د.علاء البسيوني

يهتم الموقع بنشر الثقافة العلمية خاصة في مجال العلوم الاقتصادية والاجتماعية، والاقتصاد الإسلامي.

authentication required

    بقلم د.علاء بسيوني

يقوم الاقتصاد الإسلامي على مجموعة من الأسس العقائدية والتشريعية والأخلاقية والتي يمكن التعرف عليها على النحو التالي:

أولاً: الأسس العقائدية:

     العامل الاعتقادي هو الذي يؤثر في نفسية الفرد وسلوكه الاقتصادي، والاقتصاد الإسلامي ليس مجرد أحكام شرعية تُوَلِدْ مجموعة من المواقف تجاه المشكلات الاقتصادية المعاصرة؛ وإنما هو جزء من نظرية إسلامية متكاملة تنبثق من تصور اعتقادي يحدد المعالم والأهداف، ومن خلال ذلك التصور تتولد النظرية في المجالات التطبيقية العملية كنظام سواء في مجال التنظيم الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي، وقد يجانبنا الصواب لو حاولنا اكتشاف النظرية الاقتصادية في الإسلام بعيداً عن العقيدة وامتدادها التكاملي والشمولي نحو الإنسان والمجتمع، ويعد الإسلام أكثر العقائد تأثيراً في ذات الإنسان لأنه يمثل العقيدة التي تجمع بين الجانب المادي والروحي والعقلي والوجداني، والجانب الاقتصادي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالسلوك الفردي، لهذا فإنه من الضروري الربط بين هذا السلوك وبين النظرية الاقتصادية، خاصة أن العامل النفسي يقوم بدور فعال في الإنتاج والاستهلاك والإنفاق، وهذا ما يبرز دور العقيدة على السلوك الاقتصادي، ويقوم الجانب العقائدي في الاقتصاد الإسلامي على الأسس التالية:

<!--أن الإنسان بوجه عام مستخلف من الله عز وجل في هذه الأرض لعمارتها واستثمار خيراتها: بناء على تكليف الله له والسلطة التي أعطاه إياها، وإعطائه القدرة على تسخير مواردها واستثمار خيراتها قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً) (البقرة: الآية: 30). وجوهر الاستخلاف هو تفويض الله تعالى للإنسان بخلافته على الأرض وإطلاق يده في هذا الوجود تنعُّماً واستهلاكاً لكفاية ذاته وإحرازاً لوجوده، كما يتضح من آيات كثيرة الجامع فيها تقرير هذا التفويض، لذا فيد الإنسان مبسوطة على العالم وما فيه بما جعل الله له من سلطة الاستخلاف، كما يقرر ابن خلدون في مقدمته. وبناء على هذا الاستخلاف والتفويض تم تكليف للإنسان بعمارة الأرض بقوله تعالى: (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا) (هود: الآية: 61) (وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُـمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ) (الحديد: الآية: 7)؛ فهي إذاً خلافة تلزم الإنسان بإدارة الموارد وعمارة الأرض على نحو ما يحدده المنهج الإلهي من خلال: المذهب الاقتصادي الإسلامي، الذي يحدد علاقة الإنسان بالثروة وعلاقة الإنسان بأخيه الإنسان في إطار العلاقة الإستخلافية المقدسة: علاقة الإنسان برب الوجود تبارك وتعالى.

وتعد فكرة الخلافة الإنسانية التي قررها القرآن الكريم من أهم الأفكار التي تقوم عليها النظرية الإسلامية في الاقتصاد وتمثل المنطق الذي يحدد العلاقة بين الإنسان وما سخره الله تعالى له من أموال وملكيات وسلطات، قال تعالى (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ) (الأنعام: الآية: 165).

