كتبت الجمهورية : تلقّيت رسالة إلكترونية من المفاوض السوري مع إسرائيل إبراهيم سليمان، الأميركي السوري الأصل، والذي خاض غمار مفاوضات سرّية على مدى أربع سنوات بين 2003 و2007، وهو قريب من آل الأسد.
في هذه الرسالة، يسألني إذا كان في الإمكان نشر بعض الملاحظات التي سجّلها خلال النزاع الدائر في سوريا، مضيفاً أنّ هناك من أخفى عن الرئيس بشّار الأسد رسالة كان يمكن أن تغيّر مسار الاحداث في سوريا لو وصلت إليه وعمل بمضمونها.

ويقول سليمان "إنّ الرسالة لم تصل الى الاسد في الوقت المناسب، وإنّ أحداً من مستشاريه أخفاها عنه، ممّا يدلّ على أنّ المستشارين أوقعوا بالرئيس بشّار، وأنّه من الممكن أن يدفع حياته ثمناً لأخطاء الآخرين". وهنا ترجمة للمقال: "كان بشّار، وهو ضحية. من الممكن أن يدفع حياته على المدى الطويل، ثمن أخطاء الآخرين.

في السادس والعشرين من نيسان 2011، بعد شهر على حادث درعا الذي أشعل الانتفاضة، ذهبت من واشنطن العاصمة الى أوتاوا، كندا، وأمضيت أربعاً وعشرين ساعة مع السفير السوري بشّار اقبيق. إستمع إليّ السفير. وكتبت وإيّاه رسالة خاصة الى الرئيس بشّار وكان من المفترض إرسالها اليه عبر الحقيبة الدبلوماسية الى دمشق.

واقترحنا على الرئيس الآتي:

1 ـ الوضع في درعا هو اكثر خطورة ممّا يقوله لك مستشاروك.

2 ـ رجاء، خذ عائلتك، الزوجة والأولاد، قُد الى درعا والتقِ عائلات الاطفال الذين تأذّوا وسُجنوا بواسطة العملاء الخاصّين، أبلِغ الى الاهالي كم أنّك متأسّف ممّا جرى لاطفالهم، وعِدهم بأنّك ستُلحق الجزاء بالأفراد الأمنيّين الذين اقترفوا الجريمة. قل لهم إنّ لديك اطفالاً مثل اطفالهم. وقل للاهالي إنّك تعرف كيف يشعرون حيال أطفالهم. وقل لهم إنّك ستجعل الذين ارتكبوا الجريمة يدفعون ثمن الجريمة البشعة التي ارتكبوها. وقدّم مساعدات سخية للاهالي واسألهم المغفرة.

إذا فعلت ذلك، فإنّ كلّ الشعب السوري، بمن فيهم أهالي الاطفال سيغفرون لك ويقولون، إنّها "مشيئة الله"، ويكونون على حق". "الأسبوع الماضي، علمت أنّ الرئيس بشّار لم يرَ هذه الرسالة أبداً. من المسؤول عن إخفاء هذه الرسالة؟ نحن (السفير وأنا) لم نتسلّم أيّ إشعار بوصول الرسالة من وزارة الخارجية.

من المسؤول في وزارة الخارجية عن إخفاء، أو إتلاف الرسالة؟

مجموعة المستشارين وضعوا بشّار الاسد والشعب السوري في الموقف الذي توجد فيه سوريا حاليّا. هل القوى العالمية جاهزة لأن تصحو، وتستخدم المنطق لمساعدة سوريا والشعب السوري لإعادة حياته المشتركة، أم أنّ هذه القوى ستبقى في طريقتها اللامنطقية التي ستؤدّي الى تدمير ما تبقّى من سوريا، وتبدأ حرب طائفية بين الغالبية السنّية من السكّان وبقية الأقلّيات، العلوية، المسيحية، ألخ.

إنّ عدم الاهتمام هذا سيؤدّي الى موت سوريا ومئات الآلاف من الشعب السوري من كلّ الطوائف، فهل هذا ما يريده العالم؟ من هم هؤلاء الخوَنة الحقيرون في وزارة الخارجية، والأمن والقوات المسلّحة الذين سلّموا وباعوا سوريا والشعب السوري الى المراهنين الكبار؟

المعارضة السورية الحقيقية تطالب بالإصلاح وبمعاقبة الخوَنة والافراد الفاسدين وتطالب بالإصلاح، لكنّها لا تطالب بتدمير البلد". (البروفسور ابراهيم سليمان المفاوض السوري الاسرائيلي ـ الولايات المتحدة)... انتهى مقال البروفسور سليمان.

واضحٌ من المقال أنّ المبادرة التي أُرسِلت الى الأسد، أخذت في الاعتبار الواقع في درعا، وكانت ترى اتجاه الامور ومسارها، لكنّ من سقطت في يده رأى فيها روحاً "انهزامية وتنازليّة" ولم يعرضها على الرئيس، علماً أنّه يدرك مدى الحظوة التي يتمتّع بها سليمان لدى عائلة الأسد عموماً والرئيس بشّار خصوصاً.

وفي جانب آخر، ثمّة كثير من المواقف والتصريحات التي أشارت في أكثر من مناسبة الى أنّ الأسد ما كان ليرضى بالمعالجات التي جرت والمستمرّة حتى اليوم، وأنّ الذين يمسكون بزمام الامور هم من يتحمّل المسؤولية الكاملة عمّا جرى حتى تاريخه. لكنّ الأسد في خطابه الثاني أمام مجلس الشعب منذ اندلاع الانتفاضة، أقرّ صراحة بأنّ الناس يقولون إنّ المحيطين به يجبرونه على اتّخاذ هذا الموقف، وردّ على ذلك قائلاً إنّه هو من يتّخذ القرارات وهو من يتحمّل المسؤولية، وبالتالي فقد أعفى كثيرين ممّن كانوا يبحثون عن المبرّرات له ولمواقفه الأمنية، على الرغم من أنّ كثيرين ما زالوا يصرّون على أنّ المستشارين هم المسؤولون الحقيقيّون عن تدمير سوريا، ويغيب عن بالهم أنّ المسؤولية لا تتجزّأ في ظلّ نظام رئاسي، فكيف إذا كانت المسؤولية عن دم سوريّين تجاوزوا الستّين ألفاً ومسلسل القتل مستمر؟.

المصدر: كرمالكم الإخبارية
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 45 مشاهدة
نشرت فى 10 فبراير 2013 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,305,655