أحمد شعبان

نبه علماء الدين إلى أن الاعتداء على السُنة النبوية حلقة من حلقات الكيد للإسلام، ومن ينكرون السُنة يقال إنهم مفكرون، وقد أوسعوا الأحاديث النبوية ذماً وهجوماً محاولة منهم لإهدار المصدر الثاني للتشريع، حيث جاءت السُنة مبينة وموضحة وشارحة ومفصلة لمجمل آيات القرآن الكريم، وقد اعتمدوا فقط على القرآن الكريم في التشريع وتناسوا أن القرآن نزل على رسول الله، وأن السُنة النبوية هي البيان العملي لما جاء في القرآن الكريم.

حول ما ورد في سنة رسول الله، قال أستاذ الفقه بجامعة الأزهر الدكتور صبري عبدالرؤوف، إن السُنة النبوية هي البيان العملي لما جاء في القرآن الكريم، لذا يجب علينا أن نلتزم بما جاء في الكتاب والسُنة، أما من ينكر السُنة فهؤلاء جماعة لم يفهموا الإسلام فهماً صحيحاً ولم يتفقهوا في دين الله.

ويريدون أن يشككوا الأمة الإسلامية في سُنة النبي، صلى الله عليه وسلم، والأمة الإسلامية تحتفل هذه الأيام يذكرى المصطفى صلى الله عليه وسلم.

 

ولو تركناهم ينقدون السنة ويعترضون عليها فسوف يتطاولون على القرآن، وهؤلاء الذين ينكرون السُنة تناسوا أنها جاءت مبينة وموضحة للقرآن الكريم ومفصلة لمجمله ولتبسيط العام وتقييد المطلق، وتناسوا أن القرآن الكريم نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

الحكم الشرعي

وأضاف: الوحي كله من عند الله ورسول الله صلى الله عليه وسلم، لا ينطق عن الهوى (وما ينطق عن الهوى. إن هو إلا وحي يوحى) «سورة النجم الآيتان 3 - 4»، والمجتهد أو الباحث عن حكم شرعي يتجه أولا إلى كتاب الله، فإن وجد الحكم الشرعي أمن به، فلا يبحث عن غيره وإن لم يجد فعليه بالسُنة والنبي - صلى الله عليه وسلم - أقام بالقرآن دولة، وبالتالي، فإن سُنته هي النموذج العملي الذي أقامه على هدي القرآن الكريم فلا يجب أن نفصل السُنة عن القرآن، وبالتالي من يتطاولون على السُنة يريدون أن يهدموا النموذج العملي في حياة المسلمين، بحيث لا يبقى للمسلمين إلا آيات ونصوص.

وحول الأدلة الواردة في كتاب الله والتي تتحدث عن أهمية السُنة النبوية أشار أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر الدكتور أحمد الشاعر إلى أن من يقرأ القرآن بتدبر، فسوف يقف على المئات من الآيات التي تتكلم عن أهمية السُنة ونحن لا سبيل لنا بمعرفة القرآن إلا من النبي صلى الله عليه وسلم وبالتالي، كيف نأخذ منه القرآن ولا نأخذ منه هديه وسُنته صلى الله عليه وسلم؟

فالذين ينكرون السُنة قبلوا من النبي صلى الله عليه وسلم القرآن وبالتالي، طالما قبلنا منه القرآن، فمن باب أولى أن نقبل سُنته الشريفة والقرآن نص على ذلك في قوله تعالى: (يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) والطاعة هنا موجبة وهناك من ذهب إلى أن قوله تعالى في سورة الحشر: (وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)، دليل على أن لو هُناك شيئاً ما لم يأت النص عليه في القرآن الكريم أمراً كان أو نهياً وجاء فقط من رسول الله نمتثل له وامتثالنا له امتثال للقرآن.

وآيات القرآن مليئة بنصوص قرآنية كثيرة توجب الامتثال لرسول الله صلى الله عليه وسلم منها: (وما كان لمؤمن أو مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً)، «سورة الأحزاب، الآية 36»، وقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون)، «سورة الحجرات، الآية 2».