<!--أن تسخير الله تعالى الأرض والكون للإنسان واستخلافه فيها يقتضيان انتفاع الإنسان بما خلق الله في الكون واستثماره لما في الأرض من خيرات وثمرات، وذلك بما وهبه من الحواس والعقل وسائر الصفات الجسمية والعقلية التي تجعله أهلاً لذلك على تفاوت بين أفراد البشر، ولذلك أطلق الله عز وجل على هذه المنافع لفظ طيبات (وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ) (الإسراء: الآية:70) وجعل الغاية من الخلق هي كفاية الإنسان قال تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (البقرة: الآية: 29)، وسخرها على نحو يمكن استفادة الإنسان منها فقال (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ) (البقرة: الآية: 22)، (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلا) (طه: الآية: 53)، (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ) ( لقمان: الآية: 20)، (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ) (الجاثية: الآية: 12)، (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) (الملك: الآية 15)، والأنعام ذللت للإنسان ليفيد منها ركوباً وطعماً: (وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ) (يس: الآية:72)، بل وحمولة وفرشاً وعوامل في الحرث والسقي وزينة. (وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ) (الأعراف: الآية:10)، كل ذلك في سياق إعداد المستقر والمتاع اللازم للإنسان وفي هذا قال تعالى: (وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ) (البقرة: الآية 36).

<!--أن السعي في طلب الرزق والانتفاع بما خلق الله في الأرض والكون والنشاط الاقتصادي عملاً وإنتاجاً أو استثماراً أو استهلاكاً ليس غاية في ذاته في النظرية الإسلامية، بل هو وسيلة ضرورية تقضيها طبيعة الإنسان أو فطرته التي فطره الله عليها.

<!--أن استخلاف الله تعالى للإنسان في الأرض عام في البشر لا يختص به فريق دون غيره فالناس كلهم عباد الله؛ وتسخير الأرض وسائر الكون لهم جميعا كذلك دون تخصيص؛ ولكل فرد الحق في أن يقوم بأمانه الاستخلاف ويستفيد من تسخير الكون لمنافعه بقدر استطاعته وحسب قدرته ويحسن أداء هذه الأمانة فيقوم بحقوقها ويؤديها ولا يخون الأمانة.

<!--أن ما يقتنيه الإنسان نتيجة لكسبه من مال لا يعطى صاحبه امتيازاً خاصاً كما لا يلحق به فقدان المال أو الفقر غضاضة: فلا ينقص الفقر شيئاً من حقوقه الإنسانية والاجتماعية، حيث أنها ليست للأغنياء فقط، فليس للأغنياء أي امتياز أو حق زائد على غيرهم باعتبار أنهم أغنياء، ولا ينقص الفقر صاحبه حقاً من حقوقه، فالمال مال الله والبشر مستخلفون فيه
قال تعالى (وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ) (النور: الآية: 33).

<!--يتحمل كل إنسان نتيجة عمله ونشاطه وهو المسئول عنه مسئولية دنيوية بالنسبة لغيره من الناس؛ ومسئولية أخروية أمام الله عز وجل، قال تعالى (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) (المدثر: الآية: 38) فالشريعة قد حددت معالم المسئولية الدنيوية من بيان الحقوق والواجبات في المعاملات وغيرها وكذا بينت الحدود والعقوبات؛ ولكن المسلم يستشعر دائما مع المسئولية الدنيوية المسئولية الأخروية؛ وأنه سيقف أمام الله عز وجل فيحاسبه على الصغير والكبير والنقير والقطمير فيستشعر في ضميره رقابة الله عز وجل.

ثانياً: الأسس التشريعية:

لم يقتصر الإسلام على النصائح الأخلاقية في المجال الاقتصادي؛ بل دعم ذلك وأكمله وأيده بقواعد تشريعيه تنظم العلاقات المالية وتحدد الحقوق وتفرض الواجبات؛ كما أنه تميز عن الأنظمة الاقتصادية الوضعية بعدم الاقتصار على الإلزام الخارجي؛ وقد دعم قواعده الإلزامية بأسس ودوافع عقائدية ونفسية تولد في الإنسان حوافز داخلية لتنفيذ هذه القواعد وتوقظ فيه الضمير والشعور بالمسئولية بالنسبة لواجباته المالية.

وتختلف المصادر التشريعية للنظرية الإسلامية في الاقتصاد عن مصادر النظريات الاقتصادية المعاصرة مما يعطى للنظرية الإسلامية تميزا خاصاً من حيث المصادر الأساسية والمصادر التفسيرية، وهي التميز بالثبات والاستمرار والعموم فضلاً عن الأهداف الإنسانية للنظرية، وتنبع القواعد التشريعية للنظرية الاقتصادية الإسلامية من ثلاثة مصادر هي:

<!--القرآن الكريم:

