1- جدوى الأستثمار فى مشروعات الأستزراع البحرى
إن جدوى الأستثمار فى مشروعات الأستزراع السمكى بصفة عامة والأستزراع البحرى بصفة خاصة يمكن تقييمها على المستوى الكلى ( القومى ) والمستوى الجزئى ( المشروع ) مع التأكيد على الترابط الوثيق بينهما ، ذلك أن تحقيق الجدوى الكلية تحتم تهيئة الظروف اللازمة لجذب وتشجيع الأستثمار فى هذا النشاط أو بمعنى أخر توفير مناخ الأستثمار والذى يسمح بتحقيق عائد يجذب رؤوس الأموال إلى هذه المشروعات وعليه فعندما ما تتحقق الجدوى الجزئية تتحقق الجدوى الكلية لهذه المشروعات .
إن الحاجة إلى تعظيم الجدوى القومية لمشروعات الأستزراع المائى ترجع إلى زيادة أعباء فاتورة الواردات الغذائية ومنها الأسماك ومنتجاتهاعلى الر غم من إتجاه الإنتاج المحلى إلى الزيادة فى السنوات الأخيرة طبقاً للأحصاءات الرسمية ، كما أن المتغيرات العالمية التى حدثت فى السنوات الأخيرة تضاعف من مخاوف إنكشاف الأمن الغذائى المصرى .
وطبقاً لتقرير التنمية البشرية الصادر عن برامج الأمم المتحدة الإنمائى ( 1993 ) فإن نسبة إعتماد مصر على واردات الغذاء كانت 20% تقريباً فى حقيه السبعينات ، ارتفعت إلى 43% فى أواخر الثمانينات ويرجع ذلك إلى عدة أسباب من أهمها الزيادة السكانية ، إلا أنه على الجانب الأخر فإن تقديرات الميزان الغذائى لجمهورية مصر العربية ( عام 1991 ) والذى يصدره قطاع الشئون الأقتصادية التابع لوزارة الزراعة وإستصلاح الأراضى تشير إلى أن نسبة الأكتفاء الذاتى للموارد الغذائية قدرت بحوالى 79% عام 90/1991 ، أرتفعت إلى حوالى 85% عام 1992 . وهنا يجب التنويه أن الأكتفاء الذاتى من الغذاء ليس ذات أهمية بالنسبة للأمن إذا كان التواصل إليه يتم عبر زيادة مستوى التوازن بين العرض والطلب على الغذاء وليس عندما يعادل الطلب المنخفض على الغذاء العرض المحدود منه . وطبقاً لتصنيف الأمم المتحدة فإن مصر تأتى ضمن مجموعة الدول التى يطلق عليها ( بلدان العجز الغذائى ذات الدخل المنخفض ) وهى البلدان التى حققت عجزاً فى ميزانها التجارى خلال السنوات الخمس الأخيرة ، وأن نصيب الفرد من الناتج القومى الإجمالى يساوى أو يقل عن المعدل المستخدم فى تحديد أهلية الحصول على التمويل من الأتحاد الدولى للتنمية والبنك الدولى وهو 1305 دولار للفرد من الناتج ( طبقاً البيانات 1991 ).
ومما يزيد من تفاقم المشكلة أنه يتم تخصيص حوالى 75% من حصيلة الصادرات لإستيراد السلع الغذائية مما يترك أثاراً سلبية على عملية التنمية من حيث إنخفاض المتاح من هذه الحصيلة لإستيراد السلع الوسيطة والرأسمالية اللازمة ، وأن هذه النسبة معرضة للزيادة لعدة عوامل من أهمها :
- خفض المنح والمساعدات الغذائية الخارجية .
- وقف دعم المنتجات الزراعية فى أوروبا وأمريكا الشمالية مع البدء فى تنفيذ أحكام إتفاقية منظمة التجارة العالمية مما سيؤدى إلى زيادة ملحوظة فى أسعار المواد الغذائية فى الاسواق العالمية .
- تقلص حجم المتاح من المواد الغذائية نتيجة السياسات التى تتبعها الدول المنتجة بهدف المحافظة على مستويات الأسعار وتحاشى تكاليف التخزين مما سيؤدى إلى أرتفاع أسعار هذه المواد .
- تذبذب مصادر النقد الأجنبى مثل السياحة وتحويلات المصريين وإيرادات قناة السويس والبترول نتيجة لعوامل خارجية يصعب التحكم فيها .
- أنتشار مرض جنون البقر وإنخفاض الطلب على اللحوم مما سيؤدى إلى زيادة الطلب على الأسماك وإرتفاع أسعارها فى الأسواق العالمية .
مما سبق يتضح أن مشكلة الأمن الغذائى أصبحت تتمثل فى توفير الموارد المالية اللازمة لتمويل واردات الغذاء المتزايد وكذلك توفير كميات من الإمدادات الغذائية من السوق العالمية . وعليه فمن الأهمية وجود حد أدنى من الإنتاج المحلى يمكن بمثابة خط الدفاع الأول لتأمين الغذاء فى مصر أو بمعنى أخر تعزيز القدرة على تأمين إمدادات الغذاء المحلية عن طريق إستخدام موارد الأرض والمياه بطريقة سليمة من خلال عدة محاور من أهمها تكثيف وتنوع الإنتاج السمكى من الأستزراع المائى وتشجيع الأستثمار فى هذا النشاط سواء بهدف تحسين إنتاجية المشروعات القائمة أو إقامة مشروعات جديدة .
