لكبيرة التونسي

تهمس بكلمات رقيقة حنونة، بصوت خافت يمتزج بالرقة والعذوبة، مشحون بنبرات الحنان، يعكس صفو حالها، وبكثير من الغنج والدلال ترسل ضحكاتها سهاما إلى قلب مُحِبّها، فلا يتوانى في إرضائها، بكل شوق ولهفة يتحدثان، ينسجان خيوط المستقبل، يخطّان قصة حياتهما، ويسطّران تفاصيل أيامهما الآتية، يتوقان إلى بناء بيت جميل، أركانه محبة يزينها ويؤثثها حبهما الأزلي، ويروي خضرة ربيعه الدائم انسجامهما، ويتعاهدان ألا تشوب حياتهما شائبة، وألا تعكر عتمة تفاصيل السكينة في قلوبهما، هكذا هو حال رجل وامرأة فترة الخطوبة، نعومة، حنان، تفاهم، تشارك وتقاسم كل النوايا، وأحاديث سيّالة لا تنضب، تعقب هذه الفترة الرومانسية المفعمة بكل تلاوين العواطف الجميلة البرّاقة، ويجتمع الشخصان، تحت سقف واحد، تتوالى الأيام وأماسيها الجميلة، ليحطّ الواقع أوزاره بكل ثقله عندهما، ويفصح عن متطلبات الحياة ورغباتها التي لا تنتهي، فتتغير نبرة الصوت وطريقة الكلام بالإيحاءات، وتأخذ طريقة الحديث المباشر طريقها المعتاد في كل جوانب الحياة، هذه التغيرات قد تلحّها ضروريات الحياة التي تستدعي الحسم في كثير من الأمور، لكن طرفي الحياة الزوجية قد يبدو لهما هذا الأمر تحول في حياتهما الجميلة، لهذا يجد الصراع مكانه بين بعض الزيجات وتدبُّ الخلافات وتتسلل لتسكن البيت، وقد تعبّر المرأة عن قلقها بالحديث والمناقشة، بينما الرجل غالبا ما يتوارى خلف الصمت ويسكن لنفسه، الأمر الذي يزرع الشك والريبة في نفس الزوجة خوفا من هذا الصمت، وتفسره برفض الرجل لها، أو أن وراء صمته حكاية ما.

عادة ما يميل الرجل للصمت أو الهروب من زوجته في أحيان كثيرة، وتجد هنا الدراسات موقعها إذ تؤكد أن طبيعة الرجل وطريقة تفكيره، وقدرته على التحمل ومجابهة كل المشاكل تختلف عن قدرة المرأة وقوتها، إذ تستطيع القيام بأشياء كثيرة في آن واحد، بينما الرجل لا يمكنه التفكير إلا في مشكلة واحدة تشغله يحلها ثم ينتقل لحل المشكلة الثانية، كما أن الرجل عندما تعترضه مشكلة ما يصمت.

في هذا الشأن عادة ما تنشط اقتراحات المهتمين بالشأن الأسري وتوجه نصائحها للمرأة بالتروي في الحكم على الرجل، وأخذه باللين والرفق من طرف الزوجة وتحليها بالصبر، إذا لاحظت صمت زوجها وتكرار ذلك على غير عادة فترة الخطوبة، مما يجعل علاقتهما في غموض دائم، ويتناسى المهتمون بهذه العلاقة تقديم النصح للزوج وحثه على الوضوح والشفافية وعدم إخفاء أي معلومات عن الطرف الثاني، ولعل هذا ما تفتقر إليه أيضا دورات تطوير الذات التي يقبل عليها بشكل كبير الشباب حديثو الزواج، وتنظمها المؤسسات المهتمة بالمجال، بحيث عادة ما توجه حديثها للمرأة وتنصحها باحتواء الزوج في جميع أحواله وتقلباته، بينما يغيب في أحيان كثيرة مد الأزواج بآليات الحفاظ على مشاعر المرأة واعتماد أسلوب الوضوح والشفافية معها واعتبارها سندا وشريكا في الحياة.

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 86 مشاهدة
نشرت فى 26 فبراير 2013 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,305,309