لم يعد لديك مزاج للمزاح ولا مزاج للبكاء جردتنا من فروق اللغة والجنس والعصر لتلخص الوجود بالحوادث المارة بنا. سأرسم لك بيتا من أهدابي وهى تطفح بالدموع سأعتزل الغناء وأنا ألحن آخر قصائد الوجع لطيور البجع. تتعانق المدن على جبينك, تحتفل الكلمات الضالة في صدرك المهزوز وأنت تخفى ما فعله بك السعال والهزال. عندما ينزل إليك السقف في خجل وأنت في حالة تصالح مع الأمكنة والسماوات تقذفني السنوات التي لا تعود إلى شواطئ المنفى اغتسل بالملح وأنا أحلى العمر المارد بالهجاء. هل مازلت بحاجة؟ إلى فصادة معنوية لنحي معا سهرات مع الموتى وكأن جبران يقول لك مرة أخرى في فمي حجر صلد. الكلمة موجودة في قلبي مجنحة وحية ولبد من قولها لتزيل بوقعها ما أوجدته ثرثرتي من ذنوب. تلتقي الألفاظ المقطعة في الضباب تشق طريقك إليها في صمت وعناد تجمعها لتتجمع قوى إكتئابك عميقة ومرهفة وأنت وحيد في هده الدنيا التي لا وطن لها. عند الشفق تلتقي الأرواح وتتجمهر كأنها تتداول في إنشاء عوالم جديدة وأنت كما أنت تنتظر الوجوه الأليفة وتفتح نوافذ البصيرة ثم تتقمص صور المتصافين.

