الحديث في اللغة هو الخبر القليل منه أو الكثير، والخبر هنا يراد به اللفظ المركب أو غير المركب، والحديث في الاصطلاح هو: " خبر نسب إلى الرسول e قولاً أو فعلاً أو سكوتاً منه عند أمر يعاينه ". وأما علم الحديث فهو علم يختص بمعرفة أحوال أقوال الرسول r وأفعاله. ويعرف ابن الأكفاني علم الحديث الخاص بالرواية بقوله: " علم يشتمل على أقوال النبي e وأفعاله، وروايتها، وضبطها، وتحرير ألفاظها "، ويعرف علم الحديث الخاص بالدراية فيقول: " علم يعرف منه حقيقة الرواية، وشروطها، وأنواعها، وأحكامها، وحال الرواة، وشروطهم، وأصناف المرويات، وما يتعلق بها ".

وهذا العلم علم شريف عظيم، فالسنة هي الأصل الثاني من أصول التشريع الإسلامي، والمتواتر منها حجة بالإجماع، كما أن الآحاد منها حجة أيضاً على الراجح من الأقوال. وتستمد شرفها من كونها تختص بصاحب الرسالة عليه الصلاة والسلام. فهو المبلغ عن الله U، وهو الذي أقام الدين وطبقه، وهو الذي قال: ((ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه)). فلا يسع أحداً الخروج عليها. وهي أصل قائم بذاته في استنباط الأحكام الشرعية. فقد نص القرآن الكريم على ذلك في مواضع عدة، منها قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا اَّلذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ } [النساء:59]، وقوله U: { وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَكُمْ تُرْحَمُونَ } [آل عمران:132]، إلى غيرها من النصوص الدالة على وجوب طاعة الرسول e طاعة مطلقة.

وسنته عليه الصلاة والسلام هي المنهج العلمي التطبيقي للإسلام، فلا يمكن معرفة مرادات الله تبارك وتعالى من عباده إلا من خلال السنة المطهرة، فالصلاة وركعاتها وأحكامها التفصيلية، والزكاة، والحج، والصوم،والآداب، وغيرها من القضايا الكثيرة التي جاء القرآن فيها بالإجمال دون التفصيل كلها مفتقرة إلى سنته عليه الصلاة والسلام بالشرح والبيان، قال الله U: { وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَلِتُبَيِّنَ للنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } [النحل:44].

وقد جاء الحث من رسول الله e في الأمر بالاستمساك بها، والتحذير من الخروج عنها فقال: ((لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول لا ندري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه)).

فالسنة مقامها من القرآن مقام المعاونة، فهي تفصل مجمله، وتبين مبهمه، وتخصص عمومه، وتبين الناسخ والمنسوخ، وتوضح الفرائض الثابتة في القرآن كماً وكيفاً، كما أنها تأتي بأحكام جديدة ليست في القرآن الكريم.

وقد نشأ هذا العلم العظيم في حياة الرسول e، حيث كان يتلو عليهم القرآن العظيم ويحدثهم بغير القرآن، فكانوا ينقلون عنه، والقليل منهم يكتب. فنهاهم في أول الأمر عن الكتابة لكي لا يختلط قوله عليه الصلاة والسلام بالقرآن الكريم، ثم أذن لهم بعد ذلك.

وكان المعوَّلُ عليه في بادئ الأمر هو حفظ الصدور دون السطور، فلما كثرت الفتوحات في عهد الخلفاء، ومات كثير من الصحابة، وانتشر العلم في الأمصار، ودخل في هذا الدين طوائف كثيرة مختلفة مشاربها، ومقاصدها، وبدأ الكذب والوضع في الحديث، كانت هناك بداية الجمع والتأليف والكتابة. فقيض الله لهذا العلم علماء عظماء أفذاذاً، سخَّروا أنفسهم، ووقفوها للذود عن حياض السنة المطهرة، وتنقيتها مما وقع فيها، ومن أمثال هؤلاء الإمام عبدالملك بن عبدالعزيز بن جريج المتوفى سنة (150) للهجرة، والإمام مالك بن أنس، والإمام وكيع بن الجراح، والإمام أحمد بن حنبل، حتى انتهى العلم إلى الإمامين الجليلين البخاري ومسلم رحمهما الله، ثم تتابع العلماء يصنفون ويجددون في هذا العلم العظيم.

