يتطلع المجتمع الدولي إلى "قمة الأمم المتحدة للأمراض غير المعدية (غير السارية)" المقرر انعقادها في 19- 20 أيلول/سبتمبر 2011 على مستوى رؤساء الدول والحكومات حيث من المتوقع أن تصدر عند اختتامها وثيقة عمل دولية تهدف إلى إحداث تغيير ملموس في حياة الأشخاص المصابين بالأمراض غير المعدية ومجتمعاتهم.
نعم لقد استطاع هذا الوباء العالمي "الأمراض غير المعدية" أن يفرض مكانه على رأس أولويات الأمم المتحدة لأنه يهدد التنمية الاجتماعية والصحية والاقتصادية بالإضافة إلى الأمن العالمي، فقد دلّت الدراسات العالمية أن هذه الأمراض غير المعدية وخاصة السرطان، والأمراض القلبية الوعائية، والأمراض التنفسية المزمنة وداء السكري، تسبب العديد من حالات الإعاقة الحركية والبصرية والسمعية وغيرها، كما تعدُّ القاتل الأول لأنها تسبب 60% من حالات الموت في العالم، تحدث أربعة أخماس هذه الوفيات في البلدان قليلة ومتوسطة الدخل حيث تباغت الناس وهم في أكثر سنوات حياتهم إنتاجاً.
دلت الدراسات أيضاً أنه يمكن منع أو تأخير هذه الوفيات الناجمة عن هذه الأمراض وإنقاذ نحو أربعة عشر مليون من أصل خمسة وثلاثين مليون شخص يموتون سنوياً.
إن اتخاذ إجراءات قوية وملموسة على المستويين الوطني والعالمي يمكن أن يغير ويصد هذا الوباء، لذلك يتطلع المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات قوية وملموسة من خلال التعهد والالتزام في وثيقة عمل القمة المزمع إصدارها ومتابعة تطبيقها بشكل فاعل. لقد شدد "تحالف منظمات الأمراض غير المعدية" الذي يضم مئات المنظمات من مختلف أنحاء العالم على أن تضم الوثيقة الختامية للقمة التوصيات التالية:
1- القيادة: مكافحة الأمراض غير المعدية تتطلب إشرافاً وتنسيقاً عالمياً يمكن أن تتولاه الأمم المتحدة بالعمل مع الحكومات والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية لتنفيذ وثيقة عمل القمة العالمية، كما ينبغي أن تدرج الأمراض غير المعدية في الأهداف الإنمائية العالمية لضمان امتلاك البلاد قليلة ومتوسطة الدخل الموارد والخبرات الداعمة لمواجهة هذه الأمراض مع وجود استرتيجية وطنية وخطة عمل مشتركة ذات أهداف محدودة للوقاية والكشف المبكر والعلاج والرعاية.
2- الوقاية: إن معظم الأمراض غير المعدية يمكن الوقاية منها وتجنبها من خلال مكافحة عوامل الخطر وهي: التدخين، الغذاء غير الصحي، ضعف النشاط الفيزيائي، الكحول، هذا ويمكن التصدي للتدخين في سياق تفعيل تطبيق الاتفاقية الدولية الإطارية لمكافحة التبغ التي صادقت عليها دول العالم، بالإضافة إلى التدخل المناسب والمدروس لبعض هذه الأمراض غير المعدية.
3- التشخيص والمعالجة: التشخيص المبكر والعلاج يوقف تطور الأمراض إلى اختلاطات مكلفة ومسببة للإعاقات والموت المبكر، وهناك وسائل موثوقة غير مكلفة للتشخيص ومعالجة الأمراض غير المعدية ينبغي توافرها للجميع.
4- النظُم الصّحية: مستوى الرعاية الصحية الأولية أمرٌ حيوي في الوقاية والتشخيص والمعالجة. ينبغي إدراج ودمج الخدمات الخاصة بالأمراض غير المعدية في برامج النظم الصحية الموجودة والتي ينبغي دعمها وتعزيزها لمواجهة هذه المشكلة وتداعياتها.
5- الموارد: إن التدخل والعمل الآن يوفر الأموال الطائلة ويحفظ الأرواح في المستقبل، وهناك حاجة ماسة لمزيد من الاستثمار عن طريق تعزيز التمويل الوطني، والمساعدة الخارجية للبلاد قليلة ومتوسطة الدخل، وعلى وكالات التمويل التنموية العالمية وقف سياسات منع التمويل الخاص بالأمراض غير السارية المعمول بها منذ فترة طويلة.
6- البحث: التشديد على استثمار الحكومات في البحوث المتعلقة بأسباب وعلاج وتدبير الأمراض غير المعدية.
7- حقوق الإنسان والهشاشة: إن الفقر وسوء التغذية يضعف الناس، لذلك تكون بعض المجموعات الاجتماعية أكثر عرضة للإصابة بالأمراض غير المعدية، فمثلاً ينبغي تعزيز الصحة الإنجابية والتغذية الداعمة لأنها تنقص حدوث الأمراض غير المعدية في الأمهات والأطفال. كما يعاني المصابون بالأمراض غير المعدية في بعض المجتمعات التمييز والوصمة الاجتماعية وهما أمران ينبغي التصدي لهما ومنعهما.
8- الرصد والمتابعة: يحتاج تحقيق ذلك إلى رصد ومتابعة فاعلة، وهو ما يمكن أن تقوم به الأمم المتحدة من خلال عقد مؤتمر مراجعة وتقييم على مستو عال في عام 2016.
إن الدروس المستفادة من تجارب الأمم المتحدة السابقة مثل القمة العالمية للأطفال، ومؤتمر قمة الأرض، وقمة الأمم المتحدة لمتابعة الأهداف الألفية، وما شهدته من تحالفات بين القطاعات الحكومية وغير الحكومية والقطاع الخاص، تجعلنا نتطلع، وأكثر من أي وقت مضى، إلى مشاركة فاعلة عالمياً وإجراءات ملموسة وقوية محلياً أهم خطواتها وضع إستراتيجية وطنية للأمراض غير المعدية تمكّن من مواجهة تحديات هذا القاتل الأول في مجتمع تكون فيه الصحّة للجميع.
"اليرموك للإعلام الخاص"
ساحة النقاش