مفردات الشجاعة
عرف العرب بشجاعتهم وشدة بأسهم، فكانوا يربون أبناءهم على الشجاعة والفصاحة عندما كانوا يرسلونهم إلى الصحراء ليتعلموا من البدو فصاحة ألسنتهم وشجاعة قلوبهم. وأدرج العرب تحت مفهوم الشجاعة مجموعة من الصفات وهي الكرم، والنجدة، وكبر النفس، والاحتمال، والحلم، والثبات والنبل، والشهامة، والوقار
أما الكرم فهو وسط بين البذخ والنذالة، وهو طيب النفس بالاتفاق في الأمور الجليلة القدر، العظيمة النفع وقد يسمى حرية. وأما النجدة، فهو وسط بين الجسارة والانخذال، وهو ثقة النفس عند استرسالها إلى الموت، مهما وجب ذلك من غير خوف. وأما كبر النفس فهو وسط بين التكبر وصغر النفس
وأما الاحتمال فهو وسط بين الجسارة والهلع، وهو حبس النفس عن مسايرة المؤذيات، وأما الحلم فهو وسط بين الاستشاطة والانفراك، وهي حالة تكسب النفس الوقار، وأما الثبات فهو شدة النفس، وبعدها من الخور، وأما الشهامة، فهو الحرص على الأعمال توقعاً للجمال، وأما النبل فهو سرور النفس بالأفعال العظام. وأما الوقار فهو وسط بين الكبر والتواضع، وهو أن يضع نفسه موضع استحقاقها لمعرفته بقدرها
وأما رذيلتا الشجاعة، وهما التهور والجبن، فيندرج تحتهما البذخ، والنذالة، والجسارة، والنكول، والتبجح، وصغر النفس، والهلع، والاستشاطة، والانفراك، والتكبر، والتخاسس، والتعجب، والمهانة، فما يميل منها إلى جانب الزيادة، فهو تحت التهور. وما يميل إلى جانب النقصان، فهو تحت الجبن. فأما البذخ فهو الإنفاق فيما لا يجب من الزينة، وغيرها طلباً للصلب. وأما النذالة فهي الدناءة وترك الإنفاق فيما يجب، والافتخار بالأشياء الصغار، وأما الجسارة، فالاستهانة بالموت، حيث لا تجب الاستهانة، وأما النكول، فهو الانقباض فيما لا يجب عنه الانقباض، خوفاً من الهلاك، وأما التبجح فهو تأهيل النفس للأمور الكبار، من غير استحقاق. وأما الجسارة، فهي قلة التأثر بأسباب الهلاك، من غير أثر جميل تقتضيه، وأما الهلع، فهو سوء احتمال الآلام والمؤذيات، وأما الاستشاطة فهي سرعة الغضب وحدته، وأما الانفراك، فهو بطء الغضب وبلادته، وأما التكبر فهو رفع النفس فوق قدرها، وأما التخاسس، فحط النفس في الكرامة والتوقير إلى ما دون قدرها، فإن كان على الوجه الواجب سمي تواضعاً محموداً. ولذلك قال عليه السلام "طوبى لمن تواضع من غير منقصة، وذلّ في نفسه من غير مسكنة
ابن الرومي
وما في الناسِ أجودُ من شجاعٍ وإنْ أعطى القليلَ من النوالِ
وذلك أنّه يُعطيك مِماً تُفيءعليهِ أطرافُ العوالي
وحسبُك جودُ مَنْ أعطـــــاكَ مالاً جباهٌ بالطّرادِ وبالنّزال
شرى دمَهُ ليحويَهُ فلمـــــــــّا حواهُ حوى به حمدَ الرجال