مصرنا الحبيبة

الماضي والحاضر والمستقبل

 

من أبرز صفات رسول الله

ضبط النفس . . فضيلة إسلامية غائبة

 

 

علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ما يحقق لنا الطمأنينة والرضا ويجعلنا نحظى برضا الخالق والمخلوق، ولكننا للأسف ابتعدنا كثيرا عن هدي رسول الله وأهملنا توجيهاته النبوية القويمة فشاعت بيننا البغضاء وانتشرت السلوكيات المرفوضة واختفت قيم الرحمة والتكافل والمودة والعفو وغير ذلك من فضائل الإسلام التي تجسدت في سلوكيات الرسولصلى الله عليه وسلم وأقواله وتوجيهاته الكريمة

وقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف نتحلى بفضيلة ضبط النفس بحيث نسيطر على مشاعر الغضب التي تنتابنا من وقت لآخر وكيف نكون قدوة طيبة لغيرنا في التسامح والرحمة والعفو عند المقدرة .

 

التوجيهات والوصايا النبوية التي تحمل هذه المعاني الجميلة والسلوكيات الحضارية كثيرة ومتنوعة . . منها قوله صلى الله عليه وسلم:

 

“ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب” .

 

وسأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا: يا رسول الله، أوصني . فقال صلى الله عليه وسلم: “لا تغضب”، فردد مرارا، فقال: “لا تغضب” .

 

وسأل ابن عمرو رضي الله عنه، النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، ماذا يباعدني من غضب الله؟ فقال: “لا تغضب” .

 

وعن أبي الدرداء، أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم قائلا: “دلني على عمل يدخلني الجنة فقال: “لا تغضب” .

 

دليل قوة

 

هذه الوصايا النبوية تؤكد ما لرذيلة الغضب من تداعيات شديدة الخطر على الناس “المغضوب عليهم أو منهم” وأيضا على الإنسان “الغاضب” ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يُوْصِي صحابته وكل المحيطين به بعدم الغضب وكان يوصيهم دائما بحسن الخلق، الذي هو أثقل شيء في الميزان يوم القيامة . . وهو هنا يدلهم على باب عظيم من مكارم الأخلاق، وهو: ترك الغضب، وكف النفس عند الغضب .

 

روي أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، من قبل وجهه فقال: أي العمل أفضل؟ فقال: “حسن الخلق” . ثم أتاه عن يمينه فقال: أي العمل أفضل: قال: “حسن الخلق” . ثم أتاه عن شماله فقال: أي العمل أفضل؟ قال: “حسن الخلق” . ثم أتاه من بعد  يعني من خلفه  فقال: أي العمل أفضل؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “ما لك لا تفقه؟ حسن الخلق، هو ألا تغضب ما استطعت” .

 

الدكتور محمد عبدالغني شامة أستاذ الثقافة الإسلامية في جامعة الأزهر يؤكد أن ضبط النفس وكظم الغيظ عند الغضب ليس دليل ضعف، ولكنه دليل قوة شخصية المسلم الذي يتمتع بهذه الفضيلة، ولذلك كان من أبرز صفات رسول الله صلى الله عليه وسلم الحلم وكظم الغيظ والعفو عن المسيء، وقد قال صلى الله عليه وسلم يوماً لأصحابه: “ما تدعون الصرعة منكم؟” قالوا: الصرعة الذي يصرع الناس كثيراً، وهو الرجل القوي الشديد الذي لا يغلب، فقال صلى الله عليه وسلم: “ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب” .

 

وفي وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم الداعية إلى عدم الاستسلام للغضب إشارة إلى ما وقر في الصدور من أن القيمة التي تتبين بها أقدار الرجال ليست هي القوة المادية التي بها يستطيع المرء أن يقهر خصومه ويتغلب عليهم كما كان الأمر سائدا بين العرب في جاهليتهم، فقد عمد الإسلام منذ بزوغ فجره إلى اقتلاع جذور هذه الرذيلة الممقوتة التي قد تسلخ المرء من آدميته فيصبح كالوحش في سلوكه .

 

درجات الغضب

والناس في غضبهم على درجات ثلاث من التفريط والإفراط والاعتدال . فأما التفريط فيفقد صاحبه القوة الغضبية أو يضعفها. وذلك مذموم وهو الذي يقال فيه إنه لا حمية له وفيه قال الإمام الشافعي “من استغضب فلم يغضب فهو حمار” وقد وصف الله أصحاب نبيه بالشدة والحمية فقال: “أشداء على الكفار رحماء بينهم” والغلظة والشدة من آثار قوة الحمية وأما الإفراط فهو حينما تغلب صولة الحمية حتى تخرج بالمرء عن سياسة العقل والدين وطاعته، ولا يبقى للمرء معها نظر ولا فكر ولا اختيار بل يصير في صورة المضطر، وقد يكون ذلك نتيجة أمور غريزية يصير بها المرء في صورة الغضبان، وقد يكون نتيجة التأثر بالبيئة المحيطة به والتي ترى التهور وقوة الغضب شجاعة .

