بنت النيل
قصة بقلم عصام قابيل
الحلقة الاولى
************
في فناء أحد القصور المهجورة ,على كورنيش النيل بحلوان كانت هناك بئر محفوزة ,خاصة بطلمبة مياه أرضية كانت تروي حديقة القصر وكان الباب من ناحيتها موارباً بحيث يسمح لبعضهم بالدخول وملء جراكن منها وكانت قد استوطنت فيها ضفدعة , كانت تجلس هناك لأيام طويلة , في ظل حافة البئر , وعندما يقترب شخص ما , تسرع إلى الجانب الآخر منه , مختبئة تحت دلو قديم مكسور.
وفي أحد الأيام , اتجه الصبى ( يحيي ) ناحية البئر , للحصول على الماء . ولاحظ أن شيئًا ما قد اسرع ناحية الدلو . ارتعد في البداية , لكنه أمسك بعد ذلك حجرًا , وراح يقترب بهدوء من الدلو , ثم قلبه بيده , ورأي على الأرض تلك الضفدعة , لم يكن لها مكان تجري إليه , فانكفأت على الأرض عاجزة ,في وضع يُرثى له وهي تحملق فى يحيي بعينين كبيرتين حزينتين . .
مد يحيي يده إلى الضفدعة . وفجأة تذكر قصة حكتها له جدته
#عصام_قابيل
بنت النيل
قصة بقلم عصام قابيل
الحلقة الثانية
,أنه كانت هناك فتاة رائعة الجمال يحبها كل الناس وكانوا يجلسون إليها يتمتعون بطلتها البهية في صمت وكان إسمها محروسة ولكن كان من بين تلك الجموع رجل شرير خائن ولم يكن يعرفه أحد وكان كل يوم يتقرب إلى تلك الفتاة صف وهو ينظر إليها بكل خبث بعينيه الخائنتين حتى لم يكن بينه وبينها إلا مسافة قصيرة...وهنا لمح رجلاً تملي محروسة نظرها منه وتطيل إطلالتها عليه...دبت الغيرة في قلبه الحاقد المنتكس واشتعل غيظاً وقرر أن يكون آخر من ينصرف من تلك الرحلة ...رحلة الروعة اليومية التي يأتي فيها الناس ليمتعوا نظرهم بمحروسة...ولكنه لاحظ أن ذلك الرجل يمكث أيضاً في صفوف المتأخرين في الإنصراف من الموكب ولم يطل به الوقت حتى قرر سوءاً لهذا الرجل ويخلو له الطريق إلى محروسة وكان أن وجده يوماً بعد أن إختبأ خلف شجرة كثيفة يراقبه
#عصام_قابيل
بنت النيل
قصة بقلم عصام قابيل
الحلقة الثالثة
*************
إختبأ الرجل الخبيث خلف شجرة كثيفة يراقب ذلك النبيل الذي انبهرت به محروسة وهو ينظر إليها خافضاً عينيه من الحياء وقد رحل معظم الوافدون في أمان وسلام بعد رحلة الرؤيا والتطلع إلى الجميلة محروسة... وانتهز الخبيث فرصة ساد السكون بها وقد أظلم ليلها وانقض بمخالب الطغاة يُكبل حبيبها...صرخت محروسة وقالت ويحك ...ماذا جنى أطهارها ...يبدو أنك من فجارها ...ولم يكن منه إلا أن وثب عليها يحاول تقبيلها عنوة تمهيداً لإغتصابها...لم تجعل له فرصة..صرخت بكل كيانها ...لطخت نفسها بالطين والقاذورات حتى لايقترب منها...إشمئذ منها وكاد أن يتقيأ وعاد خطوات إلى الخلف وقد سد أنفه بمنديل لايطيق رائحتها ولكنه إشتعل عليها غيظاً فقرر أن يجرب فيها ماتعلمه من سحر من أصدقائه الأشرار إنتقاماً منها...أخذ يتمتم بكلمات غير مفهومة وغير مرتبة ثم أخرج من جيبه أوراق حرقها وأخذ الرماد ونثره عليها...وفجأة وبعد لحظات جاء بعض من سمع صوت محروسة وهي تصرخ مسرعون يتفقدون ماحدث ولكن للأسف فقد حدث ما حدث
