حرصت مصر - بعد ثورة 25 يناير – على إعادة ترتيب أولويات سياستها الخارجية، بما يعيد التوازن في علاقاتها التي كانت سائدة على صعيد كثير من القضايا والملفات, وفي مقدمتها العلاقات المصرية – الافريقية، التي أتاح غياب مصر عنها لقوى أخرى فرصة التسلل إليها، وتهديد مصالحها بها.
ومن هذا المنطلق، يمكن فهم زيارة رئيس الوزراء إلى جنوب أفريقيا، والتي رأس خلالها وفد مصر في القمة الثانية لتجمعات منظمة الكوميسا ومنظمة السادك وتجمع شرق أفريقيا، وهي القمة التي تهدف إلى إقرار مشروع إقامة منطقة تجارة حرة بين هذه التكتلات التى تضم 26 دولة إفريقية، بما يسهم في فتح آفاق جديدة للتعاون التجاري والصناعي، وإقامة مشروعات استثمارية مشتركة لتحقيق التنمية المستديمة لدول القارة الإفريقية.
وتعكس هذه المشاركة حرص مصر على تدعيم علاقات التعاون والصداقة مع الدول والتكتلات الأفريقية بشكل عام والدول الأعضاء في الكوميسا بشكل خاص، من خلال السعي لإبرام الاتفاقات التجارية معها، وزيادة حجم التبادل التجارى بينها وبين الدول الأفريقية الذي يعد ضئيلا مقارنة بحجم تجارة مصر مع العالم، وهي إشكالية كبيرة يجب العمل على علاجها مستقبلاً.
ومن المقترحات المفيدة في هذا الشأن: فتح فروع للبنوك بهذه الدول، وتأسيس نظام تأميني محلي شامل وفعال لخدمة المصدرين المصريين، وإعداد قاعدة بيانات حديثة عن احتياجات الأسواق الأفريقية من السلع والخدمات وأذواق المستهلكين به، والعمل على توسيع الدعاية للمنتج المصري، والتواجد الفعال في المعارض الأفريقية.
وفي كل الأحوال، فإن مشاركة مصر في تلك القمة هي خطوة هامة تتكامل مع غيرها من المقاربات السياسية التي أبدتها مصر بعد الثورة تجاه إفريقيا ومنها: جولة رئيس الوزراء في كلاً من أوغندا وأثيوبيا, وزيارة وفد الدبلوماسية الشعبية للبلدين، والزيارات المماثلة للسودان، توجه رسالة بأن مصر مصممة على فتح صفحة جديدة مع إفريقيا، ترتكز على الثقة والمصالح المتبادلة، وإعادة توظيف سياستها الخارجية بما يحقق مصالحها على مختلف الدوائر والاتجاهات.
|
ساحة النقاش