سلاف فواخرجي في مشهد من مسلسل «ياسمين عتيق»
«ياسمين عتيق»، عمل بيئي شامي بنكهة جديدة، كما يصفه المخرج السوري المثنى صبح، حيث يقول: «لقد وصف الكثيرون العمل الذي انتهي تصويره مؤخراً تمهيداً لعرضه قريباً، بأنه مسلسل بيئي شامي، لكنه في الواقع عمل تاريخي، ينتمي إلى الدراما التوثيقية، ليس إلى البيئة الشامية بمفهومها السائد». وأوضح أنه عمل لا تؤدي فيه النساء أدواراً في قصص الزواج والطلاق، كما تعود المشاهد، وحكايا الحماة والكنّة، فهو مسلسل يجسد قيمة المرأة الشامية عبر ذلك الزمن بين العامين 1830 و1840، حيث يبرز دورها الفاعل اجتماعياً وسياسياً، فتكون به المرأة الفعل وليس ردة الفعل.
رنا سرحان - لن يكون في «ياسمين عتيق» الرجل هو ذلك الإنسان الذي يفرض على المرأة قيوداً وطوقاً اجتماعياً، بل سيكون مساوياً للمرأة، حيث إن هناك قضية وطن وطرحاً لأمور من الحياة اليومية لتلك الحقبة تجسد التعايش المشترك، وذلك وفقاً لما ذكره المثنى صبح، الذي بدأ تصوير العمل في حي «باب شرقي» بدمشق القديمة وتحديداً في الحارة التي شُيِّدت خصيصاً لتصوير العمل قبل خمسة أشهر، ليدخل منذ أيام العمليات الفنية، ليكون «ياسمين عتيق» جاهزاً للعرض في رمضان المقبل.
مسيرة
ويروي المسلسل مرحلة مهمة وثرية من تاريخ سوريا عامة ودمشق، خاصة في ثلاثينات القرن التاسع عشر، تبدأ بحكم الوالي رؤوف باشا على دمشق، مروراً بحكم الوالي علو باشا وسليم باشا وصولاً إلى حملة إبراهيم باشا على دمشق والازدهار الذي سيحل بالبلاد، وكل ذلك يُسرد ضمن أجواء البيئة الشامية المحببة وعبر حواراتها الحية، ومن خلال حكاية «جورية» و«زمرد» اللتين ستجمعهما الأقدار في مصادفة غريبة، تسوقهما بعد ذلك إلى أحداث شيقة في رحلة طويلة مليئة بالمغامرات المثيرة بين الجامع المعلق وكنيسة باب توما الأثرية.
ويستعرض العمل مرحلة توثيقية مهمة وحسّاسة من تاريخ سورية عامّة، يتطرق إليها صبح مع تسليط الضوء على التعايش بين الأديان، ويبدو العمل محملاً برائحة الياسمين الدمشقي، حيث يصف صبح التسمية: ليس الياسمين عتيقاً، بل إنها حكاية عتيقة متجددة برائحة الياسمين، وهي عودة إلى الماضي مع حكايا الحب والرومانسية ممزوجة بنزاعات ومعارك حامية. فأصحاب النخوة والشهامة العربية في صراع أزلي بين الخير والشر، ليستمر العمل عبر مجموعة من الأحداث الجريئة والمؤامرات الخفية والمثيرة للدهشة التي سنتعرف إليها للمرة الأولى.
ويشهد «ياسمين عتيق»، الذي كتبه رضوان شبلي، وتنتجه شركة سما الفن، ظهوراً أول لبعض الممثلين في أعمال البيئة الشامية مثل سولاف فواخرجي وغسان مسعود وفادي صبيح، إضافة إلى من خاضوا تجارب سابقة مثل منى واصف، وسليم صبري، جهاد سعد، خالد القيش، علاء الزعبي، زينة بارافي، جوان خضر ومحمد حداقي، وروعة ياسين، وسلمى المصري، وأمارات رزق، وعلي كريم وغيرهم.