وفى ظل محدودية موارد المياه العذبة والتنافس الشديد من جانب قطاعات مختلفة على إستخدامها ، يصبح من المحتم الأتجاه إلى الأستزراع البحرى على إمتداد سواحلنا البحرية خاصة البحر الأحمر .
2- مجالات الأستثمار فى مشروعات الأستزراع البحرى
أن إستغلال المناطق المتاحة على سواحلنا البحرية ( 200 ألف فدان على البحر الأحمر ) فى مشروعات الأستزراع المائى يمكن أن يتم من خلال ثلاثة مجموعات من المشروعات .
أولاً : المشروعات صغيرة الحجم
وهذ تكون ملائمة لصغار المستثمرين ويكون الهدف منها إنتاج أصناف للأستهلاك المحلى فى المراحل الأولى على الأقل ، وفى هذه المشروعات يكون حجم الأستثمارات المطلوبة وتكاليف التشغيل فى قدرات المستثمر الصغير إلا أن نجاح مثل هذه المشروعات سوف يعتمد على مدى توفير ونوعية الخدمات الإرشادية للمعاونة فى تطبيق التطبيقات المناسبة وتوفير التوجيه الفنى والنصيحة للمستثمر الصغير من خلال توفير عدد ونوعية مناسبة من المرشدين .
كما أن توفير الزريعة فى الوقت المناسب وبالكميات المناسبة يعتبر من أهم أحتياجات هذا الحجم من المشروعات حيث من الصعب أن ينتج كل مزارع الزريعة التى تحتاجها مزرعته ، وعلى هذا فإن إنتاج الزريعة فى مراكز التفريغ وتوفير شبكة توزيع مناسبة تعتبر من أهم الخدمات المطلوبة ، كذلك الحال بالنسبة للأعلاف ، حيث أثبتت التجارب أن الإنتاج صغير الحجم لأغذية مركبة تستخدام مكونات الأغذية محلية يعتبر ذات جدوى إقتصادية ويمكن تنفيذها بإستثمارات مالية محدودة .
وعلى هذا فإن تشجيع صغار المستثمرين للأستثمار فى مزارع سمكية صغيرة الحجم يفتح مجالات أخرى للأستثمار فى إنتاج زريعة الأسماك ومشروعات إنتاج الأعلاف السمكية .
ثانياً : المشروعات كبيرة الحجم
وتهدف أساساً إلى إنتاج أصناف ذات قيمة تسويقية عالية سواء داخلياً أو خارجياً والتى تحتاج إلى إستثمارات كبيرة نسبياً حيث بدرجة من التكامل فى مجال إنتاج الزريعة والأعلاف وحفظ وتصنيع المنتجات ، وكذلك إنشاء وحدات للأبحاث خاصة بها وما يتطلبه ذلك من إقامة مشروعات تجريبية صغيرة وكل هذا يتطلب خبرات إدارية وفنية ذات كفاءة عالية خاصتة فى حالة تصدير المنتجات .
ونظراً لأن هذه المشروعات تكون كثيفة رأس المال فإنها تكون أكثر ملاءمة لكبار المستثمرين الأفراد وصناديق وبنوك الأستثمار .
ثالثاً : المشروعات المشتركة
وتعتبر المشاركة مع مستثمرين أجانب أحد مصادر التمويل لمشروعات الأستزراع المائى كبيرة الحجم ، خاصة عندما تكون هناك حاجة لرأس مال أجنبى لعدم كفاية الأستثمارات الوطنية ، أو عندما تكون هناك حاجة إلى خبرات إستثمارية خارجية أو المعرفة التقنية ، وهذا يتطلب تعريف الشريك الأجنبى بالمزايا المتاحة مثل :
- الظروف البيئية الملائمة على مدار العام وبالمناسبة للأستزراع المائى .
- إنخفاض تكلفة الموقع .
- رخص الأيدى العاملة .
- مكونات مناخ الأستثمار المتاح . ولا شك أن وجود شريك أجنبى فرص للتصدير إلى دولته أو إلى دولة ثالثة والأستفادة من خبراته فى فتح أسواق جديده ، ويجب التنويه أن صناديق ومؤسسات التمويل العربية يمكن أن تلعب دوراً هاماً فى تمويل مشروعات الأستزراع البحرى ، حيث ساهمت فى توفير رؤوس الأموال للعديد من المشروعات المختلفة فى الدول العربية والدول النامية ومن أهم هذه الصناديق :
- الصندوق العربى للأنماء الأقتصادى والأجتماعى .
- صندوق أبو ظبى للأنماء الأقتصادى العربى .
- الصندوق الكويتى للتنمية الأقتصادية العربية .
- الهيئة العربية للأستثمار والإنماء الزراعى .
-البنك الإسلامى للتنمية .
ومع هذا فإن جذب الأستثمارات المحلية والأجنبية فى قطاع الأستزراع المائى يتوقف أساساً على مناخ الأستثمار السائد على مستوى الدولة ومستوى القطاع .
ساحة النقاش