مشهد من «وداعاً» يتناول الجوانب الإنسانية في حياة الضحايا
«وداعاً» عمل درامي مأساوي، مؤلم وقاسٍ، لكنّه سيرسم البسمة أيضاً على وجوه المشاهدين لما يحمله من رسائل عديدة لذوي الضحايا اللبنانيين كما يصف كاتبه، حيث تدور الكاميرا لتؤرّخ لحظة واقعيّة مفجعة، تخليداً لذكرى ضحايا الطائرة الإثيوبيّة التي انفجرت وسقطت في البحر بعد دقائق قليلة على إقلاعها من مطار بيروت 25 يناير عام 2010، وكان من بينهم 53 لبنانيّاً، حيث تمّ تحويل هذه المأساة إلى مسلسل تلفزيوني قصير، سيتمّ عرضه قريباً على شاشة المؤسّسة اللبنانيّة للإرسال LBC.
رنا سرحان - يعد مسلسل «وداعا» درامياً، الأوّل من نوعه في لبنان، فجميع أحداثه حقيقيّة وموثّقة، وهو ثمرة جهود حثيثة قام بها فريق عمل كبير، على رأسهم صاحب الفكرة الكاتب أنطوان بيضون، والمخرج يوسف شرف الدين والمنتج إيلي المعلوف، بمشاركة 200 ممثّل وممثّلة.
وباشر الكاتب أنطوان بيضون، صاحب الفكرة، بكتابة أحداث هذا المسلسل، بعد معرفته أنّ مصطفى ابن صديقه هيثم أرناؤوط، كان في عداد ركّاب هذه الطائرة الإثيوبية، التي سقطت في البحر.
ولن يبدأ المسلسل مباشرة بحادثة سقوط الطائرة، بل سيعرض في البداية علاقة الضحايا بأهلهم، وعن فترة الأعياد التي أمضوها في لبنان مع عائلاتهم، ثمّ لقرار السفر ولحظات الوداع الأخيرة، ولا سيّما أنّ عاصفة قويّة كانت تضرب لبنان حينها، وكان هناك الكثير من الأهل يخشون من هذه الرحلة، وطلبوا من أبنائهم تأجيل مواعيد السفر.
معلومات
وسائل الإعلام كانت المصدر الأوّل بالنسبة لمعلومات بيضون، حيث أخذ عنها الكثير، لكنّها لم تكن كلّها دقيقة، وهذا ما اكتشفه عند مجالسته للأهل، الذين قدّموا إليه حقائق كثيرة في هذا المجال، ما اضطره إلى تغيير وتصويب الكثير ممّا كتبه، موضحاً أنّه تمّ التطرّق إلى جميع الضحايا من دون استثناء، بما في ذلك تسليط الضوء على قصّة شابّة إثيوبيّة، إضافة إلى زوجة السفير الفرنسي في لبنان وغيرهما.
أما المخرج يوسف شرف الدين فيشير إلى أنّ حلقات المسلسل سيتراوح عددها ما بين الـ 9 و10 حلقات، وتمّ تصويرها في أماكن متعدّدة من لبنان، ولا سيّما في مناطق سكن الضحايا، في وادي شحرور، أنطلياس، الفنار، جونية، الناعمة، صور، البترون، القليعات وغيرها، حيث أوضح شرف الدين أنّ هذا المسلسل جمع نخبة من أبرز الممثّلين الذين تأثّروا كثيراً واندمجوا في أحداثه، فكان أداؤهم لافتاً ومستواهم ممتازاً.
وعن العمل، قال شرف الدين: هذا المسلسل هو درامي، حيث تمّ توظيف إمكانات جيّدة له، وقد اتّبعت فيه الأسلوب السلس بعيداً عن الفلسفة الإخراجيّة، فهو ليس من تأليف الخيال بل يحكي قصصاً واقعيّة حصلت، وهدفه تسليط الضوء على الجانب الانساني.
