلك ما تعانيه هذه الدول من ضعف ثقافي واجتماعي وتعليمي علاوة علي سيطرة ثقافة تربوية ومجتمعية تقليدية لا تعضد الاستقلال الفكري للفرد وتطوير الذات  ومن ثم لا تشجع علي الإبداع وتطوير وسائل الإنتاج . لقد ورثنا الطاعة العمياء لما يفرضه المجتمع علينا من عادات وسلوكيات بدعوي ارتباطها بالدين ، وأصبح نقد أو رفض الموروثات الثقافية أمر معاقب عليه جنائيا  رغم أنها موروث ثقافي إنساني.

وعلي حق نبه جون ستيوارت مل John Stuart Mill   1806 – 1872 الفيلسوف البريطاني إلي  أن اخطر ما يتعرض له  الفرد هو استبداد المجتمع، وذلك إذا سعى لإخضاع عقل أفراده إلى تقاليد و عادات وفرض عليهم الطاعة العمياء لها فذلك قد يقيد إعمال العقل وفرص الإبداع،

ونعتقد انه من الأهمية ان تهتم  البرامج  التعليمية والثقافية  في المراحل الأولي من التعليم الأساسي  في هذه الدول  بتخصيص  مساحة  من الوقت الدراسي للنقاش حول بعض السلوكيات المجتمعية ،  وعرض الأراء المتعددة والمختلفة حول بعض المسائل الدينية المتعلقة بشئون الحياه ، والتأكيد علي بناء الشخصية المستقلة والتحرر من القيود الثقافية التقليدية وتقيد الفكر واستخدام العقل.