العالم ينتج يومياً قرابة 2,5 كيونتيليون بايت من البيانات

يحيى أبوسالم

قبل أكثر من 15 عاماً كانت عملية نقل البيانات أو تخزين المواد الخاصة بالمستخدم من مكان لآخر، لا تتطلب أكثر من «فلوبي ديسك» من نوع 3,5، والذي كان يتباهى بحجم تخزينه الذي يصل إلى 1,4 ميجابايت فقط. وكانت نسخة نظام التشغيل «ويندوز 95» بحاجة إلى 13 ديسك لتخزن عليها. أما اليوم ومع الطفرات التكنولوجية المتتالية، وفي كافة التقنيات والأجهزة الحديثة، لم تعد أسطوانة «البلو-ري» التي تتجاوز 20 جيجابيات تستوعب بعض مواد العديد من المستخدمين، وأصبحت الذاكرة الخارجية «الفلاش ميموري» بأحجامها التي تزيد على 10 جيجابايت، لا تفارق جيوب المستخدمين، وانتقل ويندوز 8 ليخزن على أسطوانات تستوعب أكثر من 4 جيجابايت، بحجم إجمالي عند التنصيب يتجاوز 20 جيجابايت.

التطور التكنولوجي والتقني لم تقتصر أحداثة ومراحله على ظهور تقنيات حديثة، ولم يكتف بالطفرات التكنولوجية في عالم الهواتف المتحركة أو الكمبيوترات اللوحية والمحمولة، ولم يحدد الكم الهائل من التطبيقات والبرامج والألعاب على متاجر الشركات العالمية الإلكترونية، بل تجاوز ذلك بمراحل كثيرة ومتعددة، نتج عنه تضخم غير معهود في حجم البيانات ومواد المستخدمين الخاصة حول العالم.

البيانات الضخمة

 

في دراسة أعدتها الشركة الأميركية «آي بي أم» مؤخراً، على أكثر من 1700 مسؤول تسويق في 64 دولة يعملون في 19 مؤسسة مختلفة. توصلت إلى أن العالم ينتج يومياً قرابة 2,5 كيونتيليون بايت، أي ما يعادل (2,5 يتبعها 18 صفر) بايت، من البيانات. حيث أشارت الدراسة إلى أن أكثر من 90 % من هذه البيانات في العالم اليوم، قد تواجدت خلال السنتين الماضيتين فقط.

 

وتتوزّع البيانات التي ينتجها المستهلك والمستخدم للتكنولوجيا الحديثة، في كل ما يتعلق بهذه الأخيرة، بدايةً من الشركات والمؤسسات العالمية والشركات المتوسطة والصغيرة، مروراً على ما يستخدم يومياً في السحب الإلكترونية أو على البريد الإلكتروني، وانتهاء بما يخزن على أجهزة الكمبيوتر المكتبية أو المحمولة أو الهواتف النقالة والكمبيوترات اللوحية الذكية وغير ذلك الكثير. بالإضافة إلى أن البيانات هذه، تأتي من طرح أخرى، حيث تأتي أيضا من المستشعرات المستخدمة لجمع معلومات المناخ، والمشاركات في وسائل الإعلام الاجتماعي والصور ومقاطع الفيديو الرقمية، وسجلات عمليات الشراء وإشارات تحديد الموقع الجغرافي («جي بي إس») الخاصة بأجهزة المحمول وهو ما أصبح يعرف اليوم «بالبيانات الضخمة».

في هذا الإطار، تشير توقعات مؤسسة «آي دي سي» العالمية المتخصصة في بحوث الاتصالات وتقنية المعلومات، إلى أن الحجم الإجمالي للبيانات سيصل إلى 35 ألف إيكزابايت (1 إيكزابايات = مليار جيجابايت) بحلول عام 2020 بالمقارنة مع 1200 إيكزابايت في عام 2010، أي أنها ستتضاعف نحو 29 مرة خلال الأعوام العشرة المقبلة. وأن أحد أهم أسباب نجاح الأعمال هو قدرة الشركات اليوم على تسجيل وفلترة وتحليل هذه الكمية الضخمة من البيانات والتي تقدم فرصة هائلة للشركات لتحسين علاقاتهم مع العملاء وتزويدهم بخدمات أفضل والمساعدة في الابتكار لإيجاد فرص أعمال جديدة.

