حق الحياة
مررت بذلك المكان الذي طالما قد جمعنا سوياً، رأيتك، و رأيت نفسي، رأيتنا نحكي بلا توقف لساعات دون ان يقطع حوارنا ملل او حتى لحظات صمت قصيرة لنلفظ فيها انفاسنا. سمعت ضحكاتنا التي كان يغار منها كل من حولنا. ثم مرت نسمة هواء باردة ارتجف لها كل جسدي و لكني آثرت البقاء، فربما بقايا لقاء لنا قد تحنُ على ما بيننا من مسافات.
اعلم اني اسكن روحك، اعلم اني اشد نقاط ضعفك و لكن انت لي قوة و امان. قد كَبرنا سويا و عبرنا الكثير من الازمات، علمتني منذ صغري و كنت لي مثلا و قدوة و صاحب مكانة و اعتلاء. ثم كبرت و نضجت و اصبحت صاحبة فكر و بدأت اتمرد و اغضب، اغضب حتى منك انت. نعم فوحدك انت من آتيك غاضبة ثأئرة لافرغ معك كل جنوني و تمردي على الحياة، فتسمعنى، فتفهمني، فتحاوريني، لتمتص غضبي لتتركني مبتسمة سعيدة مرتاحة البال. حتى ان هربت منك كما الطفلة الرافضة منك اية حوار، اجدك قويا مطاردا بإحتوائك لتلك الطفله بكل الحكمة و الحسم و اللين و الحنان.
فأعود بحمرة الخجل نادمة على ثوراتي معك و ارى نفسي مازلت صغييييرة جدا امامك و اراك كبيييرا جدا امامي. نعم انا تلك المرأة التي ينحني لها و لعقلها الكثير من الافراد، اعود طفلة صغيرة فقط امامك انت.
و اخيراً، رسمت فوق شفتاي تلك الابتسامة الصغيرة التي كنت اودعك بها، التفت عن المكان، و رحلت عنه في خطوات بطيئة و كأن بقايا لقائنا كانت تندايني لتتنفس من وجودي الملموس حق الحياة. و لكني اقسمت ان اعود لمكاننا مرات و مرات. سأعود وحدي اليه الى ان تأتيني هناك او حتى يعود كلانا بحق الحياة لبقايا لقاء قد جمعنا سوياً في ما مضى. فأنا اشتاق لتلك الطفلة الصغيرة.
يارا حمدي