أبطال العمل
وعن التجارب الجديدة يضيف صبح: «أتقصد دائماً البحث عن أسماء جديدة على صعيد الأبطال في أعمالي، ولا احب الأسماء المتداولة دائماً في البطولة، وإن اختياري لسولاف فواخرجي وغسان مسعود لبطولة العمل، جاء بسبب انهما لم يدخلان الأعمال الشامية من قبل، ولأنهما يمتلكان تاريخاً طويلاً في الدراما السورية، وقد شاركا سابقاً بالأعمال التاريخية، كما كان لنا تجارب سابقة سوياً في مسلسلات عدة، وهما اسمان لامعان في سماء الدراما السورية وسيضيفان نكهة خاصة لـ «ياسمين عتيق»، إضافة إلى الأسماء الأخرى المشاركة التي ننحني أمامها، كذلك هناك تجارب لممثلين جدد وهم وجوه سيحبها الجميع لأدوارهم وأدائهم المميز».
وعن الدراما السورية في رمضان المقبل وقدرتها على اللحاق بالإنتاج لتقديمه للناس يقول المخرج السوري: «إن الدراما في سوريا هي صناعة تتأثر كغيرها من الصناعات السورية بسبب الأحداث، لكن أتمنى أن نصل إلى الموسم ويكون في جعبتنا الكثير من الأعمال لنقدمها للمشاهد العربي رغم الظروف المحيطة بنا».
وتؤدي الممثلة سولاف فواخرجي في «ياسمين عتيق» دور صفية الآلوسي التاجرة، والإنسانة الخيّرة التي تدعو لتعليم المرأة، وهي زوجة شهبندر التجار تواجهه كثيراً ويومياً، لرفضها سياسته التجارية القائمة على التسلط وظلم الناس، كما تواجه كبار التجار والأغوات في المجتمع انتصاراً للمواطن الفقير الذي يخسر كل شيء بسبب جشع الزعماء.
أما شهبندر التجار، زوج صفية، الذي يعاكسها تماماً هو الفنان غسان مسعود في العمل ويعاني من زوجته التي تتدخل بشكل مستمر بأمور الناس لتجعلهم متساوين في الحقوق، وهذا ما يضر بمصالحه وبمصالح التجار الذين يستاؤون من كون المتحدثة باسم الناس هي زوجته، وهي امرأة في النهاية.
ومن الأدوار المهمة، تلك التي يؤديها النجم جهاد سعد بشخصية رجل دين مسيحي يدعى الأب توما، وهي شخصية حقيقية لها احترامها لدى الدمشقيين في فترة الثلاثينات من القرن التاسع عشر، ويكون على تواصل مع علماء دين مسلمين، وعلى تواصل مع الناس، الفقراء والأغنياء من كافة الطوائف. في حين تلعب الممثلة روعة ياسين دور «غولدا» اليهودية صاحبة «خان الدكة» الذي يقصده الأغنياء وآغاوات وكبار رجالات الشام وتعتبر الأخطر والأجرأ بين شخصيات المسلسل، لما تمتلكه من قوة تأثير وسلطة كبيرة في تلك الفترة، وهو ما يقدّم المرأة بشكل مختلف ويبرز دورها ومكانتها.
مخاوف المرأة
كما تشارك النجمة سلمى المصري بدور محوري في العمل وتلعب شخصية «أم إسماعيل» المرأة الدمشقية التي تنتمي إلى أسرة فقيرة بسيطة يكون ولدها متمرداً على ظلم الأغوات للناس، فتقع بين نارين، نار الخوف على ولدها من بطشهم من جهة، ونار الخوف من إقناع ولدها بالتخلي عن حقوقه من جهة أخرى.
ومن الأدوار الجذابة يلعبها الممثل فائق عرقسوسي بشخصية قائد عسكري مصري كان يعمل تحت إمرة إبراهيم باشا أثناء حملته على بلاد الشام، وهو الأميرالاي عمر الذي جاء لتحرير دمشق في القرن الثامن عشر، لكن تحالف الدول الغربية وعملها المستمر لإفشال أي مشروع عربي أدى إلى فشل الحملة.
كما يجسد الفنان سليم صبري شخصية «عزت الشوملي» أبو العز، وهو أحد تجار الشام ومن الشخصيات الشريرة فهو يعتدي على الناس وحقوقهم ويتزوج إحدى الفتيات رغماً عنها وعن أهلها فقط لأنه أعجب بجمالها، ولكن نهايته تكون كما يستحق.
ساحة النقاش