ما أضيق غرفتك بل ما أضيق الحياة عندما لا تتحملك. لم تهزمك الجدران الثقيلة ولا لحظات التعارف والنسيان كيف لك أن تملك نفاق البشر وأنت لا تمتلك عفشا وعرشا مازال لديك عشا وقلما لا يغش .أدخلني من بوابتك الخلفية أجلسني وراء الوجوه المجعدة علني أقول لك الذي لا يهمك .وجدت خريطة الكنز فلنسرق مراكب الوقت المصلوب ولنبحث عن مدينتك الفجائية لنأكل معا الكبة والفلافل ثم نهجرها وأنت تعيد صياغة الكون واللون.. أيها السهيل من أقعدك بعيدا عن أعراس الشمس وكلل تنهيداتك بالغدر تبا لهؤلاء الذين لا يرون الريش يتساقط من جناحيك ولا يلمحون قلبك الذي أغلقته على الفراغ والوحشة. أحاول دون إذن منك أن اعتصر ثمار عمرك كدت أ نهار وأنهدر فاستنار ذهني لأعود بدوني لأقص عليك حكا يا أقوام البرزخ وأنا اصف لك أفراحهم المجردة من الجسديات والمدسوسات وعن حياتهم التي لم يعد تمزقها المقاومة والنزاع. أيها السهيل علينا ألا نفترق و أن نخرج من المغارة وننحت أشياء أريدها أن تكون لك وحدك لا أريدك أن تدخن أنفاسك تعالى إلى حيث تتجلى الأرواح المهاجرة إليك ستنتصر عندما يعود الوعي إلينا عبر جسورك فلا تدخن ما تبقى من العمر وتنفسني حتى لا تختنق. أريد أن اخزن لك ما طاب ولذ من الكلام أريد أن أحقنك بالفرح القاتم وأنا أحاور معك عصر الاسمنت الخالص. أيها السهيل في مساحات البياض يمكننا أن نفضفض على الطريقة الدمشقيةأو على الطريقة العاصمية ونحن نحترق قبل الأوان نتزين بالرماد ونفترس التوحش برقتنا القاتلة وعفتنا الزائدة. هل يعنى لك قصر علاء الدين شيئا؟ هل علينا أن نوهم أنفسنا في الليالي المريطة بان النجوم تتغزل بنا ونحن حفاة كالسلحفاة تصغر أشيائنا وتتقلص بداخلنا فعالمنا يقزم أمثالنا ويفرض علينا الانتحار. مازال هناك وقت لنقوم ببعض الدروس الخصوصية وأجرنا على الله سندرب عيون الفارين منا كيف تلتهم كرامة المبدع وكيف تزوده بالذل وهو لا ينحني إلا عندما يكتب أناه على سطر الحزن الملون بالشقاء. هل تريد شقفة تمر واحدة تزودك بالكبرياء أم انك لا تشتاق إلى أكل ما هو حلو لأنك تعلم بان المر هو حكمة الوجود فقل لهم بان أهل الجبان لاتهمهم العراجين المعلقة فيي رقاب من ماتوا... أيها السهيل سنفتح صناديق الصدقات الجارية ربما سيكون لنا نصيب فيها أو ربما سيقال بأننا لا نملك ما يسد الرمق وعلينا أن نحصل على القوت قبل أن نموت من الجوع اعرف بأنك لا تجوع ككل البشر واعرف بأنك تغامر بالأوقات الغريزية من اجل فكرة تخلدك كعقل تفتق على الرسالات السامية .لن نأكل شيئا و لن نمد أيدينا مازال عندنا الكثير من الورق والأمل هل علينا أن نقترف الجرم نفسه ليقال بأننا أبرياء من الكتابة ؟هل علينا أن نخاطر ونحن نتسلق نفس العذابات ليقال بأننا لاشيء لدي شعور بان الموت هي أحسن طريقة للنجاة وبان حياتنا هي أسوأ طريقة لكسب الوجع علينا أن نرتد قبل أن يحين الأجل. أيها السهيل لن تعود فصول القطاف ولن يعتذر منا أحد إننا ككل الذين مروا من هنا لم يتذكروهم إلا عندما أرادوا أن يذكروا الناس بأنفسهم وهم يتمسحون بالتوابيت وبالنعوش المعذبة تحت أقدامهم. لا أحب أن أكون سخيفا أريد أن امتلأ برحلات الزهد والمسميات التي اختلف حولها القوالون والمذنبون فالجرأة عندنا أن نحترم حواسنا وأشلاء الآخرين .اننا نستطيع تحمل ضعفنا وعجزنا وأن نقول لسنا ملائكة و الخطيئة الأصل هي عندما تنعى الضمير وتجوعه وتنسى بان للكتابة قلوع لا يحتمي بها إلا متعفف ناطق بالفضيلة فاعذرينا أيتها المدن المائلة علينا أن نؤثث قلوبنا الواسعة بقيم الإنسان المنقرض ونحن نفتح مجالات للكآبة صد قينا أيتها التائهة في عالم القصارى.أننا لن نموت من الجوع ولا من البكاء ولكننا قد نموت من الضحك أو القرف و آخرون يموتون من الترف. مازلت أحاول أن اخترقك وأنا افتح فوهة في العيون اللحوحة لا رسم لك وجها على مقاسك لن يكلفني الأمر كثيرا كي امحوا تلك التقاسيم الكئيبة وأمنحك أكاليل الغار لنشرح صدورا تشبه القفار.أيها السهيل سأكرر معك نفس اللعبة التركيبية ربما سنشكل بيتا كبيرا وعائلة وأحلام جاهزة للموت. اللعب بالغد يورطنا يجعلنا أكثر حماقة علينا ألا نحترس وان نغامر بالشيء الوحيد الذي نمتلكه.. أعمارنا الزهيدة.ما أروع أن نجن وان نبقى على سجيتنا نفتش عن متاهات جديدة في ذاكرتنا الحديدية.مازلت أحلم من أجلك ومن أجلي وأنا أعجن الحروف وأخفيها في حلقي حتى تعتقد بأنني الموناليزا بشحمها ولحمها جاءت عبر آلة الزمن لتفشى لك أسرارا خطيرة تهدد وجودك في هذا القبو ا وتمنحك فرصة جيدة لتبتسم بالطريقة السحرية نفسها دون أن تكون الدونجوان .
أيها السهيل علينا ألا نفترق و أن نخرج من المغارة وننحت أشياء أريدها أن تكون لك وحدك لا أريدك أن تدخن أنفاسك تعالى إلى حيث تتجلى الأرواح المهاجرة إليك ستنتصر عندما يعود الوعي إلينا عبر جسورك فلا تدخن ما تبقى من العمر وتنفسني حتى لا تختنق.

 

بقلم

لطيفة حرباوى

المصدر: بقلم : لطيفة حرباوى محررة صحفية إلكتروني
caheft

صحيفة الأدب العربى الإلكترونية

  • Currently 42/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
13 تصويتات / 288 مشاهدة
نشرت فى 7 يونيو 2011 بواسطة caheft

صحيفة الأدب العربى الإلكترونية

caheft
صحيفة الأدب العربى الإلكترونية - على كنانة أون لاين »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

173,477