مصطفى الغلاييني
خلق الله الإنسان ليكون عاملاً لما يحُييه، ساعياً في مناكب الأرض*، منتفعاً بخيراتها، دائباً* فيما يعود عليه و على مجموع الأمّة بالخير الجمّ*. و لا يكون ذالك إلاَّ بالإقدام و بذل الجهد.
إنّ السلف الصالح لم يبلغ تلك العظمة الهائلة*، و لم يذلِّل تلك العقبات الصعبة المرتقى، و لم يصل إلى ما يطأطأ* عند ذكره كل رأس، إلا بالإقدام و إثارة الهمة.
و إن الخلف لم يتأخّر عن هذه المرتبة، و لم يقصر عن تلك الغاية، إلا بعد أن تقاعَس* عن العمل النافع، و أحجم عن الأخذ بشَتات الحزم.
إن الأمم كلّها قد نهضت، و بلغت من مختلف المُنى ما بلغت بعد أن كانت هباء منثوراً*، و طِمراً محقوراً*، و عضواً مبتوراً*، و نحن لم نزل في سُبات عميق*، و مكان من التقاعُس سحيق*، و قد كنا السابقين الأوّلين، و الهادين المهديّين.
فأَحيُوا يارعاكم الله ، هذا المجد الداثر، و أقيلوا* ذلك الشرف العاثر، و أنشِروا ما كان من عزِّكم مقبوراً، و لا تجعلوه شيئاً مبتوراً.
إنِّي أرى إن لم تستيقظوا، كفناً منشوراً، و قبراً محفوراً، و هنالك ندعو ثبوراً، فلا نجد نصيراً، و لا نُلفي ظهيراً.
فانهَضوا نهضة تميد* لها الراسيات*، و تسكن عندها الجامحات*، قبل أن تقرعنا القارعات*، و تصخّنا الصاخّات*، فنلتمس الممات، فلا نجد إلا الويلات*.
إنَّ في يدكم أمر هذه الأمّة، و في إقدامكم حياتها، فأقدِموا إقدام الأسد الباسل*، و انهضوا نهوض الروايا *تحت ذات الصلاصل*، تحيَ بكم الأمّة.
و الله لكم معين و هو يجزي المقدمين.
_________________________________