تطوير مهارات الأطفال عامل مساعد لتحسن استيعابه 

تُشخص مشاكل تعلم القراءة والكتابة، على أنها حالة من اضطراب عملية التعلم، وتشير الدراسات التربوية إلى أن 10 % من تلاميذ المدارس في بريطانيا مصابون بعسر القراءة، وترتفع هذه النسبة في أميركا لتصل إلى ما بين 10 و15 %، ووجد أن نسبة الإصابة بين الذكور أربع مرات مقارنة بالإناث، ومن أهم المشاهير الذين عانوا عسر القراءة أو ما يعرف بـ «الديسلكسيا»: وينستون تشرشل وبيكاسو وأينشتاين وليوناردو دافنشي، والملاكم محمد علي كلاي، فما هي المشكلة؟ وما أسباب انتشارها بهذه الكيفية؟ وكيف تؤثر على قدرة الطفل التعليمية؟

خورشيد حرفوش - عادة ما يتعجل الآباء والأمهات أن يسمعوا من وليدهم الجديد كلمتي «بابا» و«ماما»، خاصة عندما تبدأ مرحلة المناغاة، وكم تبلغ سعادتهما عندما ينطق بكلمة جديدة، ومع تطور النمو اللغوي عنده، يبدؤون تعليمه الأشياء وصورها ومسمياتها، ويتطلعون إلى أن يؤهلونه لمرحلة جديدة تؤسس لمستقبله وحياته التعليمية، هذه المرحلة المبكرة تبدأ بتعلمه هجاء الحروف، ونطقها نطقاً صحيحاً، وكتابتها، وإجراء العمليات الحسابية البسيطة، وهكذا، وما من شك أن هناك فروقاً فردية بين كل الأطفال، وقد نجد طفلاً يخلط الكلمات، وينسى أسماء الأشياء المعروفة السهلة، أو يواجه مشكلات وبطئاً في الكلام، أو صعوبات في ارتداء ملابسه أو حذائه بشكل سليم.

يعرف أن «الكلام» مهارة يتقنها الطفل في عمر ثلاث سنوات تقريباً، ويمكنه التحدث وفهم الجمل البسيطة والأكثر تعقيداً، لأن مخه لديه قدرة فطرية على استيعاب وتفسير وفهم اللغة المنطوقة، أما بالنسبة للقراءة والكتابة، فهما مهارتان ليس من السهل اكتسابهما لأنهما عمليتان أكثر تعقيداً، فإذا نظر الطفل إلى كلمة «طائرة» مثلاً، فالعين تنقل حروف الكلمة إلى الدماغ الذي يطابق الحروف بالأصوات التي تمثلها، ويجمع الدماغ مختلف الأصوات المنفصلة إلى صوت واحد، من خلال استخدام الذاكرة طويلة المدى، ويقوم بوضع صورة ذهنية للكلمة حتى تأتي شكل كلمة «طائرة»، أما الذين يعانون مشاكل في تعلم القراءة، فهم يعانون صعوبة ومشاكل في هذه العملية التي تسمى «ديسلكسيا»، وهي تعني عدم القدرة على تحويل الكلمات المكتوبة إلى أصوات.

 

اضطراب

 

الدكتورة رضوى اليماني، خبيرة علم النفس التعليمي، توضح أن عسر القراءة والكتابة، واحد من أكثر أنواع صعوبة التعلم شيوعاً، ويرتبط بطريقة معالجة اللغة، وعادة ما يجد الأطفال صعوبة في القراءة والكتابة والتهجي، ويعانون صعوبة في التعامل مع الكلمات، وهو نوع من الاضطرابات التي تؤثر على الأعصاب، وفي معظم الأحيان له أسباب وراثية، ويتسبب في صعوبة تعلم ومعالجة اللغة بدرجات متفاوتة الشدة، وفي الصعوبات التي تتجلى في اللغة استماعاً وتعبيراً، ويتضمن مشاكل في النطق، والقراءة والكتابة والإملاء، والخط، وأحياناً في الرياضيات.

فقد يخلط الطفل الحروف أو الكلمات عند القراءة، فقد يقرأ كلمة «ما» بدلاً من «أم»، ويقول «با» بدلاً من «أب»، وهكذا، ونجده يعاني صعوبة تكرار ما قيل له، وقد يجد صعوبة أيضاً في رسم الخطوط، أو التحكم في يده عند الكتابة مقارنة بغيره من هم في السن نفسها، وعدم القدرة على الرسم، وعكس الكلمات أو الحروف عند تهجي الكلمات الشفوية، وصعوبة في معرفة الاتجاهات مكتوبة أو منطوقة، وأيضاً صعوبة في معرفة اتجاه اليمين واليسار، مع صعوبة في فهم أو تذكر ما قيل له، وصعوبة تذكر أو فهم ما يقرأه، وصعوبة في طرح أفكاره على الورق، ومن المهم أن نفهم أن الأطفال لا يعانون هذه الصعوبات، لأن لديهم مشاكل بصرية أو سمعية أو لأنهم أغبياء، ولكن بسبب أن دماغهم غير قادر على معالجة اللغة بصورة طبيعية، ما يسبب القلق والإحباط للطفل، رغم أن صعوبة القراءة والكتابة لا تؤثر في درجة الذكاء، بل إننا نجد أن غالبية الأطفال والبالغين المصابين بهذه الحالة أذكياء وموهوبون.