ويجمع «وداعاً» نخبة من ألمع الممثّلين، أبرزهم: بيتر سمعان، فيفيان أنطونيوس، هيام أبو شديد، فادي ابراهيم، مازن معضّم، عمر ميقاتي، مي صايغ، نغم أبو شديد، رانيا سلوان، خالد السيّد، فؤاد شرف الدين، وفاء طربيه، ختام اللحّام، ليلى قمري، مجدي مشموشي وغيرهم، وقد بدا واضحاً الحزن على أجواء التصوير تأثّراً بأحداث المسلسل، كما بدا واضحاً اندفاع الممثلين إلى نقل صورة الأشخاص، كما هي دون أي تغيير.
ويقول بيتر سمعان الذي يقوم بدور بطولة في هذا الفيلم بدور الضحيّة مصطفى أرناؤوط،: أداء الأدوار الواقعيّة، يلقي علينا بمسؤولية كبيرة أمام المشاهد وأمام أهالي الضحايا، خصوصاً أنّ هذه الشخصيّة تعرّضت لحادث أليم كهذا، بغضّ النظر عن تأثير هذا الحادث الكبير، الذي كان واضحاً على الشعب عندما سقطت الطائرة.
تجربة
من جهته حاول الممثل مازن المعضم أن يقوم بدوره على أكمل وجه، وشعر أنّه يعيش هذه التجربة، وقال إن هذا الدور يجسّد شخصيّة كانت موجودة، لها خصوصيّتها، وقد تواصل مع زوجة الفقيد وأقاربه ليستفسر منهم أكثر عن تفاصيل تخصّ فغالي لناحية طباعه وطريقة تعبيره وتصرّفاته وتعاطيه مع محيطه، مشيراً إلى أن الممثّل عندما يقوم بتجسيد شخصيّة معيّنة، فإنّ ذلك يظهر من خلال أدائه وينعكس في عيونه ونظراته، حينها يكون قد استطاع نقل الصورة كما هي إلى الناس.
ويتابع الممثّل عمر ميقاتي: آمل أن يرضي أدائي عائلات الضحايا، حيث أقوم بأداء دور جرجي عسّال والد الضحيّة ألبير «الغطّاس الذي بقيت عائلته تأمل في نجاته من هذا الحادث»، ولقد كانت حوارات جرجي عسّال مؤثّرة جدّاً، خصوصاً عندما وقف ليحاور البحر بعدما علم بوفاة ابنه ألبير، الغطّاس المحترف، فوجّه نوعاً من العتاب والتحدّي إلى البحر، مع الإشارة إلى أنّ الوالد جرجي توفّي مباشرة وبعد فترة قصيرة من سماعه نبأ وفاة ابنه.
لحظات
أما الممثل فادي ابراهيم فيشير إلى أن اللحظات التي عاشها أثناء أدائه لهذا الدور كانت مؤثّرة جدّاً، حيث يقوم بأداء دور هيثم أرناؤوط، والد الضحيّة مصطفى، ويقول عن العمل: قصّة هذا المسلسل ليست عاديّة، بل مأساة يحيط بها الكثير من علامات الاستفهام، ولا سيّما مع وفاة هذا العدد الكبير من الناس وبشكل فجائي، وبالتالي فإنّ هذا الموضوع دقيق وحسّاس جدّاً، حتّى إنّ هناك بعض العائلات رفضت أن يتمّ الحديث عنها.
وستقوم الممثّلة هيام أبو شديد بأداء دور والدة مصطفى، وكانت قد اجتمعت بآل أرناؤوط وتحدّثت معهم عن العمل وأطلعت على رأيهم ومشاعرهم، وهم بدورهم دعوا فريق العمل لزيارتهم.
وتقول هيام: ألعب دور شخصيّة عاشت تجربة مؤلمة ومرعبة ومحزنة، وهي ليست شخصيّة عاديّة، وهذا الدور ليس كغيره من الأدوار، ليس من التاريخ ولا من خيال كاتب، بل هو حقيقة والدة فُجعت بولدها في كارثة عاشها لبنان، وللأسف أبطالها عاشوا مأساة حقيقيّة.
ساحة النقاش