لحظة الميلاد
نظرت الشجرة المزهرة من عليائها إلى الجر الراسخ منذ الأزل وقالت له متعجرفة :
" أنت قابع هاهنا منذ القدم ، وأنا أعانق النسيم وأزداد طولاً ، حتى أن قاطفي أزهاري يقفون على رأسك يي يقطفوها"
رفع الحجر العتيق رأسه متأملاً ثم ابتسم في سخرية وعاود هدوءه الأزلي وتطلعه فيما حوله .
لمح من بعيد الشمس تداعبه بأشعتها الدافئة ثم تبتسم وهي تقول :
: لا تحزن ، فهي تتجاهل أن الماء والذي يرويها ينبثق من تحتك ، والزمن يمر من فوقك وأنت باق ، أما هي فقد نمت بسرعة وسيأتي اليوم الذي تفنى فيه .
نظرت الشجرة المزهرة إلى ربة النور وهي تضحك .
انتبهوا جميعا بعد سماعهم ضجيجاً في المكان ، ضباعاً مختلفة الأشكال قادمون من اتجاه الغرب، ويعبثون في كل شي وهم يتقدمون .
قالت الشجرة للحجر وهي تنظر إلى الشمس في سخرية :
أنظرها قد جاء قاطفو أزهاري وسيطئون رأسك .
بعد قليل جاء من الشرق فتيان كثيرون ، عيونهم جمرات ، وخطواتهم راسخة ، آخذون في الاقتراب .
تهلل وجه الحجر وهو يرى الفتية يلتقطون إخوانه الصغار ويقذفون بها الضباع التي تخطفت بعض صغارهم وتحاول أن تخطف من الباقين الأقوياء.
تقلقل الحجر الراسخ في مكانه ، وثار ثورة عارمة ، وتزلزل كيانه ، ثم ما لبث أن انفجر إلى أجزاء، والشجرة المزهرة تضحك ضحكات هستيرية وهي تراه يتحول إلى صخيرات من نار في حجم قبضة اليد ، سرعان ما التقطها الصبية وقذفوا بها الضباع التي فرت هاربة خلف أشجار الغرقد.
عندها توقفت الشجرة المزهرة عن الضحك .
نشرت فى 4 يوليو 2016
بواسطة azzah1234
عدد زيارات الموقع
160,101