انتشار كبير

لمعرفة مستقبل البيانات الضخمة ومدى تأثيرها على الشركات والمؤسسات العالمية والمحلية، وردود أفعال المستخدمين والعملاء من جراء هذه النقلة النوعية فيما تشهده البيانات الإلكترونية من تضخم وزيادة مستمرة، التقت «الاتحاد» مدير عام شركة «أي بي أم» في الشرق الأوسط وباكستان عمرو رفعت، الذي قال إن البيانات الضخمة في عام 2013 ستواصل نموها وستشهد الشركات انتشاراً كبيراً للبيانات الضخمة في جميع القطاعات. وقد توصلت دراسة أجرتها شركة «أي بي أم» للتوجهات التقنية في عام 2012 والتي شملت أكثر من 1200 صانع قرار في مجال تكنولوجيا المعلومات والأعمال إلى أن 54% من المجيبين قد اعتمدوا على تقنيات لتحليل معلومات الأعمال، فيما يخطط 55% منهم لزيادة الإنفاق على هذا المجال لتعزيز قدرتهم التنافسية.

وأكد أن تحليل معلومات العملاء يقف وراء المبادرات في مجال البيانات الضخمة، حيث ترى الشركات اليوم أهمية البيانات الضخمة التي تزودها بالقدرة على فهم وتوقع سلوك العملاء بشكل أفضل ما يساهم في تحسين تجربة العملاء. وقد أدّت إجراء العمليات التجارية والتفاعلات متعددة القنوات ووسائل الإعلام الاجتماعية والبيانات المجمعة من مصادر مثل بطاقات الولاء ومعلومات أخرى متعلقة بالعملاء، إلى زيادة قدرة الشركة على إنشاء صورة مكتملة عما يفضله المستهلك وطلبات العملاء، وهذا بالتحديد هو الهدف الذي تسعى إليه أقسام التسويق والمبيعات وخدمة العملاء منذ عقود.

ويساعد فهم وتحليل هذه البيانات الشركات على إيجاد سبل جديدة للتعامل مع عملائها الحاليين والمحتملين. ولا ينطبق هذا المبدأ في مجال التجزئة فحسب، وإنما أيضاً في مجالات الاتصالات والرعاية الصحية والحكومات والمصارف والتمويل والصناعة ومنتجات المستهلك، وكذلك في تفاعلات الأعمال في الشركات بين الشركاء والموردين.

توقعات لعام 2013

◆ تغطية البيانات الضخمة لمجالات غير مسبوقة: سنبدأ بملاحظة استخدام موسّع للبيانات الضخمة في قطاعات مثل الرعاية الصحية والتجزئة والطاقة. وستشهد الرعاية الصحية زيادة مهمة في استخدام البيانات الضخمة لتلبية احتياجات الطب المتخصّص. وفي مجال التجزئة، فإن البيانات الضخمة وبشكل خاص مصادر وسائل الإعلام الاجتماعي، ستؤدي دوراً مهماً للغاية في فهم عادات الشراء والرؤى الخاصة بالمبيعات. كما سيواصل قطاع الطاقة إطلاق شبكات ذكية واستخدام البيانات الضخمة وتقنيات التحليلات لوضع استراتيجيات أكثر كفاءة في مجال الطاقة المتجددة.

◆ توسع البيانات الضخمة إلى أبعد من أقسام تكنولوجيا المعلومات: نعرف أنه توجد هناك كميات هائلة من البيانات، فتتوقع شركة «آي دي سي» أن تصل قيمة سوق البيانات الضخمة إلى 50,7 مليار دولار أميركي بحلول عام 2016. وبسبب هذا النمو المتوقع لن يتمكن قسم تكنولوجيا المعلومات وحده من معالجة هذا الكم الهائل من البيانات الضخمة، إذ سيساهم العديد في أقسام الشركة في تفسير هذه المعلومات.