وهو المصدر الرئيسي للقواعد الأساسية للنظرية في الإسلام، فهو المصدر الإلهي الذي يتسم بالثبات والاستمرار، وتعتمد النظرية الإسلامية في جوانبها المختلفة على التوجيه القرآني سواء في المجال الاعتقادي أو الأخلاقي أو التشريعي، فقد جاءت شاملة لكل ما يتعلق بحياة المسلم موجهة له الوجهة السليمة التي تسمو به عن مجرد النظرة المادية التي قد لا تشبع كل تطلعاته الوجدانية؛ محققه التوازن بين الجوانب المختلفة للحياة لكي تعبر عن المنهج الإنساني السليم للحياة البشرية. ولا شك أن من أهم أهداف التوجيه القرآني رفع الحرج عن الناس والتدرج بهم في التشريع مبتدئاً بالتوجيه الأخلاقي والعقلي مركزاً على الجانب الإيماني المتصل بالعقيدة الإسلامية ومنتهياً بإقرار المبادئ التشريعية التي يحتاج لها المجتمع الإسلامي ومن أثر هذا التدرج ربط الأحكام بمصالح الناس المتجددة والسائرة التطور التاريخي للمجتمع الإسلامي.

ويلاحظ في نهج القرآن الكريم أنه قد تناول الأحكام على وجه الإجمال والعموم تاركاً تفصيل الجزئيات للسنة أو الاجتهاد لكي يعطى في مجال التطبيق العملي مرونة وسعة ولم يتعرض القرآن الكريم للجزئيات إلا في بعض المواطن التي لا تخضع بحكم طبيعتها للتغير الزمني أو المكاني كالعبادات وأحكام المواريث ومن القواعد الإسلامية الهامة التي نص عليها القرآن الكريم قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ) (المائدة: الآية: 1) وقوله عز وجل (وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) (البقرة: الآية: 275) إلى غير ذلك من قواعد ومبادئ اقتصادية مهمة وردت في المصدر الإلهي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

<!--السنة النبوية الشريفة:

وهي المصدر البياني والتفسيري للمصدر القرآني قال تعالى (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) ( النحل: الآية: 44) فالسنة هي المصدر الثاني للتشريع بعد القرآن الكريم، والمرجع الثاني لعلوم الدنيا والدين؛ وفي السنة الكثير من الأحاديث المتعلقة بتنظيم العلاقات المالية كالبيع والتملك والإجارة والشركة والرهن وغيرها؛ كقوله ﷺ (البيِّعانِ بالخيارِ ما لم يتفرَّقا، فإنْ صدقا وبيَّنا بُورِك لهما في بيعِهما، وإن كَذبا وكَتما مُحِقت بركةُ بيعِهما)(<!--) وقوله (لَا تَلَقَّوُا الرُّكْبَانَ وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلَا تُصَرُّوا الْغَنَمَ، وَمَنِ ابْتَاعَهَا فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْتَلِبَهَا، إِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ)(<!--) إلى غير ذلك من أحاديث شريفة وردت بكتب السنة ومتفق عليها.

<!--الاجـتـهاد:

      والاجتهاد ضرورة فرضتها كثرة المشكلات المستحدثة التي استجدت مع التطورات السياسية والاجتماعية بعد أتساع حركة الفتوحات الإسلامية، حيث ظهرت الحاجة الماسة إلى الاجتهاد خاصة بعد وفاة الرسول ﷺ لانقطاع الوحي الذي كان يمثل المصدر المتجدد للأحكام، ووجد الصاحبة أنفسهم أمام مشكلات مستحدثة فكان لابد من الاعتماد على الاجتهاد سواء في شكل إجماع صادر من الصحابة أو اجتهاد يمثل رأى فريق من الصحابة، والاجتهاد في المجال الاقتصادي والمالي حظي بكثير من الأهمية من علماء تخصصوا في الفقه الإسلامي.

ويجب ألا نغفل عن مسئولية الدولة في رسم السياسة الاقتصادية الملائمة لصالح المجتمع والمعبرة عن المقاصد الشرعية والحفاظ على المبادئ والقيم الأخلاقية، ومن هنا أقر التشريع الإسلامي مسئولية الدولة عن منع الاحتكار والاستغلال والظلم والتعامل بالربا والاتجار بالمواد المحرمة.

