مكـتب العـدل للآستشارات القانونية و أعمال المحاماة

أشــــــرف مـحــمــــد عـــاصـــى { المحـامـيّ } .

هل تزول إسرائيل عام 2022م

بسم الله الرحمن الرحيم
زَوال إسرائيل

نبوءة أم صدَف رقميّة
بسَّام نهاد جرّار
إنّها ملاحظات
لعلنا نعيد النّظر في دراسة التاريخ .
هل هناك قانون في عالم المادة يحكم التاريخ وفق معادلات رياضية شاملة ؟؟!!
اعتذار
نضجت فكرة هذا البحث قبيل عملية الإبعاد التي نفذتها "إسرائيل" بتاريخ 17/12/1992م . إلا أنني تمكنت من تدوينها في هذا الكتيّب في أرض المنفى بالقرب من قرية (مرج الزهور) في الجنوب اللبناني .
لذا لم أتمكن من تحقيق شكليات الرجوع إلى المصادر والمراجع ، إلا ما تيسر لي في هذا المكان القفر .
2022 م


بسم الله الرحمن الرحيم

(( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا ))
[ الإسراء، الاية: 7 ]


مـــــدخــــــــــــل

يطمح البشر بقوة إلى معرفة المستقبل، وكشف أستار الغيب .
وقد شاء الله تعالى أن يُطلع عباده على بعض الغيب لحكمة يريدها، فكانت النبوءات يأتي بها الأنبياء والرسل فتكونَ دليلاً على صدق النّبوة والرّسالة، وتكنَ دليلاً على أنَّ علم الله كامل، فيدرك النّاسُ بعض أسرارالقدر.
ولمّا شاء الله أن يختم الرّسالات، وشاء أن يرفع صفات النّبوّة، أبقى الرؤية الصادقة، والتي هي اطّلاع على الغيب قبل وقوعه، ليعلم النّاس ما عجزوا عن تصوّره ألا وهو علم الله تعالى بالأشياء قبل وجودها، فيدرك الإنسان أن عجزه عن تصوّر الأشياء لا ينفي وجودها .
الأمثلة في القرآن والسنة كثيرة . يقول سبحانه وتعالى في سورة الروم : (( غُلِبَتْ الرُّومُ(2)فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ(3)فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ(4)بِنَصْرِ اللَّهِ )) [سورة الروم الأيات 2-5]
ويقول سبحانه و تعالى : (( لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا(27) ))
[ سورة الفتح الأية 27]
و يقول الرسول صلى الله عليه و سلم " لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود......." و الأحاديث فى هذا الباب كثيرة جداً.
ليس هذا مقام بسط الحديث فى حكمة الإخبار بالغيب و دور ذلك فى حياة الناس. إلا أن البعض يرى أن النبوءات تورث الكسل و التقاعس!! وهذا الرأى قد يجدُ مصداقّيةّ على الصعيد النّظرى ، أو بعبارة أخرى على صعيد الجدل العقلى البعيد عن محاكمة الواقع . أما على الصّعيد العملى و الواقعى ، فإن للنبوءات الأثر البالغ فى رفع الهمم ، و اجتثاث اليأس من القلوب ، و دفع الناس للعمل. و تاريخ الصّحابة أصدقُ شاهد على ذلك.
هل جلس سُراقةُ قى بيته حتى يأتيه سوارى كسرى؟ و هل تقاعس الصحابة عن فتح بلاد فارس و قد أخبرهم الرسول بحصول ذلك؟ وهل …. و هل؟. ليس بإمكان المسلم أن يترك واجباً، و المسلم يطلب رضى الله بالدّرجة الأولى، أمّا النتائج فيرجوها ولا يجعلها غاية في سعيه. هب أنني تقاعستُ لعلمي بحصول النتيجة، فما الذي يمكن أنْ أجنيه وقد خسرتُ نفسي؟! والدنيا دار ابتلاء وامتحان، وليست بدار مثوبة: (( وَأَلَّوْ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا(16)لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ )) [ سورة الجن الأيتان 16ـ17 ]
عشرةُ آلاف من المشركين يحاصرون المدينة المنوّرة، حتى بلغت القلوب الحناجر، وحتى ظن الصّحابة بالله الظنون، في مثل هذا الجو جاءت البشرى : "… اللهُ أكبر أُعطيتُ مفاتح كسرى … الله أكبرأُعطيتُ مفاتح قيصر .." . نعم فلا يصح أنْ نترك النّاس يَصِلُونَ مرحلة اليأس المطبق : (( إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الكَافِرُونَ )) [ سورة يوسف الأية 78]
يجب أن يتحرك الإنسان بين قطبى الخوف و الرجاء فلا هو باليائس و لا هو بالآمن : (( فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ )) [ سورة الأعراف الأية 99] . واليوم و قد أحاط اليأس بالنّاس حتى رفعوا شعاراً يقولون : (ما البديل؟!).
فى مثل هذا الواقع ما أجدرنا أن نفتح للنّاس أبواب الأمل مع التنبه التام حتى لا ننزلق فنصبح من أهل الشّعوذة و الكهانة ، فالإسلام حرب على كل ضروب العِرافة و الكهانة و الشعوذة.
فى هذا الكُتّيب نحاول أن نفسّر النّبوءة القرآنية الواردة فى سورة الإسراء تفسيراً ينسجم مع ظاهر النّص القرآنى، و يتوافق مع الواقع التاريخى . ثم نُشفع ذلك بمسلك جديد يقوم على أساس من عالم الأرقام يصحُّ أن نُسَمّيه: (التأويل الرياضى) أو (التأويل الرّقمى). و يغلب على ظنّى أن الأرقام ستدهش القارئ كما سبق و أدهشتنى و دفعتنى فى طريق لم أكن أتوقعه. و سيجد القارئ أن الرقم (19) هو الأساس فى هذا التأويل، مما يجعله يتساءَل: لماذا الرقم (19)؟!
القصة طويلة، و الحديث فى مسألة العدد (19) وما ثار حوله من جدال و شبهات، يحتاج إلى تفصيل و إسهاب. و هذا ما فعلتُهُ فى كتابى: (عجيبة تسعة عشر بين تخلف المسلمين و ضلالات المدّعين ) و الذى طبع الطبعة الأولى عام (1991 م). ثم وفقنى الله إلى صياغة الطبعة الثانية هنا فى ( مرج الزهور) ، و الأمل أن يصدر عن (دار النفائس) فى بيروت قريباً إن شاء الله.
بعد الحديث عن حقيقة رشاد خليفة، و حقيقة بحثه ، أقوم بتعريف القارئ بالخطأ و الصواب فى موضوع العدد (19) فى القرآن الكريم. فالقضية إستقرائية و رياضية، لا مجال فيها لقيل و قال، و لا مجال أن يستغلها الذين فى قلوبهم زيغ من البهائيين و غيرهم.
نباء رياضى مذهل، و إعجازٌ سيكون له ما بعده، ولن يستطيع أحد أن يَحُول بيننا و بين ما يريد أن يجلّيه الله من كتابه العزيز: (( كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي )) [ سورة اللمجادلة الأية 21] . لقد بذلت ما فى وسعى لأضع هذه الأمانة فى أعناق علماء الأمّة لعلمى أن هذا الأمر لا يُطيقُه فرد ، ولا حتى جماعة. و أملى كبير أن ينهض أهل العزم بهذه المسئوليّة لتتم النعمة على المسلمين و على الناس أجمعين.
من يقرأ الكتاب الخاص بالعدد (19) سيدرك بشكل جلى معنى أن تقوم المعادلة التاريخية فى هذا الكتيب على العدد (19) . و أقول للذى لم يقرأ الكتاب: إن نباءّ رياضياً مدهشاً يتعلق بالكلمات و الاحرف القرآنية ، و يقوم على أساس الرقم (19). و إن هناك ما يشير إلى أنه أساس فى عالم الفلك. و يدهشك فى هذا الكتيب أن تكتشف أنه قانونٌ فى التاريخ أيضاً.
يتألف هذا الكُتّيب من فصلين: الفصل الأول تفسيرٌ للنبوءة القرآنية الواردة فى سورة الإسراء و المتعلقة بزوال دولة إسرائيل من الأرض المباركة. و الفصل الثانى تأويل رياضى لهذه النبوءة ينسجم مع التفسير فى الفصل الأول، و يضفى عليه مصداقية رياضية. و هو مسلك جديد نأمل أن يكون مفتاحاً لكثير من أبواب الخير.
ربّ اغفـر لى و لـوالدىّ ، ربّ ارحمهما كما ربيانى صغيرا.
و الله الموفق

