حشمة المرأة هي زينتها عند خروجها من المنزل
لفت علماء الدين إلى أن الإسلام دين واقعي في تعامله مع الإنسان، ويراعي التزين والترويح عن النفس، ويغرس فيه حب الجمال والشعور به، لكن من دون إسراف ولا كبرياء ولا تغيير لخلق الله والإسلام. وقالوا إن الإسلام وضع كثيراً من المواصفات والشروط في التزين والتجمل بالنسبة للرجل والمرأة، منها عدم الإسراف في التزين وعدم التبرج للمرأة وعدم التشبه بالرجل، حتى تستقيم الأمور وتسود الأخلاق الإسلامية الحميدة في المجتمع المسلم.
أحمد شعبان - حول تعامل ديننا الحنيف مع مفهوم الجمال، يقول أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر الدكتور أحمد محمود كريمة «إن الإسلام دين الواقعية والفطرة، لأنه يتعامل مع الحقائق الموضوعية ذات الوجود الحقيقي، لا مع تصورات مجردة ولا مثاليات خيالية لا وجود لها، وهو فطري لأنه جاء موافقاً للفطرة البشرية، مهذباً لغرائزها البشرية الآدمية، ولذا قال الحكماء: لو أن الفطرة جسد لكان الإسلام أنسب ثوب لها.
وأضاف: ومن منطلق واقعية الإسلام في تعامله مع الإنسان، فقد راعى في جوانبه وتعاملاته ومطالبه وتطلعاته من جمال وتزين وترويح عن النفس، والدين يغرس حب الجمال والشعور به في أعماق الإنسان، فهو يوجه أنظاره إلى مكونات الكون ليرى الإبداع الإلهي، كما قال تعالى في كتابه العزيز: (صنع الله الذي أتقن كل شيء)، «سورة النمل الآية 88»، وقوله تعالى: (الذي خلق سبع سموات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت)، «سورة الملك الآية 3»، وقوله تعالى: (الذي أحسن كل شيء خلقه)، «سورة السجدة الآية 7»، مع تفصيلات عن الجمال في الملأ الأعلى من سماوات ونجوم وكواكب، وفيما حول الإنسان من مخلوقات متنوعة، بما فيها من توافق وتناسق وكمال وجمال وزينة، والدين الإسلامي يحض على التزين والانتفاع المشروع بنعم الله - عز وجل- قال الله تعالى: (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين. قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون)، «سورة الأعراف الآيتان 31 - 32».
الوسطية
وأشار إلى أنه جاء في الخبر الصحيح أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر»، فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسناً، فقال- صلى الله عليه وسلم-: «إن الله جميل يحب أن يرى أثر نعمته على عبده»، والإسلام يقف في أمر التزين والتجمل موقف الوسط، فلا إسراف، ولا خيلاء، ولا كبر، ولا بطر، ولا تغيير لخلق الله، ولا تشبه للرجال بالنساء، ولا تشبه للنساء بالرجال، ولا ميوعة، ولا خلاعة، بل طهارة ونظافة وحسن هيئة ووسطية انتفاع. وأكد أن باب الزينة والتجمل في الإسلام باب واسع وله ضوابطه وأصوله ومقاصده، وأن العلماء أوسعوه في المصنفات الحديثة والفقهية تأصيلاً دلالة على الشمولية الواقعية والموضوعية للدين الحق.