الأهداف العامة لتدريس الحديث النبوي:

 بناء على ما تقدم من التعريف بهذا العلم الشريف فإنه يمكن استخلاص أهداف تدريس الحديث على النحو التالي:

1-تأصيل حب الرسول e في قلوب النشء من خلال معرفة شخصيته      وأحواله وفضائله.

2-التعريف بسنته الشريفة واعتباره قدوة للتلاميذ.

3-سلامة الفهم لأحاديث الرسول e.

4-إظهار عظمة السنة في معالجتها لجزئيات المشكلات ودقائق الأمور.

5-تكوين القدرة والاستعداد لاستنباط الأحكام والقيم من الحديث النبوي.

6-التعريف بخواص السنة النبوية، ومراتبها، وطرق وصولها إلينا.

7-التعريف بعلم مصطلح الحديث.

8-تذوق الأدب النبوي وبلاغته وفصاحته وأخلاقه.

9-تعريف الطلاب الفرق بين نصوص القرآن الكريم، ونصوص السنة المطهرة، وإعطاؤهم القدرة على التفريق بينهما.

10-إطلاع الطلاب على الجهود العظيمة التي بذلها علماء الحديث والتعريف بهم وبمكانتهم.

الأهداف الخاصة لتدريس الحديث النبوي:

يمكن تحديد الأهداف الخاصة لكل درس من دروس الحديث النبوي، فإذا كان موضوع الدرس مثلاً بر الوالدين فإن الأهداف الخاصة تكون على النحو التالي:

1-التأكد من سلامة فهم الطلاب لمعاني الحديث الإجمالية فيما يخص بر الوالدين.

2-التأكد من فهم الطلاب للمفردات الغامضة في النص.

3-استخراج واستنباط الأحكام والآداب التي يتضمنها الحديث.

4-التأكد من حسن قراءة الطلاب للنص.

5-السعي في العمل بما جاء في الحديث، والحث على ذلك.

التمهيد لدرس الحديث النبوي:

لا بد للمعلم قبل أن يخوض في تدريس وشرح موضوع الدرس أن يمهد لدرسه بتمهيد مناسب، يتوافق مع مستوى تلامذته، ويكون قاعدة جيدة للدخول في لب الدرس وموضوعه.

ومن أهم الخطوات التي يتخذها لذلك تهيئة أذهان الطلاب لسماع الحديث، كأن يبين لهم أهميته، وعظمة موضوعه، ومواقف العلماء وتلامذتهم منه. كأن يقص لهم خبر الإمام مالك في احترامه للحديث، وتعظيمه له، واستعداده لدرسه في الحديث بالتطيب ولبس أحسن الثياب. ثم يدخل في موضوعه بأن يقص عليهم مشكلة قائمة في حياة الناس، ويحاول أن يعالجها من خلال موضوع الحديث، أو يعالج من خلال الحديث مشكلة من المشكلات العالمية كالطلاق، والحرية، والإخاء، والعدل، والمساواة، ونحوها، أو يمكنه أن يلخص معنى الحديث فيجعله مدخلاً للموضوع.

كما يمكن للأستاذ أن يجري مع تلامذته حواراً مناسباً يهدف من خلاله الوصول إلى فكرة الحديث، فيعدهم لسماعه وفهمه.

