سئل ابراهيم بن أدهم ما تقول في الحكايات؟ قال بالحكايات ثبت الله أقواما فقال تعالى : (وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك)يقصد قصص الأنبياء
لكن شرط أساسي في الحكايات أن تكون موثوقة كواقعة حدثت بالفعل وليس تأليفا من بعض القصاص والمغرمين بالحكايات
والحقيقة أن الحكايات الملفقة والتي تشعر أنها من خيالات الرواة كثيرة جدا ومنتشرة في الكتب فاذا قرأت "إحياء علوم الدين" مثلا وجدته مملوءا بحكايات لو قيلت على المنبر لأثارت جدلا واسعا وكذلك كتاب "لطائف المعارف" للامام ابن رجب
مشكلة الحكايات أن بعض الخطباء تعجبه الحكاية فيحكيها على المنبر بلا تدقيق ظنا منه انها رائعة وتخدم المعنى او الموضوع الذي يلقيه بقوة لكنه لايلتفت الى جانب سيء في الحكاية قد يكون مخالفا للشرع مخالفة صريحة أو قد يصعب فهمه أو تمريره من السامعين دون أن يدل على معنى غير صحيح شرعا
خذ مثالا ماحكاه ابن رجب في لطائف المعارف : وكان بعض العلماء المشهورين له مجلس للوعظ، فجلس يوما فنظر إلى من حوله وهم خلق كثير، وما منهم إلا من قد رق قلبه أو دمعت عينه فقال لنفسه فيما بينه وبينها: كيف بك إن نجا هؤلاء وهلكت أنت ثم قال في نفسه: اللهم إن قضيت علي غدا بالعذاب فلا تعلم هؤلاء بعذابي صيانة لكرمك لا لأجلي لئلا يقال: عذب من كان في الدنيا يدل عليه، إلهي قد قيل لنبيك: اقتل ابن أبي المنافق فقال: (لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه) فامتنع من عقابه لما كان في الظاهر ينسب إليه وأنا على كل حال فإليك أنسب.
فهذه حكاية عن حال انسان فيما بينه وبين ربه وأحوال الناس تختلف من واحد لآخر فلا يصح تعميمها وكل انسان له بينه وبين ربه أحوال قد يصح منه فيها مالايصح من غيره وقد يعذره ربه في أسلوب خطابه ولا يعذر غيره فلو حكيناه على المنبر فبالتأكيد سيثير مسائل جانبية في نفوس البعض والحال الذي لاخلاف عليه هو حال الأسوة الحسنة صلى الله عليه وسلم
لذا فالخطيب البصير لايحكي أي حكاية عل المنبر قبل أن يدقق أولا في صحة هذه الحكاية وثانيا أمانها من معان سيئة تثيرها في نفوس السامعين
ساحة النقاش