#عصام_قابيل
بنت النيل
قصة بقلم عصام قابيل
الحلقة الرابعة
*************
أصاب شؤم السحر وشرور الساحر محروسة فتحولت إلى ضفدعة والشرير يضحك ضحكة بطعم الإنتقام مشوبة بالسخرية وعاد الناس إلى المكان فلم يعثر أحداً على شئ ...نقبوا في المكان يمنة ويسرة فوجدوا هناك الرجل النبيل مكبلاً ...إجتمعوا عليه وحاولوا فك وثاقه لكنهم عجزوا...والرجل الشرير يرقب الموقف من فوق شجرة في صمت مطبق ...ولكنه لم يجد بداً من التدخل لفض هذه الهوجة فأخذ قوسه وسهامه وبدأ يصوبها على الناس حتى فزعوا جميعا ...منهم من أصيب ومنهم من قتل ولم يستطع أحداً أن ينقذه حتى انفضوا جميعاً من المكان...فأخذ الرجل النبيل المكبل وانصرف وهو يسمع شدواً أرق مضاجع راحته وهز كيانه كانوا يرددون (زغردي أم الشهيد واهتفي أحلى نشيد لم يمت من كان للإرض غوثاً ولله المجيد )
عاد الشرير أدراجه يبحث عن محروسة بين الحشائش لعله يعيده مرة أخرى محروسة...وجدها ترتعش ويعلو نقيقها...حاول أن يفك سحرها ويعيدها ولكن تاهت منه الكلمات وتلعثم وفشل...حاول مراراً وتكراراً ولم ينجح...أصابه الجنون وظل يهذي ويضرب على وجهه كل يوم حتى هلك
تذكر يحيي هذه الحكاية وهو ينظر إلى الضفدعة وهي تنظر إليه بعينين ذابلتين جعلا يحيي يتوقف قليلاً ثم اقترب من الضفدعة
#عصام_قابيل
بنت النيل
قصة بقلم عصام قابيل
الحلقة الخامسة
ومسّ يحيي المكان بيده بهدوء ثم قال:
- لا تخافي . .
وتوقف مدة قصيرة , ثم سأل:
ماذا لو كنتِ أنت محروسة كما روت لي جدتي
- أأنت فعلاً محروسة ؟
نظرت الضفدعة إليه بعينين سوداوين مستديرتين , إلى يحيي وهو يقول ذلك , وبسرعة حركت حوصلتها الضعيفة أسفل الذقن , كما لو أنها تحاول جاهدة أن تقول شيئًا. وسأل يحيي:
- ومتى تحولت
غن كان الأمر كذلك ؟
فحركت الضفدعة مرة أخرى حوصلتها الضعيفة . لكن يحيي أضاف:
- لا يهم . اسكتي وسوف أعرف هذا عندما تحدثينني عن كل شيء فيما بعد . أما الآن , فعيشي كما أنت في البئر .
ألقى يحيي بحجر من يده كان قد أمسكه خوفاً واحترازاً وربت ىعلى ظهر الضفدعة ثم إلتفت. وملأ الماء من البئر . ثم إستدار ليذهب إلى البيت . لكنه وقف متسمرًا .
في ذلك المكان نفسه , حيث كانت تجلس الضفدعة , ظهرت أمامه فتاة , كانت أقصر منه قليلًا: بيضاء , جميلة , في ثوب قصير أحمر, وبيدها دلو . وبسرعة راح يحيي ينظر حول الفتاة على الأرض. لم تكن الضفدعة هناك . وسأل يحيي بصوت مفزوع قد نال منه الخوف :
- من أنت ؟ وكيف ظهرت فجأة ؟
قالت
- متى ؟
قال
- متى ؟ الآن ؟
قالت
- لا . . انا فقط غيرت ملابسي في الطريق
قال .
- لا يهم هذا . . غيّرت بنفسك ؟ .
واستطرد , كأنما يحدث نفسه:
- أي شيء يحدث لنا الآن ؟
#عصام_قابيل