ثالثاً: الأسس الأخلاقية:

وهى تمثل الضلع الثالث للنظرية الإسلامية في الاقتصاد، حيث أنها تعد بمثابة بوتقة يصب فيها الاقتصاد الإسلامي فتضفي هذه الأسس سهولة ويسرا في تطبيق النظرية الإسلامية في الاقتصاد، فالنظرية الإسلامية في الاقتصاد لا تنفصل عن الجانب الأخلاقي سواء من حيث الوسائل والنظريات، أو من حيث المقاصد والأهداف، ولهذا فإن تدعيم المبادئ الأخلاقية يعد من أهم المقاصد الشرعية المعترف بها ويختلف التشريع الإسلامي عن التشريعات الوضعية في أنه لا يفصل بين القاعدة الأخلاقية والقاعدة التشريعية، وإذا ما تأملنا بعض نصوص القرآن الكريم والسنة المطهرة فمن الممكن الوصول إلى بعض القيم الأخلاقية ومنها ما يلي:

<!--التزام الصدق والأمانة وحظر الغش: فالمسلم بطبيعته يقوم في تعامله على الوضوح والصدق فهذه القيم تنبع من عقيدته فهو دائماً صادق في تعاملاته كلها مع ربه ونفسه وأسرته ومجتمعه وقد حثت الشريعة الإسلامية على الصدق والأمانة في المعاملة قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) (النساء: الآية: 58) وقوله عز وجل (فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ) (البقرة: الآية: 283) ويقول ﷺ (مَن غشَّنا فليس منَّا والمكرُ والخداعُ في النَّارِ)(<!--)،(التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ)(<!--).

<!-- حسن المطالبة: من أعظم ما تبرز فيه القيم الأخلاقية في الاقتصاد الإسلامي هو حسن المطالبة بالدين فالدين هم بالليل ومذلة بالنهار؛ ولم يلجأ إليه الإنسان إلا نتيجة ظروف قاسية تهدد حياته وأسرته وقد أمر الإسلام الدائن بأن يحسن في طلب الدين حتى لا يزيد الهم على المدين وان يتفهم ظروفه ويقيل عسرته؛ كما قال تعالى (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)( البقرة: الآية 280) ليرسم إطار التقاضي بين الدائن والمدين فلا تنقطع أواصر المحبة بينهم. وحتى لا ترتبك المعاملات بسبب مطل المدينين؛ وصيانة للحقوق عرف الفقه الإسلامي نظام الحجر على المفلس عندما يصير المدين عاجزاً عن الوفاء بديونه ويتوقف عن الدفع.

<!--الوفاء: يأمر الإسلام بالتزام الوفاء لمن يباشر النشاط الاقتصادي فيحض القرآن الكريم على حسن الكيل والميزان؛ وما كان اهتمام القرآن بمثل هذا الأمر إلا دليلاً على خطورته على العلاقات الإنسانية والروابط الاقتصادية وحرصاً على أن يقوم النشاط الاقتصادي على أسس سليمة تدعم المجتمع قال تعالى (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً((الإسراء: الآية 35) وقوله تعالى (وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ((المطففين: الآية 1) ففي هذه الآيات نهى شديد ووعيد بالعذاب لمن يطفف في الميزان.


<!--[if !supportFootnotes]-->

 


<!--[endif]-->

<!--))  محمد بن إسماعيل البخاري، الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله وسننه وأيامه (صحيح البخاري)، تحقيق: محب الدين الخطيب، المكتبة السلفية، القاهرة، ط 1، 1400هـ، رقم الحديث: 2110.

<!--))  المرجع السابق، رقم الحديث: 2150.

<!--)) محمد بن حبان البستي، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان، مرجع سابق، برقم: 5559.

<!--))  محمد بن عيسى بن سورة الترمذي، الجامع الصحيح (سنن الترمذي)، تحقيق: أحمد بن محمد شاكر، دار الكتب العلمية، د ط، د ت، رقم الحديث: 1209.

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 194 مشاهدة
نشرت فى 4 إبريل 2019 بواسطة dralaabasuony

dralaabasuony

dralaabasuony
يهدف هذا الموقع إلى تنشيط الثقافة العلمية وفتح المجال المناقشات العلمية البناءة من أجل إثراء المعرفة والعلمية وخدمة المجتمع، وذلك من خلال مناقشة العديد من الموضوعات الاقتصادية والاجتماعية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

20,482