أشـــــرف عاصـــــــــى


الفَصْــــــــــــل الأول

التفســــــــــير
قبل الهجرة بسنة، كانت حادثة الإسراء و المعراج، فكانت زيارة الرسول صلى الله عليه و سلم للأرض المباركة، للمسجد الأقصى الذى بارك اللهُ حوله. و انطلق عليه السلام من (( لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا )) ، إلى (( الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ )) . من أول بيت وضع للناس، إلى ثانى بيت وضع للنّاس. فى ذلك الوقت كانت القدس محتلة من قِبَل الرومان، و كان المسجد الأقصى مجرد آثار قديمة و مهجورة. و على الرغم من ذلك فقد بقيت له مسجديّــته التى ستبقى الى أن يرث الله الأرض و من عليها.
لم يكن لليهود وجود يذكر فى مكة المكرمة، و لم يكن لهم أيضاً وجود فى القدس منذ العام (135 م)، عندما دمّر (هدريان) الرومانى الهيكل الثانى، و حرث أرضه بالمحراث، و شرّد اليهود و شتّتهم فى أرجاء الإمبراطورية الرومانية، و حرّم عليهم العودة إلى القدس و السكنى فيها. و عندما أُسرى بالرسول صلى الله عليه و سلم ، كان قد مضى على هذا التاريخ ما يقارب الـ(500) عام، و هى مدة كافية كى ينسى النّاس أنه كان هناك يهود سكنوا الأرض المباركة.
بعد حادثة الإسراء نزلت فواتح (الإسراء)، أو سورة (بنى إسرائيل) و اللافت للانتباه أنّ ذكر الحادثة جاء فى آية واحدة: (( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ(1) )) ثم كان الحديث: (( وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا........... َقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ........... فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا............ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ...)) فما علاقة موسى عليه السلام، و ما علاقة بنى إسرائيل بتلك الحادثة، و تللك الزيارة؟! وما علاقة النبوءة التى جاءت فى التوراة قبل ما يقارب الـ(1800) سنة بهذه الحادثة؟!
هل يتوقع أحد أنْ يخطر ببال المفسرين القدماء إمكانية أن يعود لليهود دولة فى الأرض المباركة؟! أقول: الدولة الأموية، و الدولة العباسيّة، و الدولة العثمانية، كانت كل واحدة منها أعظم دولة فى عصرها. فأىُّ مفسر هو هذا الذى سيخطر بباله أنّ المرة الثانية لم تأت بعد؟! وإن خطر ذلك بباله فهل ستقبل عاطفته أن يخطّ قلمه مثل هذه النبؤة التي تتحدث عن سقوط القدس في أيدي اليهود الضائعين المشرّدين والمستضعفين؟! من هنا نجد أنّ المفسرين القدماء ذهبوا إلى القول بأنّ النبؤة التوراتيّة قد تحققت بشقّيها قبل الإسلام بقرون. ونحن اليوم نفهم تماماً سبب هذا التوجّه في التفسير، لكننا أيضاً ندرك ضعفه ومجافاته للواقع . ومن هنا نجد الغالبية من المفسرين المعاصرين تذهب إلى القول بأنّ المرة الثانية تتمثّل بقيام إسرائيل عام (1948م) .
المفسّر الحقيقي للنبوءات الصادقة هو الواقع، لأنّ النبوءة الصادقة لا بدّ أن تتحقق في أرض الواقع. ومن هنا لا بُدّ من أن نستعين بالتّاريخ قدر الإمكان لنصل إلى فهمٍ ينسجم من ظاهر النّص القرآني حتى لانلجأ إلى التأويل الذي لجأ إليه الأقدمون وبعض المعاصرين . ونحن هنا لانعطي التاريخ الصِّدقِيَّة التّامّة، فمعلوم لدينا أنّ الظنّ هو القاعدة في عالم التاريخ، لكننا في الوقت نفسه لانجدُ البديل الذي يجعل تفسيرنا أقرب إلى الصواب، فنحن فقد نحاول أن نقترب من الحقيقة .
قضى الله في التوراة أنّ بني إسرائيل سيدخلون الأرض المباركة، وسيقيمون فيها مجتمعاً (دولة)، ثم يفسدون إفساداً كبيراً تكون عقوبته أن الله يبعث عليهم عباداً أقوياء يجتاحون ديارهم . وسيتكرر إفسادهم، فيبعث اللهُ العباد مرةً أخرى، فيدمّرون ويهلكون كل ما يسيطرون عليه إهلاكاً وتدميراً، وإليك بيان ذلك :