جمال الروح
وأوضح أستاذ الفقه بكلية دار العلوم جامعة القاهرة الدكتور محمد الدسوقي، أنه يجب على المرأة أن تنقي نفسها وجسدها وقلبها وتنظفه من الشوائب وتهتم بجمال خلقها وتقوي صلتها بمن خلقها، لأن جمال الخلق وحسن التدين يضفي جمالاً على المرأة، وهو جمال الروح والقلب، وحينما تلتزم المرأة بالضوابط الشرعية في التزين والتجمل، ستكون مأجورة لأنها تركت الزينة المحرمة وتزينت بما هو مباح وبما أحل الله لها، ولا تبدي زينتها إلا للمحارم، كل بحسبه، فما يظهر للزوج ليس كالذي يظهر للأب وليس كالذي يظهر للأخ من الرضاع، وما قد يظهر من زينتها أمام المرأة المسلمة ليس كالذي يظهر أمام الكتابية وألا يكون لباسها وزينتها سبباً للشهرة بين النساء، ما يميزها عنهن ولم يعتدن لبسه، لأن هذا محرم لقوله - صلى الله عليه وسلم-: «من لبس ثوب شهرة ألبسه الله يوم القيامة ثوب مذلة». وأضاف: «يجب ألا يكون في تزين المرأة ما يمنع من إتمام طهارتها من الحدث الأصغر كالذي يكون مانعاً من وصول الماء إلى بشرتها، مثل المناكير، لأنه من المقرر شرعاً أن الطهارة من الحدث تقتضي تعميم الماء على أعضاء الوضوء في الحدث الأصغر، وإلا يعد من نواقض الوضوء، وعلى الجسد في الحدث الأكبر، لأنه من موجبات الغسل، وإزالة كل ما يمنع وصول الماء إلى تلك الأعضاء، ومنها الأظافر، فإذا منع مانع من وصول الماء إليها من طلاء ونحوه من غير عذر معتبر، لم يصح الوضوء، وكذلك الغسل ودليل ذلك ما روي عن عمر- رضي الله عنه- أن رجلاً توضأ، فترك موضع ظفر على قدميه فأبصره النبي- صلى الله عليه وسلم- فقال: «ارجع فأحسن وضوءك»، فلابد من إزالة طلاء الأظافر إذا كان للزينة والتجمل ويجب عدم إزالته إذا كان لأمر طبي.
التزين المباح
وعن المباح في الزينة، لفت إلى أن التزين المباح مطلوب، لكن من غير أن تلجأ المرأة إلى الأشياء المحرمة مثل النمص، وقد ابتلي بهذه الآفة الخطيرة كثير من نساء اليوم حتى أصبح النمص كأنه من الضروريات اليومية، فمن النساء من تقصر شعرها جداً تشبهاً بالرجال وروى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «لعن المتشبهات بالرجال من النساء»، وقد يشغلها ذلك الاهتمام الزائد والسرف المخل عن أداء حقوق كثيرة لزوجها، ويجب على المرأة المسلمة أن تأخذ من الزينة ما يقربها لله عز وجل، بحيث تكون الزينة وسيلة من وسائل زيادة المودة والمحبة والوئام بين المرأة وزوجها، وأن تجعل من التزين والتجمل وسيلة لإعفاف زوجها وغض بصره عن الحرام، لتنشأ بذلك أسرة مسلمة قوية.
التبرج
وبين أستاذ أصول الفقه بجامعة أم القرى بمكة المكرمة الدكتور شعبان إسماعيل، أن خروج المرأة من منزلها يجب أن يكون على تستر تام، فتكون مستورة الأعضاء غير متبرجة بزينة، لأن خروج المرأة من بيتها متزينة متبرجة يؤدي إلى فتنة الرجال وشيوع الرذيلة في المجتمع المسلم، ويؤدي إلى انحراف الشباب بصفة خاصة قال تعالى: (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون)، «سورة النور الآية 31».
فقد حددت الآية الكريمة من يجوز للمرأة إظهار زينتها أمامهم، فإذا ظهرت زينتها أمامك غير هؤلاء كانت عاصية.
وحذَّر من ذهاب بعض النساء إلى صالونات التجميل للتزين بغير ما هو مشروع من وصلات الشعر وتغيير شكل الحواجب وتفليج الأسنان، وغير ذلك من الأصباغ التي تغير خلق الله تعالى، حيث جاء في الحديث الشريف عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «لعن الله الواصلة والمستوصلة والواشمة» والواصلة هي التي تصل شعرها بشعر غيرها، والمتنمصة التي تطلب من امرأة أخرى ترقيق شعر حاجبها، والواشمة التي تغرز الإبر في الجلد وتنثر عليه شيئاً حتى يميل إلى الزرقة، والمستوشمة التي تطلب أن يفعل بها هذا.
ساحة النقاش