هل الطموح المادي غاية الانسان في الحياة ...؟ وهل الحياة أكبر من الإنسان أو العكس ...؟ وهل يستطيع الكائن البشري التكيف مع الدنيا ويعيش وفق ظروفه ...؟ أم إنه لا يستطيع وبالتالي هي من تقوده وتتحكم به ...؟ فالأراء مختلفة حول ذلك وفق عوامل تتعلق بالشخص ذاته فهناك من يقول بأن الحياة تجبر الأفراد على الإنسياق وفق قوانينها الإجتماعية صائبة أم خاطئة وبالتالي لا يستطيع الإنسان إلا وأن يتكيف معها ليكون خاضعا لها ولا يستطيع أيضاً الخروج عنها وإجتهاد آخر يقول بأن الفرد هو قوة الحياة التي تدور في فلكه ويستطيع من خلال إرادة فكره وقوة رؤيته أن يكيف الحياة ويعيش في كنفها خارجا عن السرب بشيء لا يؤثر فيه على الأخرين أو يبتعد عن قواعدهم ... وبما إن الحياة عبارة عن بناء له عدة نوافذ تطل على فسحة واسعة فإن كل نافذة ولها رؤيتها وفق الجهة والإتجاه وقوة النظر التي تنطلق منها وعليه فإن كل الخطوط التي يكتبها الناظر صحيحة من وجهة نظره والإختلاف في هذه الحالة لا بد منه ولكن يجب أن نقف قليلا عند هذا المنطق لنخرج برؤية موحدة وإن اختلفت النظرة ... ولا يمكننا الوصول إلى منطق واحد إلا باستعراض نقاط إلاتفاق ليبدأ بعدها النقاش و إولى هذه النقاط للرد على أصحاب الرأي الأول رحلة بسيطة إلى عجائب الدنيا إلى إهرامات مصر خوفو ومنقرع وخفرع ... لنتأكد وبعد دراسات طويلة وبحث متواصل بأن كل حجر في الهرم الواحد تصل زنته إلى أكثر من 2000 كيلو وقد يصل عرض إحداها إلى متر ونصف أو أكثر وقد إنتهى البناء بعد أكثر من ثلاثين عاما على البدء فيه وجميعنا يدرك آلية العمل في ذاك الزمن ويعلم ماهية الإمكانيات والأدوات المستخدمة في نقل ورصف واسقاط الصخور من مكان لآخر كما إننا نعرف لعبة الفصول وتأثيرها على حركة الإنسان ومع هذا وبشيء من التنظيم الإداري استطاع الإنسان المصري أن يبني الهرم ويكفي أن أشير إلى ما جاء به الدكتور (( زاهي حواس )) بأن هناك خمسة الاف شخص كانوا هم الأساس الدائم والمستمر في مشروع البناء وهم على رأس عشرين ألف عامل ينقسمون إلى فرق وكل فرقة إلى صف وكل صف إلى شعبة ولكل واحدة منها عملها الخاص حتى تتم المرحلة المنوطة بهذا العدد فيتم استبداله بأشخاص آخرون وبنفس العدد وهكذا حتى وجدنا معجزة إلانسان مازالت تحكي قوة إلانسان وقدرته على امساك الحياة بيده وإخضاعها لإرادته ان أراد ذلك وقد يصرخ سائل فيقول لقد كان باني الهرم مجبر على العمل بقوة السياط فأقول وفق الإكتشافات الأخيرة في مصر ومن عدة علماء من كافة الدول الأوربية وعلى رأسهم علماء الأثار المصريين ومن بينهم ( زاهي حواس ) بأن بناء الأهرام كان مشروعا دينياً وطنيا تسابقت إليه العقول والأيادي المصرية وفق المعتقد الديني ... بدليل إن البحث قد توصل إلى طبيعة التعامل بين العمال وبين المسؤولين في ذاك الوقت فكان التنظيم الإداري يقضي بتلبية حاجات العمال من مأكل ومشرب حتى إنهم كانوا يستوردون قطعان الماشية من أقصى البلاد مما يؤكد بأن باني الهرم هو مصري إبن مصري وهذا رد على بعض الأصوات القائلة بأن الفراعنة استعانوا بغرباء عن مصرلبناء الهرم كما إنه يؤكد بأن الإنسان هو من يصنع الحياة ويكيفها وفق إرادته لتكون ملك يديه فيصبح القادر على التحكم بها بشرط أن تكون غاية الكائن البشري في الحياة هي البناء والعمل وأن يكون طموحه معنويا وليس ماديا وهذا لا يعني التقليل من القيمة المادية في حياتنا ولكنها ليست غاية في حد ذاتها لأنها وسيلة عيش وليست طموحاً نسعى إليها فنخطئ الطريق فنصبح أشد بلاءً من البعير ... صباح الحياة في إنسانها الجميل ... صباح الخير ...
بقلم حسين النايف عبيدات
ساحة النقاش