ومن الضروري بل من المحتم على المعلم قبل أن يدخل على الطلاب أن يراجع تحضيره، ويحدد معالم درسه، وتمهيده. فإنه مهما كان المعلم قديماً، متقناً، إلا أنه لا يزال محتاجاً إلى تنظيم معلوماته، وترتيبها، فهو لا بد له من التحضير المنزلي لكل درس، كما أنه لا بد له من إعداد نقاط التمهيد لكل درس، وكيفية الدخول المناسب على الطلاب بموضوع الدرس في ذلك اليوم. وقبل هذا وبعده يكون مستحضراً النية الحسنة، والمقصد الطيب، وبدونه فلا أجر له عند الله، مع الاستزادة قدر الإمكان من المراجع الأخرى التي يمكن أن تثري معلوماته، ويفيد بها الطلاب.

خطوات تدريس الحديث النبوي:

بعد أن يكون المعلم قد مهَّد للدخول في الدرس، بحيث يمكِّن الطلاب من معرفة فكرة الموضوع. فإنه يبدأ بكتابة الحديث مضبوطاً على اللوح ثم يقرأ نص الحديث قراءة نموذجية، ثم يعطي الطلاب فرصة للقراءة، مع تصويب أخطائهم اللغوية، مراعياً الفرق بين الخطأ في قراءة الحديث وقراءة القرآن الكريم. ويبدأ المعلم في شرح الأفكار الرئيسة أولاً للموضوع مكتفياً بها بالنسبة للطلاب في المراحل الأولى، أما في المراحل المتقدمة فإنه يخوض معهم في جزئيات الأمور، والتوجيهات النبوية الدقيقة. ثم يشرح المفردات الصعبة ويكتبها على اللوح، ثم يحاول أن يستخلص المعاني والدروس المستفادة من الموضوع.

ويحاول المعلم أن يكون جاداً في تدريسه، بعيداً عن المزاح واللغو، مستشهداً بالآيات والأحاديث عند معالجته لجوانب موضوعات درسه.

وبعد إتمامه للشرح يمكنه أن يعطي الطلاب فرصة ليعبروا عن معاني الحديث وتوجيهاته بأنفسهم إما عن طريق الأسئلة المباشرة، أو عن طريق الطلب من بعضهم شرحاً وافياً للحديث.

ويختم المعلم درسه بملخص كامل لجوانب الدرس، وما يستفاد منه في حياة التلاميذ، مع وعظهم وتذكيرهم بأهمية التطبيق، وأن هذا العلم لا يكفي فيه المعرفة فقط بل لا بد من التحلي بآدابه وتطبيقه.

خاتمة درس الحديث النبوي:

ويختم المعلم كامل درسه بالأسئلة المباشرة ومعرفة مدى استيعاب جميع طلابه لأهداف الدرس، وموضوعاته، ثم يوجه طلابه إلى أهمية مراجعة الدرس في المنزل، مع تكليفهم بالإجابة عن بعض الأسئلة إن وجد. كما يمكنه أن يكتب بعض الفوائد العلمية المستخلصة من الدرس على اللوح ويأمر الطلاب بكتابتها في كراساتهم، ولا بأس أن يبين لهم موضوع الدرس القادم ليحضروه، ويستعدوا له.

وتتلخص خطوات الخاتمة على النحو التالي:

1-يوجه المعلم بعض الأسئلة التلخيصية والتقويمية للتأكد من مدى استيعاب الطلاب للدرس.

2-تزويد الطلاب بالتوجيهات التربوية المستفادة من عموم الدرس.

3-توجيه بعض الطلاب إلى قراءة النص قراءة جهرية مع تعديل الأخطاء.

4-إعطاء الواجب المنزلي.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 238 مشاهدة
نشرت فى 17 ديسمبر 2012 بواسطة ashrafomar

ساحة النقاش

الدكتور: أشرف عمر بربخ

ashrafomar
المؤهل العلمي: •دكتوراه الفلسفة في التربية جامعة عين شمس عام 2003م. •الوظيفة الحالية:أستاذ مناهج و طرق تدريس العلوم الشرعية والعربية المشارك بجامعة الاقصى . جمعيات علمية: 1-عضوية الجمعية المواهب بالاسكندرية والمعرفة. 2-عضو الجمعية المصرية للمناهج وطرق التدريس بالقاهرة.رئيس قسم التدريب الميدانى بكلية مجتمع الاقصى »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

7,928