مصرنا الحبيبة

الماضي والحاضر والمستقبل

authentication required

ومضات تنموية

حسن التعامل مع الآخرين

د. عبداللطيف العزعزي

يقول علماء الاجتماع إن الإنسان مخلوق اجتماعي، وإنه كتلة من المشاعر والأحاسيس، والواقع يؤكد ذلك منذ بدايات التكوينات المجتمعية التي عاشها الإنسان. فللإنسان حواس يدرك بها العالم من حوله، ويتفاعل معه، ولعل أقوى هذه الحواس “الفؤاد”، ذلك العضو الذي إذا صلح صلح سائر الجسد، فهو يعتبر مكمن الوعي والمشاعر

تخيل عزيزي القارئ أن العالم ليس فيه من البشر سواك أنت، فلمن ستستمع ولمن ستتحدث ولمن ستشعر ومع من ستتعامل، ومن سيتجاذب معك أطراف الحديث، ومن سيؤنس وحدتك؟! فسبحان الخالق جل علاه الذي خلق آدم عليه السلام، وخلق له حواء من ضلعه ليأنس بها، وتبدأ السلالة البشرية بالتكاثر والنمو وعمارة الأرض على الوجه الصحيح، ولكن وفق ماذا؟ إنها وفق منهاج حكيم، قال تعالى: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ” الحجرات:13

فالتعارف والتعامل صفة الخلق، فلولاها لأصاب الإنسان الضيق والكدر ولاستوحش. والشيء المؤسف أن هناك فئة من الناس حرموا نعمة التعامل الصحيح مع الآخرين، نعمة الحب والود واللباقة، ونعمة الشعور بمتعة ذلك، فالنفس السليمة تسعد إن أسعدت أحداً، وتحزن إن جرحت أحداً. ولكن للأسف نجد عند فئة منهم نشوب الخلافات، وجفاء الصدور والفرقة والمكائد وغيرها. نجد القلوب وقد ملأها الحقد والغل والكره والمكر، فعملت الألسن بما كنزته النفوس وجرى أثرها على الجوارح بأنواع الأفعال السيئة وألوانها. فوجدنا منهم غليظ القلب قاسي الطباع، سيئ الخلق. ووجدنا منهم القاطع لأهله ورحمه وأصدقائه ومجتمعه، والمعادي لجاره وأحبابه. نقول لهؤلاء: “الناس ثروة فمن أحسن التعامل معهم جنى منهم ما لا يجنيه الأغنياء”، وقد قيل قديماً: “الجار قبل الدار، والنفوس بطبيعتها تجتمع عندما يألف بعضها بعضاً

وهذا الأمر يتضح في كثير من البلدان العربية، خاصة بين الأحياء التي اعتادت العيش كعائلة واحدة هدفها واحد وهمها واحد، أحياء تعيش ببساطتها ونقاء قلوب أفرادها، يسأل هذا عن ذاك، ويزور هذا جاره، ويرعى الآخر أسرة صديقه المسافر، ويأتي ذلك بالرغم من انشغاله ليعود لأخيه المريض. متماسكين وقت الشدة والرخاء، في الفرح والحزن .. إلخ. أجواء تشعر الإنسان أن له جذوراً ممتدة في أعماق أعماق الأرض تدفعه للتقرب من الناس حتى وإن لم تربطه بهم صلة دم أو قرابة أو نسب. يتبسم هذا في وجهه، ويصبّح ذلك عليه، ويربت هذا على كتفه. يقول له هذا: “نحن معك”، ويقول له آخر: “نحن أهلك، والبيت بيتك”. فكم تساوي هذه البيئة عند السلبيين من قساة القلوب ممن حرموا نعمة الإحساس “بالحياة” بمفهومها الاجتماعي الصحيح، ونعمة “حسن التعامل مع الآخرين”؟ فعوضاً عن أن يجتمع حولهم من يحبونهم، تجمّع لهم من هم على شاكلتهم، فكما يقال: “الطيور على أشكالها تقع”. عزيزي القاري افعل ما يروق لك وما ترغب به، وعامل الآخرين بالكيفية التي تريد، وقل لهم ما يمليه عليك عقلك وقلبك، ولكن اعلم أن الزارع لابد له وأن يجني ويحصد ما زرع، فكل نباتٍ ينمو على زارعه، وكل يد تجني ما صنعت

 

المصدر: د. عبداللطيف العزعزي
belovedegypt

مصرنا الحبيبة @AmanySh_M

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

631,520

عن الموقع

الموقع ملتقى ثقافي يهتم بالثقافة والمعرفة في كافة مجالات التنمية المجتمعية ويهتم بأن تظل مصرنا الحبيبة بلدآ يحتذى به في القوة والصمود وأن تشرق عليها دائمآ شمس الثقافة والمعرفة والتقدم والرقي

وليعلو صوتها قوياّ ليسمعه القاصي والداني قائلة

إنما أنا مصر باقية

مصرالحضارة والعراقة

مصرالكنانة  

 مصر كنانة الله في أرضه