تنبه العالم كله منذ فترة الى أهمية الأشجار و الشجيرات لحفظ التوازن بين غازات الغلاف الجوي، و الى أهمية تنمية و صون الزراعات الشجرية (سواء كانت طبيعية أو صناعية) لتوفير الاحتياجات المتزايدة من الأخشاب الطبيعية. و مصر كجزء من هذا العالم أولت نشاط زراعة الأشجار بأنواعها المختلفة اهتماماً كبيراً حفاظاً على البيئة من التلوث و لإنتاج كتلة خشبية تصلح للصناعة في محاولة لخفض معدل الاستيراد من الخارج و الذي تجاوز عام 2008 أكثر من 3 مليار دولار، و ذلك من خلال زراعة الأشجار الخشبية في الأراضي الهامشية و استخدام مياه الصرف الصحي و الصناعي أو مياه الصرف الحقلي في ري هذه الأشجار عند زراعتها في تجمعات غاباتية أو خطوط طولية على المصارف و المراوي و في مصدات الرياح.
من هذه الأنشطة، تلك الغابة الصناعية التي أنشأت بمدينة برج العرب الجديدة و تروى بمياه الصرف الصحي و الصناعي منذ عام (1994) و التي تجمع بين زراعة بعض المخروطيات (مثل التاكسوديوم او السرو العاري) و بعض الأنواع عريضة الأوراق (مثل الأكاسيا ساليجنا و اللبخ و الزنزلخت). و تقع مدينة برج العرب الجديدة على بُعد 60كم جنوب غرب مدينة الأسكندرية و بها محطة معالجة تعالج 18 مليون م3 سنوياً من ناتج صرف المدينة الصحي و الزراعي. توجد بالمدينة شبكات مواسير للصرف الصحي بطول 40 كم في الحي السكني و المناطق الصناعية و تضم المحطة 18 حوضاً للترسيب و الأكسدة، كل ثلاثة أحواض منها تمثل وحدة كاملة، حيث تضخ مياه الصرف في الحوض الأول حتى يتم إمتلاؤه فيترسب جزء كبير من الحمأة (المواد الصلبة) – أما المياه الرائقة نسبياً فتزاح الى الحوض الثاني ثم الثالث. و تعتمد معالجة المياه داخل هذه الأحواض على نشاط البكتريا الموجودة (و التي تنشط في وجود آشعة الشمس) و كذا الطحالب الموجودة على سطح الحوض، حيث تقوم جميعها بأكسدة المواد العضوية و تحليلها الى مركبات أصغر منها.
و أرض مدينة برج العرب تعتبر جيرية (تتراوح فيها نسبة كربونات الكالسيوم ما بين 30-60%)، أما قوامها فهو رملي طميي و يلائمها استخدام مياه الصرف المعالجة. و يعتمد ري غابة الأشجار الخشبية في مدينة برج العرب الجديدة على استخدام مياه معالجة أولياً لها معدل أكسيجين حيوي مستهلك مقداره 220 جزء في المليون. و نظراً لوجود سلسلة من أحواض المعالجة فقد أدى ذلك الى رفع جودة المياه المستخدمة و انخفضت نسبة الأكسجين الحيوي المستهلك الى 100 جزء في المليون و هي أعلى من القيمة المسموح بها في قانون البيئة المصري رقم (4) لسنة 1994 و الذي أوصى بأن تكون القيمة العظمى 40 جزء في المليون. و يمكن الوصول الى هذه القيمة بعمل بعض المعالجات و اضافة نسبة من الكلور لمياه الحوض. أما تركيز العناصر الثقيلة في جميع أحواض الترسيب و الأكسدة فهي أقل من الحد الأعلى الموصى به من قبل الأكاديمية القومية للعلوم. كذلك لوحظ أن تركيز الأمونيوم بالحوض الأخير (الثالث) قد انخفض بشكل واضح نتيجة عوامل الأكسدة و زيادة التهوية حيث بلغت نسبة الأكسجين الذائب 6.7 جزء في المليون.