بعد وفاة (موسى) عليه السلام دخل (يوشع بن نون) ببني إسرائيل الأرض المقدسة التي كتب اللهُ لهم أن يدخلوها: (( يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ )) [ سورة المائدة الآية 21 ] ، وبذلك تحقق الوعد لهم بالدّخول وبإقامة مجتمع إسرائيلي . وقد تمكن (داود) عليه السلام من فتح القدس، و إقامة مملكة. و من هنا نجد ( كتاب الملوك الأول ) فى (العهد القديم) يُستَهل بالحديث عن شيخوخة داود عليه السلام و موته. و مع أن (العهد القديم) قد نسب إلى داود عليه السلام ما لا يليق بمقامه، إلا أنه حكم له بالصلاح على خلاف ابنه و خليفته سليمان عليه السّلام . جاء فى الإصحاح الحادي عشر، من سفر الملوك الأول : (....فاستطعن فى زمن شيخوخته أن يغوين قلبه وراء آلهة أُخرى، فلم يكن قلبه مستقيما مع الرب إلهه كقلب داود أبيه. و ما لبث أن عبد عشتاروت .... وارتكب الشّر فى عينى الرب، و لم يتبع سبيل الربّ بكمال كما كما فعل أبوه داود ). أقول: إننا نتفق مع كتبة العهد القديم على أنّ لداود عليه السلام ولد اسمه (سليمان)، و أنه كان حكيماً، و أنّه ملك بعد وفاة أبيه. و لكننا نخالفهم فى النظرة إليه عليه السلام، فهو كما جاء فى القرآن الكريم (( وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)) [ سورة ص،الآية: 30] . من هنا نعتبر أنّ الفساد بدأ بعد وفاة سليمان عليه السّلام ، عندما إنقسمت دولة النبوّة إلى دولتين، متنازعتين، و انتشر الفساد، و شاعت الرزيلة. جاء فى مقدمة ( كتاب الملوك الأول ) : (... يبين كتاب الملوك الأول، بشكل خاص، تأثير المساوئ الإجتماعية المفجع على حياة الأمة الروحية) [ الكتاب المقدس - كتاب الحياة ترجمة تفسيرية - جى.سى.سنتر - مصر الجديدة- القاهرة- ط4-ص 434] توفى سليمان عليه السّلام عام (935 ق.م ) [ أخطاء يجب أن تصحح فى التاريخ، د. جمال مسعود، دار طيبة، الحجاز، ط1، 1986،ص 61 نقلاً عن كتاب سياسة الاستعمار و الصهيونية تجاه فلسطين، حسن صبري الخولى]، فحصل أن تمرد عشرة أسباط و نصبوا (يربعام بن ناباط) ملكاً على (مملكة إسرائيل) فى الشمال. و لم يبق تحت حكم (رحبعام بن سليمان) سوى سبط (يهوذا). و هكذا نشأت مملكة(إسرائيل) فى الشمال، و مملكة (يهوذا) فى الجنوب و عاصمتها القدس. و كان الفساد، فكان الجوس من قبل الأعداء الذين اجتاحوا المملكتين في موجات بدأها المصريّون، وتولى كبراها الأشوريون، و الكلدانيون، القادمون من جهة الفرات. جاء فى مقدمة (كتاب الملوك الثانى ): ( ففى سنة 722 ق.م هاجم الأشوريّون مملكة إسرائيل فى الشمال ودمّروها؛ و فى سنة سنة 586 ق.م زحف الجيش البابلى على مملكة يهوذا فى الجنوب و قضوا عليها ... ففى هذا الكتاب نرى كيف سخّر الله الأشوريّين و البابليين، لتنفيذ قضاؤه بشعبى مملكتا يهوذا و إسرائيل المنحرفين. يجب التنويه هنا أن الخطيئة تجلب الدّينونة على الأمّة أمّا البرّ فمدعاة لبركة الله. يكشف لنا كتاب الملوك الثاني أنّ الله لايُدين أحداً قبل إنذاره، وقد بعث بأنبيائه أولاً ليحذروا الأمّة من العقاب الإلَهى) [ كتاب الحياة، المرجع السابق، ص 478] .
يلحظ أنّ دولة إسرائيل الشمالية كانت تشمل معظم الشعب (عشرة أسباط ) و كانت هى سبب تمزّق دولة سليمان عليه السّلام ، وحصول الشّقاق في الشّعب الواحد، وقد زالت وشرّد شعبها قبل مملكة (يهوذا) بما يقارب (135) سنة. وبعد فناء الدولتين حاول الإسرائيليّون أن يعيدوا الأمجاد السابقة ففشلوا. أمّا نجاح بعض الثورات فلم يتعدّ الحصول على حكم ذاتي، أو مُلك تحت التاج الرّوماني، لذلك نجدُ كتب التاريخ تتواطأ على القول إنّ زوال مملكة يهوذا هو زوال الدولة الإسرائيليّة، فلم تولد مرة ثانية إلا عام (1948م) .
لماذا أنزلت النبوءة مرة أخرى بعد نزولها الأول في التوراة قبل الإسراء بما يقارب (1800) سنة؟ أقول: لو كانت النبوءة قد تحققت كاملة قبل الإسلام لوجدنا صعوبة فى فهم العلاقة. أمّا أن تكون المرة الأولى قد تحققت قبل الإسلام ــ وهذا ما حصل في الواقع ــ والثانية ستتحقق في مستقبل المسلمين، فإن الأمر يكون مفهوماً بشكل واضح، سيما وأننا نعيش في زمن تحقق الثانية (( وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا(4)فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا )) [ سورة الإسراء] .
{ وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ }: وإسرائيل هو (يعقوب) عليه السّلام ، وفق ما ورد في القرآن الكريم [ آل عمران 93 ، مريم 58] . وأبناء إسرائيل هم الأسباط الاثنا عشر، وما توالد منهم. والقضاء هنا يخصّهم بصفتهم مجتمعاً، وهذا يستفاد من قوله تعالى: (( إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ )). (( فِي الْكِتَابِ )) : أي التوراة، ويؤكد هذا قوله تعالى في الآية الثانية: (( وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ )) . والمعروف أنّ التوراة نزلت لبني إسرائيل. وكان كلّ رسولٍ يبعث إلى قومه خاصّة وبعث محمد صلى الله عليه و سلم إلى النّاس كافّة .

(( لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ )) : واضح أنّ الكلام هو إخبار بالمستقبل. وبما أنّ الكتاب هو التوراة، فالنبوءة تتحدث عن المستقبل بعد زمن التوراة وليس بعد نزول القرآن الكريم. وقد وردت النبوءة في القرآن الكريم بصيغة الاستقبال، كقوله تعالى حكاية على لسان ابن آدم مخاطباً أخاه: (( قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ )) .


(( فِي الْأَرْضِ )) : الإفساد في جزء من الأرض هو إفساد في الأرض. والفساد هو خروج الشيء عن وظيفته التي خُلق لها، وهو درجات، منه الصغير، ومنه الكبير: (( وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا )) : فهو إفساد عن علو وتجبّر. وقد يكون الفساد عن ضعف وذلّة. أمّا الفساد المنبّأ به فهو عن علو كبير. والعلو يفسّرهُ قول الله تعالى: (( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِ نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ (4))) [ سورة الققصص الأية: 4] فإفساد المجتمع الإسرائيلى سيكون عن علو، وإستكبار، وغطرسة، وإجرام. (( مَرَّتَيْن )) : هذا يؤكد أن الإفساد هو إفساد مجتمعى، وفى زمانٍ ومكان معيّنبن. أما الإفساد الفردى فهو يتكرر فى كل لحظة.

(( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا )) : فإذا حصل الإفساد من قبل المجتمع الإسرائيلي في الأرض المباركة، وتحققت النبوءة بحصول ذلك، عندها ستكون العقوبة.
(( بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا )) : ذهب بعض المعاصرين إلى القول بأنّ العباد هم من المؤمنين، بدليل قوله تعالى: (( عِبَادًا لَنَا )) . وقد ألجأهم هذا إلى القول بأنّ المرة الأولى هي المرة التي تمّ فيها إخراج اليهود من المدينة المنوّرة في عصر الرسول صلى الله عليه و سلم، ثم دخول عمر بن الخطاب القدس فاتحاً، وهذا بعيد عن ظاهر النص القرآني. ولا ضرورة لمثل هذا التأويل لأن: (( عِبَادًا لَنَا )) تحتمل المؤمنين وغير المؤمنين مع وجود القرائن الكثيرة التي تدلّ على أنهم من غير المؤمنين. وإليك توضيح ذلك :


لاحظ قوله رضي اللهُ عنه: " كفرة المجوس، فجاسوا خلال الدّيار " فهو يجزم أنّهم " كفرة "، وقد استشهد بالمرة الأولى، وهذا يوحي بأنّ المرة الثانية لم تحدث بعد، إذ كان الأولى أن يستشهد بالمرة الثانية، لأنها أقربُ في الزمان، وأدعى إلى الاعتبار.

[ الفرقان: 17].
لاحظ الكلمات: ( عباده، عبادي، عبادك، عبادنا ) في الآيات السابقة والتي تؤكد أنّ المقصود عموم البشر.


(( عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ )) : لا يتوهم أحد أنّ هذه الصفة لا تكون إلا فى المسلمين، فقد جاء فى سورة (الفتح) (( سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ )) [ سورة الفتح الآية : 16 ]
(( فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَار )) : الجوس هو التردد ذهاباً و إياباً. ونحن في العاميّة نقول: ( حاس الدّار) إذا أكثر من الذهاب والإياب حتى ظهرت آثار ذلك في أرجاء البيت في صورةٍ من الفوضى. وكذلك عندما نضع البصل في الزيت، ونضعهما على النّارِ، ونكثر من التحريك والتقليب، نقول ( إننا نحوس البصل). وإذا وقع إنسانٌ في مشكلة جعلته يضطرب فلا يعرف لحلها وجهاً نقول: ( وقع في حوسه). والحوس والجوس بمعنى واحد.
1ــ لم يرد تعبير (( عِبَادًا لَنَا )) في القرآن الكريم إلا في هذا الموضع فقط. وأهل اللغة من المفسرين القدماء لم يقولوا بأنّ (( عِبَادًا لَنَا )) تعني مؤمنين. بل ذهبوا إلى القول إنّهم من المجوس. 2ــ إذا صحّت اسالة عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الجند، والتي أخرجها (ابن سعد) في (الطبقات)، فستكون دليلاً على فهم الصحابة للآية الكريمة. يقول رضي الله عنه: " ولا تقولوا إنّ عدونا شرّ منا فلن يُسَلّط علينا وإن أسأنا. فربّ قومٍ سُلّط عليهم شرٌ منهم، كما سُلّط على بني إسرائيل لمّا أتوا مساخط الله كفرة المجوس، فجاسوا خلال الدّيار وكان وعداً مفعولاً " . 3ــ نقرأ في القرآن الكريم: (( ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَاعِبَادِ فَاتَّقُونِِ)) [ الزمر: 16]. (( تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ )) [ الزمر: 46]. (( نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا )) [ الشورى: 52]. (( إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ)) [ فاطر: 31]. (( أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ )) 4ــ التخصيص في قوله تعالى: (( عِبَادًا لَنَا )) يقصد به إبراز صفة قادمة وهي هنا: { أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ}. فإذا قلت: ( ولدي ذكي ) فهمنا أنك تقصد الحديث عن ولدك. أمّا إذا قُلت: ( ولدٌ لي ذكيٌ ) فهمنا أنّك تقصد الحديث عن ذكاء ولدك بالدرجة الأولى. 5ــ ودليل آخر من حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم فقد أخرج مسلم فى صحيحه فى كتاب الفتن، باب ذكر الدّجال، عند الحديث عن يأجوج و مأجوج " ... فبينما هو كذلك، إذ أوحى اللهُ إلى عيسى عليه السّلام : أنى قد أخرجتُ عباداً لى لا يدان لأحد بقتالهم " لاحظ : " عباداً لى " .
والعقبة هنا غير واضحة المعالم كالمرة الثانية، ولكنك تستطيع أنْ تتصورها عندما يجوس قوم أولوا بأسٍ شديد ليس في قلوبهم إيمانٌ ورحمة.
بدأ الفساد بانقسام الدولة بعد موت سليمان عليه السّلام عام (935ق.م )، ثم كان جوس المصريين، فالأشوريّين، فالكلدانيين. وبارتفاع وتيرة الفساد ارتفعت وتيرة الجوس وخطورته، حتى بلغ الذروة بتدمير الدولة الشمالية ( إسرائيل) عام ( 722ق. م ). وبذلك تمّ قتل وسبي عشرة أسباط من الأسباط الاثني عشر. وبقي الجوس في الدولة الجنوبية (يهوذا) على الرغم من بعض الإصلاحات، وأبرزها إصلاحات (يوشيا) عام ( 621ق. م ) [ تاريخ سورية ولبنان وفلسطين، د. فيليب حتي، ترجمة د. جورج حداد، دار الثقافة، بيروت، ط3، ج1، ص 218.]، إلى أن تمّ تدميرها من قبل الكلدانيّين عام (586ق. م ). وبذلك تلاشت آثار المملكة التي أسسها داود وسليمان عليهما السّلام.
(( عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ )) الدّارس للتاريخ يلاحظ:


(( وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا )) : لا بُدّ أن يقع و ينفذ.
بعد زوال المملكتين انتهت المرة الأولى، لكن جزءاً من اليهود عادوا إلى الأرض المباركة على مراحل، و بدأت عودتهم فى عهد (كورش) الفارسى، الذى حرص على أن لا يقيم لهم دولة. ثم كان الاحتلال اليونانى عام (333 ق.م)، ثم الأنباط، فالرومان الذين استمر احتلالهم للأرض المباركة حتى العام (636 م)، أى عام فتح عمر بن الخطاب للقدس.
قام اليهود العائدون من الشتات بمحاولات عدّة لتحقيق الاستقلال، أو الحصول على حكم ذاتى. وقد نجحت بعض هذه المحاولات لفترة محدودة حت كان السبى على يد (تيطس) الرومانى سنة (70 م)، ثم السبى الأخير عام (135م). و قد التبس الأمر على البعض، فذهبوا إلى القول إنّ المرة الثانية كانت عام (70م) و (135م)، لأن الهيكل الأول دُمّر عام (586 ق.م)، و دُمّر الهيكل الثانى عام (70م)، و مُحيت أثاره تماماً عام (135م).
على أيّة حال يمكننا بالرجوع إلى النص القرآنى أن نلحظ أن هناك تعريفاً بالمرة الثانية يرفع كل التباس، و إليك بيان ذلك:
(( ثُمَّ )) : و هى للتراخى فى الزمن: سنة..... عشـــرات السـنين .... آلاف ...... لا ندرى.
(( ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمْ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ )) : تعاد الدّولة لليهود على من أزال الدولة الأولى. ولم يحصل هذا في التاريخ إلا عام ( 1948م )، إذ ردت الكرة لليهود على من أزال الدولة الأولى. والذين جاسوا في المرة الأولى هم : المصريون والأشوريّون، والكلدانيّون. أمّا التدمير الكامل فكان بين الأشوريّين والكلدانيّين. وأحب هنا أن يعلم القارئ أنّ الأشوريّين والكلدانيّين هم قبائل عربية هاجرت من الجزيرة العربية إلى منطقة الفرات، ثم انساحت في البلاد، حتى سيطروا على ما يسمى اليوم العراق وسوريا الطبيعيّة. وقد أسلم معظم هؤلاء وأصبحوا من العرب المسلمين. وهذا ما حصل لأهل مصر أيضاً. أمّا اليونان والرومان فلم يكن لهم يد في زوال المملكة ولم تُردّ الكرة لليهود عليهم. ولم يكن اليهود في يومٍ من الأيام أكثر نفيراً. أمّا نجاح اليهود في الحصول على شيء من الاستقلال في عهد اليوناني والروماني، فلا يمكن اعتباره ردّاً للكرة لأنّ اليونان والرومان لا علاقة لهم بالجوس الأول، ثم إنّ اليهود استطاعوا أنْ يحصلوا فقط على ما يسمى اليوم ( الحكم الذّاتي ).
(( وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ)) لاحظ إيحاءات: (( أَمْدَدْنَاكُم )) ، ثم انظر واقع ( إسرائيل) قبل قيامها وبعد قيامها إلى يومنا هذا؛ فقد قامت واستمرّت بدعمٍ ماليٍّ هائل من قبل الغرب. ولا أظن أنني بحاجة إلى التفصيل في هذه المسألة التي يعرفها الجميع.
(( وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ )) : قوله تعالى (( وَبَنِينَ )) لا يعني أنّهم لم يُمدّوا بالبنات، إذ لا ضرورة للكلام عن البنات في الوقت الذي نتكلم فيه عن ردّ الكرة وقيام الدولة، وحاجة ذلك إلى الجيوش الشابّة المقاتلة. قرأتُ في كتاب ( ضحايا المحرقة يتهمون) والذي قام على تأليفه مجموعة من الحاخامات اليهود، أنّ حكومة هتلر عرضت على الوكالة اليهودية أن تدفع الوكالة خمسين ألف دولار، مقابل إطلاق سراح ثلاثين ألف يهودى، فرفضت الوكالة هذا العرض مع علمها بأنهم سيُقتلون. و يرى مؤلفوا الكتاب أن سبب الرفض هو أنّ الثلاثين ألفاً هم من النساء، والأطفال، والشيوخ، الذين لا يصلحون للقتال في فلسطين. فقد كانت الوكالة اليهوديّة تحرص على تهجير العناصر الشابّة القادرة على حمل السلاح، أي ( البنين).
(( وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا )) : والنفير هم الذين ينفرون إلى أرض المعركة للقتال. ومع أنّ العرب كانوا أكثر عدداً عام ( 1948م )، إلا أنّ اليهود كانوا أكثر نفيراً؛ ففي الوقت الذي حشد فيه العرب (20) ألفاً، حشد اليهود أكثر من ثلاثة أضعاف( 67 ) ألفاً.
هناك ستّة عناصر لقيام الدولة الثانية ( الآخرة ) نجدها في القرآن الكريم، تُدهش وأنت تراها بعينها عناصر قيام دولة إسرائيل عام 1948م :

