بدأت الدائرة تضيق على الأسد بخصوص مستقبله في السلطة، وارتفعت مجددا أصوات غربية، ومن داخل النظام ذاته، تطالب علنا بتنحيه كشرط لأي حل يمنع احتراق البلد.
ووصف وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ الانتقادات التي ساقها الأسد لحكومة بلاده بخصوص ما اعتبره تدخلها غير البناء في الأزمة السورية بأنها وهمية.
وقال هيغ في مقابلة مع القناة التلفزيونية الأولى بهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" إن بريطانيا "ستعلن هذا الأسبوع عن تقديم المزيد من المساعدات للمعارضة السورية لن تشمل الأسلحة، غير أنها يمكن أن تدرس هذا الخيار في المستقبل".
وكان بشار الأسد اتهم بريطانيا بعسكرة الأزمة في سوريا والعمل على تسليح من وصفهم بالإرهابيين وممارسة دور غير بناء.
وقال في مقابلة مع "صندي تايمز"نشرتها أمس إن بريطانيا "لعبت دوراً غير بناء في مختلف القضايا على مدى العقود الماضية.. والمشكلة مع حكومتها هي أن خطابها ضحل وغير ناضج وتهيمن عليه سياسة البلطجة، فكيف نتوقع أن يصبح من يضرم النيران إطفائياً؟".
وتأتي تصريحات هيغ متزامنة مع ما أطلقه وزير الخارجية الأميركي جون كيري بخصوص الأسد حين قال في مؤتمر صحفي مع نظيره التركي أحمد داوود أوغلو إن لا شرعية لنظام يقتل شعبه بوحشية.
وهو موقف قال مراقبون إن فيه دعوة صريحة إلى تجاوز الأسد خلال البحث عن حل بالمرحلة الانتقالية رغم الاحتجاج الروسي على تصريحات كيري واتصال بوتين بأوباما لاستيضاح الأمر.
ويقول مراقبون إن واشنطن – التي تفرغت خلال الأشهر الأخيرة لصياغة مواقف دبلوماسية جديدة تعبّر عن طبيعة الدورة الثانية من حكم أوباما – عادت إلى الساحة بقوة متزعمة خيار الحل في سوريا دون الأسد.
ويضيف المراقبون إن هذه المقاربة للحل بدأت تتسرب إلى أصوات داخل النظام من ذلك تصريحات سابقة لفاروق الشرع اعترف فيها بأن الحل العسكري لن يوصل إلى شيء.
وفي سياق متصل بدعوات الحوار الداخلية، قال ضابط علوي برتبة لواء في لقاء خاص مع "العرب" إن الحل يكمن فقط في أن يهدي الله بشار وزمرته إلى التنحي، وإلا ستحترق سوريا.
وأضاف اللواء إن "الوضع لو بقي سنة أخرى، فلا ينفع النظام انتصاره ولا المعارضة أيضا لأن أحدهما سينتصر على أشلاء وطن ودولة فاشلة ستتقسم، وهذا التقسيم لن يصل الى دويلات بل إلى كل حارة".
وبخصوص وضع دمشق وعلاقته ببقاء الأسد أو رحيله، أكد اللواء أن "دمشق لن تسقط، وإن سقطت ستسقط بعد تدمير أربع فرق عسكرية تحميها ، كل قوة النظام ركزها على دمشق، وقد استغنى عن باقي المحافظات لعدم قدرته على تحريرها، وما يحصل من هجوم واشتباكات "في تلك المناطق" هو للإبقاء على الوضع كما هو عليه".
وفي ما يتعلق بالمناطق الأخرى، وهل تقدر على دعم دمشق أو العكس، أكد الضابط الكبير عدم قدرة النظام على تحريك فرقة من حلب الى دمشق، مشيرا إلى أن النظام يعتبر الألوية والكتائب والقواعد الصاروخية في المناطق الحمراء "الساخنة" ساقطة عسكريا بعد أن سحب منها الشيفرات لضمان عدم استخدامها من قبل الجيش الحر، وترك مهمة الدفاع عنها للعناصر المتمركزة فيها والتي هي في الأصل قد استغنى عنها النظام .
ويعترف اللواء في القوات الحكومية بقوة الجيش الحر، كما يعترف بأن المستقبل ليس للنظام، حيث كانت نهاية جملته "سنذهب نحن العلويين للساحل"، ولم يقل إننا سننتصر وسنقضي على الإرهاب، فالنتيجة حتمية.
لكن محاورنا العلوي قال "إن سقطت دمشق سنلجأ الى الساحل ليس لإقامة دولة، بل لنعود كما كنا منذ الأزل، ندافع عن أنفسنا وعن أطفالنا ونسائنا في الجبال، لأن النظام لم يترك لنا مجالا للعيش كبقية السوريين، أجبرنا على أن نكون في موضع إما قاتل وإما مقتول".
وخلص الضابط إلى القول "لست راضيا عن النظام في حله العسكري، ولكني لن أنشقّ وسأبقى في الجيش حتى يتم تسريحي… لم أقتل ولم أعط أوامر بالقتل لأي مواطن سوري".
وهو يرى بأن الحل بالحوار وتنازل مرحلي للسلطة، ويعترف بأخطاء النظام التي لم تعد تنفع معها وعود وإصلاح.
ويضيف محاورنا أن انهيار الدولة والنظام ليس من خلال القوة التدميرية فقط، بل تفكك المجتمع بين مؤيد ومعارض وفئة صامتة تنتظر المنتصر، وتوقف الانتاج والحركة التجارية والسياحية والشلل في كل القطاعات.
ساحة النقاش