فكما بدأت أقسام التسويق بتوظيف البيانات الضخمة للتواصل بشكل أفضل مع العملاء في عام 2012، ستتوسع البيانات الضخمة إلى خطوط أعمال جديدة في عام 2013. ونتوقع أن نراها في مجالات مثل التوريد حيث سيتم استخدام التحليلات لاكتساب معارف حول مخاطر التوريد وحول الأداء فضلاً عن بيانات الفوترة بالمقارنة مع بنود العقود.

وسنقوم أيضاً باستخدام البيانات الضخمة في التمويل من أجل جمع مجموعات البيانات المالية بشكل أكثر كفاءة وإسنادها مرجعياً ومقارنتها بالتقارير التحليلية والبيانات الاقتصادية للسوق والتقارير المالية، الأخبار وملاحظات مجلس الإدارة وميزانية الشركة. كما سيعتمد قسم الموارد البشرية على البيانات الضخمة كوسيلة لكسب معارف تنبؤيّة حول تطورات السوق وتفضيلات الموظفين بالإضافة إلى معدلات الاحتفاظ بالموظفين وإدارة المخاطر.

◆ تحوّل في الاستثمارات في مجال تكنولوجيا المعلومات: مع توسع استخدام البيانات الضخمة في جميع القطاعات والأقسام، ستظهر المزيد من تقنيات التحليلات المتخصصة مثل مقاربة تطبيقية لتحليل البيانات المتخصصة. وستسمح هذه الاستراتيجية لمديري الشركات بتحديد قيمة الأعمال من البيانات الضخمة بسرعة مما سيساعد على التخفيف من المقاربة «الانعزالية» التي دامت طويلاً في الأعمال. سيسمح هذا الأمر لأقسام الشركات بمشاركة ومقارنة البيانات وتحديد معارف إضافية لم تكن معروفة في السابق.

◆ تحولات في قاعدة البيانات: يجري حالياً دمج قاعدة البيانات ذات الصلة في الأجهزة الإلكترونية والأجهزة الجوالة وفي السحب الإلكترونية. وتشير توقعات «جارتنر» إلى أنه وفي عام 2016، سيتم تخزين 50% من البيانات في السحب الإلكترونية. وتتطور تقنيات قواعد البيانات التقليدية لإجراء صفقات واسعة النطاق والتي لم تكن ممكنة في السابقة إلا من خلال بيئة مركزية. كما تجري إدارة البيانات التشغيلية أيضاً في بيئات جديدة مثل الشبكات المتصلة والشبكات الذكية.

◆ «عالِم بيانات» سيؤدي العديد من الأدوار: مع مواصلة توسع البيانات الضخمة في عام 2013، سيستمر دور عالِم البيانات في تطوره أيضاً. وقد بدأ العاملون في الجيل الجديد بمتابعة دروس وإجراء تجارب على البيانات الضخمة والتحليلات في عام 2012.

تطور البيانات

من أجل المنافسة في اقتصاد عالمي متكامل، يرى مدير عام شركة «أي بي أم» في الشرق الأوسط وباكستان عمرو رفعت أن الشركات تحتاج إلى استيعاب شامل للأسواق والعملاء والمنتجات والتنظيمات والمنافسين، والموردين، والموظفين وغير ذلك. ويتطلب هذا الفهم استخداما فعالا للمعلومات والتحليلات. وفي الواقع فإن الشركات تعتبر المعلومات في مرتبة تلي القوة العاملة من ناحية القيمة والتميّز. ولن تحتاج جميع الشركات إلى إدارة الطيف الكامل لقدرات البيانات الضخمة. ولكن فرصة استخدام بيانات وتقنيات وتحليلات جديدة موجودة إلى حد ما في جميع القطاعات. وتحققّ المنظمات قيمة من خلال تحليل حجم وسرعة وتنوع البيانات الجديدة والقائمة والاستفادة من المواهب والأدوات المناسبة من أجل فهم أفضل لعملياتها وعملائها والسوق ككل.

ومهما كانت نقطة الانطلاق، فإن المنظمات في جميع أنحاء العالم ستواصل توسيع استخدام البيانات الذكية لكسب قيمة أعمال وميزة تنافسية في الاقتصاد العالمي المتكامل في يومنا هذا.

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 53 مشاهدة
نشرت فى 10 فبراير 2013 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,305,753