انظر إلى هذه العناصر الستّة ثم قل لى : هل هناك عنصر سابع يمكن إضافته ؟! وهل هناك عنصر زائد يمكن إسقاطه ؟! وبذلك يكون التعريف جامعاً كما يقول أهل الأصول.
لم يرد تعبير: (( وَعْدُ الْآخِرَةِ )) فى القرآن الكريم إلا فى سورة الإسراء، فى الآية (7)، والآية (104). و الحديث فى الآيتين عن بنى إسرائيل: (( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ )) ، (( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا(104) )) فى بداية سورة الإسراء تمّ تفصيل الحديث فى المرتين، و فى نهايات سورة الإسراء تمّ الإجمال فى الحديث عن المرتين (( فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنْ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا(103)وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا(104) )) أى قلنا من بعد غرق فرعون لبنى إسرائيل: اسكنوا الأرض المباركة، وبذلك يتحقق وعد الأولى. وقد كان القضاء بحصول المرتين بعد خروج بنى إسرائيل من مصر. (( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا )) . وهذا يعنى أن اليهود بين (الأولى) و (الأخرة) يكونون فى الشتات، بدليل قوله تعالى: (( جِئْنَا بِكُمْ )) ومن هذه الأية تم استنباط العنصر الخامس والسادس: (نجمعكم من الشتات فى حالة كونكم منتمين إلى أصول شتّى). و هذا معنى: (( جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا )) . والله أعلم. أما قولنا إنّ الأرض هي الأرض المباركة، فيظهر ذلك جليّاً في الآيتين: (136'137) من سورة الأعراف: (( فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ(136)وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا...)) من هنا يمكن أن نوظف التاريخ لتحديد الأرض المباركة شرقاً وغرباً. و المعروف أن بنى إسرائيل سكنوا واستوطنوا فلسطين والتى لم تكن فى الصورة الجغرافية المعاصرة، إلا المشارق والمغارب. وقد بوركت فلسطين فى القرآن الكريم خمس مرات، وقُدّست مرة واحدة:


تتحدث الآية الأولى عن الأرض التى سكنها بنو إسرائيل بعد إخراجهم من مصر و غرق فرعون. وهى الأرض المقدسة التى التى وعدوا أن يدخلوها فى الأية السادسة.
أمّا المسجد الأقصى فمعلومٌ أنّه فى فلسطين. أمّا الآية الثالثة فتتحدث عن نجاة إبراهيم و لوط (عليهما السّلام) إلى الأرض المباركة. ويتفق أهل التاريخ على القول بأن لوطاً عليه السّلام كان فى منطقة (أريحا)، فى حين سكن إبراهيم عليه السّلام (الخليل) ودفن فيها. أما الآية الرابعة فتتحدث عن سليمان عليه السّلام ، و معلوم أن مملكته كانت فى فلسطين، وعاصمتها القدس. أما الآية الخامسة فتتحدث عن العلاقة بين (سبأ) و ( مملكة سليمان) عليه السّلام ، ومعلوم أنّ مملكته عليه السّلام تعدّت في اتساعها حدود فلسطين المعاصرة. أمّا فلسطين فقد كانت الجزء الأساسي والرئيسي في مملكته عليه السّلام .
(( إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا )) وَعْظٌ يحمل معنى التهديد.
(( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ )) : إذا تحقق وعد الإفسادة الثانية، وحصل من اليهود العلو و الطغيان، عندها ستكون العقوبة:
(( لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ )) ولم يقل ( ليسوؤن وجوهكم). و فى الأولى كان جواب (إذا) هو (بعثنا). فأين جواب (إذا) فى الثانية؟ أقول : هو أيضاً (بعثنا) و المعنى : فإذا جاء وعد الثانية بعثناهم لتحقيق ثلاثة أمور : ليسوءوا ... وليدخلوا ... وليتبروا.
(( ِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ )) أى يلحقوا العار بكم، أو يُسيئوا إليكم إساءة تظهر آثارها فى وجوهكم . وقد يكون المقصود تدمير صورتهم التى صنعوها عبر الإعلام المزيّف، بحيث تتجلى صورتهم الحقيقيّـة، ويلحقهم العار، وتنكشف عوراتهم أمام الأمم التى خُدعت بهم سنين طويلة. وهذا يكون بفعل العباد الذين يبعثهم الله لتحقيق وعد الآخرة.
(( وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ )) المقصود المسجد الأقصى، و الذى بنى بعد المسجد الحرام بأربعين سنة، وفق ما جاء فى الحديث الصحيح.
(( كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ )) تكون نهاية كل مرة بدخول المسجد الأقصى، و سبق أن بيّنّا أنّ نهاية المرة الأولى كانت عام (586 ق.م)، إذ دمّرت دولة يهوذا. وسقطت القدس فى أيدى الكلدانيين. أما اليوم فقد اتخذ الإسرائيليون القدس عاصمة لهم، ولا شكّ أن سقوط العاصمة، والتى هى رمز الصّراع، لهو أعظم حدثٍ فى المرة الثانية، والتى سمّاها الله (الآخرة)، مما يشير من طرفٍ خفىًّ إلى أنْ لا ثالثة بعد الأخيرة. وهذا مما يعزز قولنا: إنّ هذه هى الثانية إذ لا ثالثة، وقد سبقت الأولى.
(( وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا )) : يدمّرون، ويهلكون، ويُفتّتُونَ كل ما يسيطرون عليه، إهلاكاً، و تدميراً، وتفتيتاً. وذلك يوحى بأن المقاومة ستكون شديدة تؤدى إلى رد فعل أشد. و (ما) تدلّ على العموم وهى بمعنى (كل) و الضمير فى (عَلَوا) يرجع إلى أعداء بنى إسرائيل. ويجب أن لا ننسى لحظة أنْ المُخَاطَب فى هذه النّبوءة هم اليهود: (( لَتُفْسِدُنَّ ... وَلَتَعْلُنَّ ... عَلَيْكُمْ ... رَدَدْنَا لَكُمْ ... وَأَمْدَدْنَاكُمْ ... وَجَعَلْنَاكُمْ ... أَحْسَنتُمْ ... أَسَأْتُمْ ... وُجُوهَكُمْ ... يَرْحَمَكُمْ ... عُدْتُمْ ... )) لذلك يجب أن نَصْرِف الَضّمائر التالية إلى أعداء اليهود فى المرتين : (( فَجَاسُوا ... عَلَيْهِمْ ... لِيَسُوءُوا ... وَلِيَدْخُلُوا ... دَخَلُوهُ ... وَلِيُتَبِّرُوا ... عَلَوْا ... )) .
هل يكون التدمير فى كل الأرض المباركة، أم فى جزء منها؟ النّص لا يبت فى احتمالٍ من الاحتمالين. ولكن يلاحظ أنّ الحديث عن التّتبير جاء بعد الحديث عن دخول المسجد الأقصى، مما يجعلنا نتوقّع أن يكون التّدمير فى محيط مدينة القدس. وتَجْدر الإشارة هنا إلى أنّ (الواو) لا تفيد ترتيباً ولا تعقيباً : ( ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد وليتّبـروا... ) ولكن الترتيب يرهص بذلك. ويمكن تصوّر تراخى الدخول عن إساءة الوجه أمّا الدخول و التتبير؛ فقد يسبق التتبير الدخول، وقد يتلازمان، وقد يأتى التتبير بعد الدخول وهذا بعيد إذا كان من سَيَدْخُل هم أهل الإيمان.
(( عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ )) : دعوة إلى التوبة و الرجوع إلى الله.
(( وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا )) : وإن عدتم يا بنى إسرائيل الى الفساد عدنا إلى العقوبة ترغيب و ترهيب يناسبان المقام. فهل يتعظ اليهود بعد هذا الحد؟ المتدبّر للقرآن الكريم يدرك أنّ فئة منهم ستبقى تسعى بالفساد أينما حلوا. قال سبحانه و تعالى فى سورة الأعراف : (( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ )) [ الأية: 167 ]. وقال سبحانه فى سورة المائدة : (( وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ …)) [الآية: 64] . وهذه عقوبات دنيويّة تحل بهم لفسادهم.
(( إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ..)) فهي إذن بشرى قرآنية.
(( وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ )) : فهي بشرى للمؤمنين السّالكين طريق الحق.
(( وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (10) )) هي بشرى للمؤمنين وإنذار لبني إسرائيل الذين يؤمنون بالله والرسل بوجه من الوجوه، ولكنهم لا يؤمنون بالآخرة؛ فالعهد القديم يزيد عن الألف صفحة، ومع ذلك لا تجد فيه نصّاً صريحاً بذكر اليوم الآخر.
ختمت النبوءة بالحديث عن القرآن الكريم، فهو يهدي، ويبشّر، وينذر. وهي الخاتمة نفسها التي ختمت بها النبوءة المجملة في الآية (104) : (( وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (104) وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا )) [سورة الإسراء، الآية: 105]. وجاء في التعقيب على النّبوءة المفصّلة: (( وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا )) [الإسراء، الآية: 11] وجاء في التعقيب عليها مجملة: (( وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا (106) قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا(107)وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا(108)وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا )) [الإسراء، الآيات: من 106ــ 109] .
هل يقصد بهذه الآيات الحديث عن بعض ردود الفعل على الحدث في حينه، وانعكاسه على أهل الكتاب إيجابياً وإدراكهم أنّ الإسلام حق، واندهاشهم وانبهارهم لحصول النبوءة وفق ما أخبر القرآن الكريم: (( سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا )) : نعم لا بد لوعد الله أن يتحقق. وانظر إلى قوله تعالى (( وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا )) وقوله في الثانية: (( إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا )) . ثم تدبّر خاتمة سورة الإسراء من جهة المعنى والموسيقى: (( وَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنْ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا(111) )) .
نقرأ في السيرة النبوية الشريفة أنّ الرسول صلى الله عليه و سلم أخرج يهود بني قينقاع من المدينة، ثم أخرج يهود بني النّضير، فنزلت سورة (الحشر) والتي تستهل بالتسبيح كسورة الإسراء: (( سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(1)هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ )) قال المفسرون: ( لأول جمعٍ لهم في بلاد الشّام ). والسؤال: ما الحكمة من جمعهم في بلاد الشّام؟ ولماذا اعتبر هذا الإخراج أول الجمع؟ وماذا سيحصل في آخر الجمع؟
ورد فى تفسير النّسفي أنّ الرسول صلى الله عليه و سلم قال عندما أخرج بني النّضير: " امضوا لأول الحشر وإنّا على الأثر" فهل يشير ذلك إلى وعد الآخرة (( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا )) ؟
فدخول بنى إسرائيل الأرض المباركة بعد موسى عليه السّلام كان مقدمة لتحقق وعد الأولى.
ودخولهم بعد أن أخرجهم الرسول صلى الله عليه و سلم كان أيضاً مقدمة لتحقق وعد الآخرة. أما التراخي في الزمن فلا يعني شيئا، لأن المقصود أنّ هذا مقدمة لحصول الوعد الذى نزل فى سورة الإسراء. فهو مجرد بداية رمزيّة. وأخرج النسفى أن قسماً من بنى النضير سكنوا (أريحا). أقول: لا يكون الجمع فى بدايته حشراً، وإن كان يصح أنْ نقول أول الحشر، لأن الحشر يعنى الجمع الذى يكون معه ضيق فى المكان، والضيق النفسى. وهذا يرهص بأن وعد الأخرة يتحقق عندما يصبح جمع بنى إسرائيل فى الأرض المباركة حشراً.
يقول علماء الأجناس إنّ 90% من يهود العالم هم من الأمم التي تهوّدت ولا يرجعون في أصولهم إلي بني إسرائيل. ويُقرُّ اليهود بأنّ هناك عشرة أسباط ضائعة: ( رأوبين، شمعون، زبولون، يساكر، دان، جاد، أشير، نفتالي، أفرايم ومنسي) [ من هو اليهودي في دولة اليهود ــ عكيفا أورــ دار الحمراء ــ بيروت ــ ط1 ــ 1993 ص147. من هنا ندرك أنّ مسألة الحق التاريخي هي أسطورة اخترعها اليهود الصّهاينة، لأن الغالبية العظمى من بني إسرائيل تحوّلوا إلى المسيحيّة والإسلام.] على ضوء ذلك كيف نقول إنّ يهود اليوم هم أبناء إسرائيل؟ نلخّص الإجابة بما يلي:


يظن البعض أن نهاية الدولة الإسرائيليّة تعني اقتراب اليوم الآخر، وهذا غير صحيح، ولا أصل له.
أمّا قول الرسول صلى الله عليه و سلم " لا تقوم السّاعة حتى يقاتل المسلمون اليهود.... " فقد ذهب بعض العلماء إلى القول إنّ المقصود أنّ الأمر لا بد أنْ يحصل، وليس المقصود أنّ قتالهم من علامات القيامة. أقول: حتى لو كان المقصود أنّ قتالهم هو من علامات يوم القيامة. فمن قال إنّ زوال دولتهم هذه فى فلسطين هو آخر قتالٍ لهم فى الأرض، وإلا فما معنى قول الله تعالى: (( وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا )) ؟! وهل نسينا أن عامّة أتباع الدّجال هم من اليهود وفق ما جاء فى الحديث الصحيح؟!
جاء فى سنن أبى داود، فى كتاب الجهاد: " ... يا ابن حوالة، إذا رأيت الخلافة قد نزلت أرض المقدس، فقد اقتربت الزلازل والبلابل والأمور العظام. و السّاعة يومئذ أقرب إلى النّاس من يدى هذه من رأسك" أو كما قال الرسول صلى الله عليه و سلم . قول الرسول صلى الله عليه و سلم "... الخلافة قد نزلت ..." دليل على أنّ الخلافة سَتُسافر حتى تنزل فى بيت المقدس فتكون آخر دارٍ للخلافة. والتاريخ يخبرنا أنّ الخلافة سافرت من المدينة، إلى الكوفة، إلى دمشق، إلى بغداد، ثم إلى اسطَنْبُول ...ثم ... ثم ... حتى تنزل بيت المقدس. ويؤيّد معنى هذا الحديث قول الرسول صلى الله عليه و سلم : " هم فى بيت المقدس و أكناف بيت المقدس " فعندما يأتى أمرُ الله يكون آخر ظهور للمسلمين فى بيت المقدس و أكناف بيت المقدس. واللافت للانتباه أنّ المسلمين لم يتخذوا بيت المقدس داراً للخلافة، مع أنّ دواعى ذلك كثيرة. ولا أظنّ أنّ الذين سيحرورنها فى هذا العصر سيتّخذونها عاصِمةً و داراً للخلافة. أو بمعنى آخر لا أظنّ أنّ آخر ظهورٍ للمسلمين سيكون عند تحرير بيت المقدس. بل إن آخر ظهور سيكون على يد المهدى الذى سيحكم الأرض بالإسلام، و تكون عاصمة دولته القدس. كانت البداية فى مكة، وستكون الخاتمة فى القدس.
(( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا ))
[ الإسراء، الاية: 7 ]
1- أن الجوس قام به المصريّون، والاشوريّون، و الكلدانيّون (البابليّون) وبذلك نلحظ دقة التعبير القرآنى: (( عِبَادًا )) هكذا بالتنكير. 2- كانت الأمم الثلاث قوية وشديدة البأس، وتجد ذلك واضحاً فى الروايات التاريخيّة. 3- دخلت جيوش هذه الأمم- خلال الديار- من غير تدمير لكيان المجتمع وأبقوا الملوك فى عروشهم، حتى كان الملك (هوشع)، الملك التاسع عشر على مملكة (إسرائيل)، فزالت فى عهده عام (722 ق.م). أما (يهوذا) فزالت عام (586) فى عهد الملك (صدقيا) الملك التاسع عشر على مملكة (يهوذا). وبذلك انتهى الجوس. من هنا نلحظ دقة التعبير القرآني: (( خِلَالَ الدِّيَارِ )) . 4- تصاعدت وتيرة الفساد و تصاعد معه الجوس حتى كان الأوج عام (722 ق.م)، و عام (586 ق.م). من هنا ندرك دقة التعبير القرآنى: (( لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ ..... وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا )) . 1ــ تعاد الكرة والدولة لليهود على من أزال الدولة الأولى. وهذا لم يحصل في التاريخ إلا عام 1948م كما أسلفنا. 2ــ تُمدّ إسرائيل بالمال الذي يساعدها في قيامها واستمرارها، ويظهر ذلك جليّاً بشكل لا نجد له مثيلاً في دولة غير إسرائيل. 3ــ تمدّ إسرائيل بالعناصر الشابّة القادرة على بناء الدولة. ويتجلى ذلك بالهجرات التي سبقت قيام إسرائيل والتي استمرت حتى يومنا هذا. 4ــ عند قيام الدولة تكون أعداد الجيوش التي تعمل على قيامها أكبر من أعداد الجيوش المعادية. وقد ظهر ذلك جليّاً عام 1948م ، على الرغم من أنّ أعداد العرب تتفوّق كثيراً على أعداد اليهود. 5ــ يُجمع اليهود من الشتات لتحقيق وعد الأخرة. وهذا ظاهر للجميع. [ يأتى بيان ذلك بعد أسطر]. 6- عندما يُجمع اليهود من الشتات يكونون قد انتموا إلى أصولٍ شتّى، على خلاف المرة الأولى فقد كانوا جميعاً ينتمون إلى أصل واحد و هو إسرائيل عليه السلام . أما اليوم فإننا نجد أنّ الشعب الإسرائيلى ينتمى إلى (70) قومية أو أكثر. 1- (( وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا )) الأعراف: 137 ] 2- (( إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ )) [ الإسراء: 1 ] 3- (( وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ(71) )) [ الإنبياء: 71 ] 4- (( تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا )) [ الإنبياء: 81 ] 5- (( وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً )) [ سبأ :18 ] 6- (( يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ )) [ الملئدة: 21 ] 1ــ يقول الله تعالى في سورة الإسراء: (( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا )) والمقصود نجمعكم من الشتات في حالة كونكم منتمين إلى أصولٍ شتّى، على خلاف المرة الأولى. 2ــ أصرّ اليهود على تسمية الدولة الأخيرة هذه (إسرائيل)، فأصبحت البُنُوّة هي بُنُوّة انتماءٍ للدولة. فلا شكّ أنّهم اليوم أبناء إسرائيل. 3ــ إنّ الحكم على النّاس في دين الله لا يكون على أساس العرق والجنس، بل على أساس العقيدة والسلوك. وقد آمن بنو إسرائيل باليهوديّة على صورة منحرفة، فيُلحقُ بهم كل من يشاركهم في عقيدتهم وشرعهم. 4ــ الانتماء الحقيقي هو انتماء الولاء، يقول سبحانه وتعالى في سورة المائدة: (( وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ )) [المائدة، الآية: 51] 5ــ لا نستطيع أن ننكر أنّ قسماً من يهود
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 521 مشاهدة
نشرت فى 16 سبتمبر 2011 بواسطة ashrafassy

ساحة النقاش

أشـــرف محمـــد عـاصـــــى

ashrafassy
"إن المحاماة عريقة كالقضاء ، مجيدة كالفضيلة ، ضرورية كالعدالة ، هي المهنة التي يندمج فيها السعي إلى الثروة مع أداء الواجب حيث الجدارة والجاه لا ينفصلان ،المحامي يكرس حياته لخدمة الجمهور دون أن يكون عبداً له، ومهنة المحاماة تجعل المرء نبيلاً عن غير طريق الولادة ، غنياً بلا مال »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,468,367