الصِفْر في اللغة الشَّيء الخالي، ويقولون في الشتم: ما له صَفِر إِناؤه. أي هلكت ماشيتُهُ.
ومن الباب قولُهم للذي به جنونٌ: إنه لفي صُفْرَةٍ وصِفْرة بالضم والكسر، إِذا كان في أيامٍ يزول فيها عقلُهُ.
وتقول العرب: أرض قَفْر ليس بها أحد، ومَرْت ليس فيها نَبْت، وجُرُز ليس فيها زَرْع، ودَارٌ خَاوِيَة ليس فيها أهْل.
وغَمَام جَهَام ليس فيه مَطَرٌ، بِئْر نَزِح ليس فيها ماء، وإناء صُفْر ليس فيه شيء.
وتقول: بَطْن طَاوٍ ليس فيه طعام، ولَبَنٌ جَهِير ليس فيه زُبْد، وبسْتَان خِمٌّ ليس فيه فاكهة، وشُهْدَة هِفّ ليس فِيها عَسَل.
وتقول العرب: قَلْب فَارِغ ليس فِيهِ شُغْل، وخَدٌ أمْرَدُ ليس عليه شَعْر، وامرأة عُطْلٌ ليس عليها حُلِيٌّ.
وبَعِير عُلُطٌ ليس عليه وَسْم، مَحْبُوس طَلْق ليس عليه قَيْد.
وخَطُّ غُفْل ليس عَلَيهِ شَكْل، وشجرة سُلُب ليس عليها وَرَق.
ويقال رَجُل حَافِ من النَّعْلِ والخُفِّ، وعُرْيَان مِنَ الثياب، وحَاسِر مِنَ العِمَامَة، وأَعْزَلُ من السّلاح، وأكْشَفُ من التُّرْسِ، وأَمْيَلُ من السيف، وأَجَمُّ مِنَ الرُّمْحِ، وأَنْكَبُ من القوس.
ويقال في المثل «أجْمَلُ من ذي العِمامة» وهذا المثل من أمثال أهل مكة - وذو العمامة: سعيد بن العاص بن أمية، وكان في الجاهلية إذا لبس عمامة لا يلبس قرشيٍّ عمامة على لونها، وإذا خرج لم تبق امرأة إلا برزت للنظر إلى جماله، ولمّا أفضت الخلافة إلى عبدالملك بن مروان خطب بنت سعيد هذا إلى أخيها عمرو بن سعيد الأشدق، فأجابه عمرو بقوله:
فتاة أبوها ذو العمامة، وابنُهُ.... أخوها فما أكفاؤها بكثيرِ
وزعم بعض أصحاب المعاني إنَّ هذا اللقب إنما لزم سعيد بن العاص كنايةً عن السيادة، قال: وذلك لأن العرب تقول: «فلان مُعَمَّمٌ» يريدون أن كل جناية يجنيها الجاني من تلك القبيلة والعشيرة، فهي معصوبةٌ برأسه.
فإلى هذا المعنى ذهبوا في تسميتهم سعيد بن العاص: ذا العمامة وذا العصابة.
◆ النابغة الذبياني:
واســتبقِ ودكَ للصــديقِ ولا تكـن
قتبــــاً يعـــضّ بغــاربٍ، ملحـاحــا
فالرفــقُ يمــنٌ، والأنــاة ُ ســــعادةٌ
فتــــأنّ فــي رفــقٍ تنـــالُ نجاحـــا
واليأسُ ممّــا فــاتَ يُعقِــبُ راحَــةً
ولــربّ مَطعَمـــــة ٍ تَعــــودُ ذُباحــا
يعدُ ابنَ جَفنَـة َ وابـن هاتكِ عَرشـه
والحارثيـــنِ، بـأن يزيــــدَ فلاحــــا
ولقــد رأى أنّ الذيــن هــوَ غالَهُــمْ
قد غــالَ حميــــرَ قيلهــا الصباحــا
والتَّبّعيـــنِ، وذا نُــؤاسٍ، غُـــــدوَةً
وعــلا أذينــــة، ســالبَ الأرواحـــا
ساحة النقاش