لا للقلق

وتؤكد الدكتورة اليماني أن الأطفال الذين يعانون عسر القراءة والكتابة، يجيدون القراءة، ولكن يجدون صعوبة في الكتابة والإملاء، وبعضهم قد يصابون بأعراض خفيفة، أو تكون الأعراض خطيرة، ولكنها تظهر وتختفي، وعادة ما تلاحظ الأعراض في سن مبكرة، وبما أن الأطفال ينمون بمعدلات مختلفة، فمن المهم ألا يقلق الوالدان إذا كان هناك عرض واحد أو أكثر لدى طفلهما، فعادة ما تشخص الحالة عن طريق الفحص المبسط، والتقييم، لتقييم نقاط القوة والضعف في مقدرة الطفل على التعلم ومستوى ذكائه. أما عن العلاج التربوي الناجع، فتشير الدراسات إلى أن نسبة عالية جداً من حالات صعوبة القراءة يمكن أن تتحسن إذا تلقت مساعدة فعالة في وقت مبكر، وأن هناك العديد من المناهج التعليمية لتدريس الأطفال ذوي عسر القراءة، لكنها جميعاً تركز على طرق التدريس وأساليب التعليم من تعليم منظم، وتعلم تراكمي، وتعلم شامل، وتعلم نشيط ومتنوع.

عسر الحساب

توضح الدكتورة اليماني أن «عسر الحساب» يعني صعوبة تعلم فطرية في استيعاب الحسابات والعلاقات الرياضية للأرقام، ويتضمن صعوبة فهم الأرقام وتعلم كيفية جمعها وطرحها، وعدم القدرة على تأدية العمليات الحسابية، وعلى الرغم من أن صعوبات تعلم الرياضيات توجد عند الأطفال الذين لديهم نسبة ذكاء منخفضة، لكن عسر الحساب يُصيب الأشخاص على اختلاف مستويات نسب الذكاء ويعانونها غالباً، لكن ليس دائماً، ويعانون صعوبة مع الوقت، فالطفل يستطيع عادة عد ثلاثة عناصر بشكل تلقائي، والعدد يكبر معه كلما نضج في السن، فالأطفال المُصابون بعسر الحساب يقومون بعد عناصر أقل بشكل تلقائي وحتى لو عدوها بشكل سليم، فإنهم يأخذون وقتاً أطول لمعرفة الرقم بشكل لا يتطابق مع أقرانهم في السن.

الأسباب

أما عن الأسباب، فتقول الدكتورة اليماني: «لم يستطع العلماء بعد معرفة أسباب عسر الحساب، لكنهم أرجعوها إلى أسباب عصبية، أو وراثية، كما أن إصابة المخ أحد أسباب صعوبات الحساب، حيث تؤثر الاضطرابات التي تصيب المخ في اكتساب المهارات الرياضية، ووجدوا أن بعض الأشخاص المُصابين بعسر الحساب لديهم قدرة على التحول في الاتجاهات المتفاوتة، بدلاً من أن الإعاقة يجب أن تُعالج أو يبرأ منها، إن استطاعوا إظهار موهبة في مجالات أخرى كالمهارات الفنية.

وهذه الصعوبة يلاقيها بعض الأطفال وتستمر معهم بعد ذلك حتى سن متقدمة، لكن فهم أسباب صعوبات الحساب لدى الأطفال يتطلب على الأقل معرفة عامة ببعض الأفكار والقضايا المحيطة بعدم التماثل الذهني، ولقد كان معروفاً أن النصف الأيسر للدماغ يختلف عن النصف الأيمن، وليس صورة مرآة دقيقة لبعضها، وهذا مطابق لتركيبها ووظيفتها، فكل نصف له وظائفه الخاصة به، أما الفرق المعروف جيداً بينهما، هو أن النصف الأيسر دائماً يكون مهتماً بالوظائف اللغوية، بينما يميل النصف الأيمن إلى المعالجة الشكلية، ويؤدي الاضطراب في النصف الأيمن للمخ إلى عيوب القدرة على التعامل مع الأرقام مثل استخدام العلامات العشرية والجمع والضرب، وغير ذلك من عمليات حسابية».

الاكتشاف المبكر وتطوير المهارات

يؤكد الخبراء أن علاج عسر الحساب عند الأطفال، يتوقف على أهمية الانتباه إلى إصابة الطفل مبكراً، فكلما كان الانتباه لها مبكراً كان التغلب على الصعوبة أنجع وأسرع، وكلما كان الاهتمام بالتلميذ نفسيّاً أدقّ، كانت إمكانية التجاوز أوفر حظاً، لذلك عند ملاحظة أن الطفل يعاني صعوبة في فهم الحساب فلابدّ من تحديد نوع اضطرابه عند مختص في علم نفس الطفل أو اختصاصي نطق، كما تشمل مبادئ وأساليب تدريس الرياضيات للطلبة لتطوير المهارات اللازمة والاستعداد المناسب لتعلم العمليات الحسابية والانتقال التدريجي من المحسوس إلى المجرد، ومعالجة مواطن الضعف، وتدعيم مواطن القوة في أداء الطالب.

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 120 مشاهدة
نشرت فى 27 فبراير 2013 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,305,354