 

وأما أثره في القلب من المغضوب عليه فالحقد وإضمار السوء والشماتة والعزم على إفشاء السر وهتك الستر والاستهزاء وغير ذلك من القبائح فهذه ثمرة الغضب المفرط .

 

وإنما المحمود من الغضب: غضب ينتظر إشارة العقل والدين فينبعث حيث تجب الحمية وتنطفئ جذوته حيث يحسن الحلم .

 

وحفظه على حد الاعتدال هو الاستقامة التي كلف الله بها عباده وهو الوسط الذي وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال “خير الأمور أوسطها” .

 

وفى مواجهة حمية الغضب المرفوضة التي تؤدى إلى التنازع والتقاتل بين الناس رسخ رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفوسنا كل القيم الفاضلة والأخلاق الحميدة التي تحمينا من كل الأزمات وتوفر لنا حياة سعيدة مستقرة، فأخلاقيات الإسلام توفر للإنسان السعادة والرضا وتزيل كل ما في نفسه من أحقاد وضغائن تجاه الآخرين .

 

حسن الخلق

 

وتعلمنا من رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أن أخلاقيات الإسلام كل لا يتجزأ، فالمسلم مطالب بالتخلق بقيم الرحمة والعفو والصبر والشكر والأمانة والوفاء والصداقة والتعاون على البر والتقوى والتواضع والحياء وغير ذلك من الفضائل التي جاء بها الإسلام .

 

والتزام الإنسان بكل هذه القيم لا شك يوفر له الاستقرار النفسي والسكينة والسعادة ويخلق له حالة من الرضا الداخلي ويحسن علاقته بالآخرين

 

وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه مثلا أعلى للخلق الذي يدعو إليه، وكان يغرس في أصحابه هذا الخلق السامي بسيرته العطرة، قبل أن يغرسه بما يقوله من حكم وعظات .

 

قال عنه خادمه أنس بن مالك رضي الله عنه: “خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين، والله ما قال لي أف قط، ولا قال لشيء فعلته لم فعلته، ولا لشيء تركته لم تركته . كانت الخادمة تأخذ بيده فتنطلق به إلى السوق ليعاونها في قضاء ما كلفت به” .

 

إن الواقع المؤلم الذي نعيشه في بلادنا العربية والإسلامية وما فيه من مشاحنات ومشاجرات وجرائم قتل وهتك عرض ومظاهر انتقام بشعة بين الناس في ظل غياب القيم الأخلاقية أو تلاشيها في حياة كثير من المسلمين كبارا وصغارا يفرض علينا أن نصرخ لاستعادة قيمنا الأخلاقية المفقودة لكي تستقر حياتنا النفسية والاجتماعية، وتكون علاقات المسلمين بعضهم مع بعض وعلاقاتهم بالآخرين بالصورة المثالية التي رسمها الإسلام وأرادها لضبط إيقاع الحياة بكل ما هو جميل ومثالي وأخلاقي .

 

التربية الأخلاقية

 

إن البلطجة الأخلاقية التي نعيشها الآن نتيجة غياب قيم وأخلاقيات الإسلام ومنها ضبط النفس ستقودنا حتما إلى حياة صعبة وكئيبة وكلها مشاكل وصراعات ومشاحنات وجرائم وانحرافات، ولذلك لابد من التربية الأخلاقية التي أرسى قواعدها وأسسها الإسلام، وهذه التربية ليست مسؤولية الوالدين فحسب، بل هي مسؤولية كل القنوات والمنابر ووسائل التوجيه داخل المجتمع فإذا كان الآباء مسؤولين عن ضبط الإيقاع التربوي والأخلاقي داخل المنزل فإن المدرسة مسؤولة عن ضبط الإيقاع التربوي داخلها وخارجها، فالتعليم لم يكن أبدا وسيلة للحصول على شهادة ورقية تتيح للإنسان في المستقبل أن يعمل في وظيفة ما . بل التعليم الحقيقي هو الذي يضبط سلوكيات الإنسان ويرتقي بأخلاقياته، ويخلصه من نوازع الشر، ويقوده إلى كل ما هو حق وعدل . أيضا المسجد ووسائل الإعلام والأندية الشبابية عليها واجبات أساسية في ضبط الإيقاع الأخلاقي في المجتمع، وعندما تقوم كل وسيلة أو منبر تربوي أو تعليمي أو إعلامي أو ديني بدوره فسيتحقق الهدف السامي الذي نسعى جميعا إليه

 

 

المصدر: الدين للحياة
belovedegypt

مصرنا الحبيبة @AmanySh_M

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 2949 مشاهدة

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

636,215

عن الموقع

الموقع ملتقى ثقافي يهتم بالثقافة والمعرفة في كافة مجالات التنمية المجتمعية ويهتم بأن تظل مصرنا الحبيبة بلدآ يحتذى به في القوة والصمود وأن تشرق عليها دائمآ شمس الثقافة والمعرفة والتقدم والرقي

وليعلو صوتها قوياّ ليسمعه القاصي والداني قائلة

إنما أنا مصر باقية

مصرالحضارة والعراقة

مصرالكنانة  

 مصر كنانة الله في أرضه