الأصول الكلية

كما أشار إلى أن السُنة مفصلة لأيات القرآن الكريم في قوله تعالى: (وما فرطنا في الكتاب من شيء) العلماء قالوا إن القرآن فيه من التفصيلات والكليات والتي تسمى الأصول الكلية وجاء تفصيلها في السُنة النبوية فالقرآن الكريم جاء فيه «أقيموا الصلاة»، وفي السُنة النبوية «بني الإسلام على خمس»، وفي بعض منها تفصيل لمجمل، مثل الصلاة والزكاة والحج وغير ذلك فجاء تفصيل كيفية الصلاة ببيان عملي وبيان قولي من الرسول- صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي» وأحياناً نجد في القرآن الكريم لفظاً مطلقاً مثل: «والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا» واليد في اللغة تبدأ من الكتف حتى الأصابع فهل ما أراده الله في حد السارق من الكتف حتى الأصابع؟ بالتأكيد لا فاليد هنا مطلقة وجاءت السُنة وقيدت هذا المطلق وفي التيمم: «فامسحوا بوجوهكم وأيديكم»، فلم يعرف طريقة المسح حتى جاءت السُنة ووضحت ذلك.

وعن رواية الحديث أوضح أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر الدكتور أحمد محمود كريمة أن الأمة الإسلامية في شتى الأعصار والأمصار عنيت برواية الأحاديث النبوية الشريفة وحفظها وشرحها وفهمها وفق آلية علمية محكمة تدفع الريب والبهتان ووفق منهج الله سبحانه وتعالى وجهود مضنية من العلماء لا تعرف الكلل ولا الملل للمحافظة على السُنة النبوية بتمحيص متونها وتحقيق أسانيدها ونقد رجالها ووضعوا القواعد والضوابط والمقاييس العلمية لقبول أو رفض الحديث المنسوب إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم والإجماع بعد النصوص الشرعية من القرآن الكريم والسُنة النبوية على أن ما صحت نسبته لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من أقوال أو أفعال، أو تقريرات أو صفات تشريع أو مصدر رئيسي للتشريع.

محاور عديدة

وطالب بأهمية التوثيق المبكر للسُنة النبوية ووصفها بأنها متواصلة عبر كل جيل وعصر ومعروف فيها الأصيل والدخيل، وهي سالمة بفضل الله من كل عوار ولا يتطاول إليها زيغ المبطلين ولا انتحال المغرضين وهي السجل الحافل لحياة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولكن ظهر مناوئون للسنة النبوية من معتدين آثمين في محاور عديدة، فمنهم من ينكرها بالكلية تحت شعار «القرآن وكفى» ومنهم من يرد الصحيح ومنهم من وضع واختلق.

وأشار إلى أن إنكار السُنة النبوية يقضي على الكثير من الأحكام الشرعية الثابتة في العقيدة والشريعة ويأتي علم الفقه في رأس ما يتعرض له من تهديد لأن معظم الاجتهادات والاستنباطات لأحكام الشريعة من آئمة العلم تقوم على السُنة النبوية.

ومن مضار إنكار السُنة النبوية فصل مراحل التشريع والتاريخ الإسلامي فتمسي الأمة الإسلامية بغير تشريع واضح المعالم قوي الدلالة وتمسي الأمة بلا هوية ولا تراث ولا تاريخ ولا نسب متصل بلسانها وتفتقد القدوة الطيبة والأسوة الحسنة.

وأشار الدكتور كريمة إلى أن الإمام الشافعي تصدى للدفاع عن السُنة النبوية في مؤلفه النفيس «الأم» كتاب جماع العلم وناظر فيه شرذمة من منكري السُنة النبوية، وكذلك فإن أئمة الحديث النبوي والشريعة الإسلامية بالأزهر الشريف لهم جهود طيبة في بيان حجية السُنة النبوية ودفع الشبهات عنها لأن الاعتداء على السُنة النبوية حلقة من حلقات الكيد للإسلام.

 

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 44 مشاهدة
نشرت فى 27 يناير 2013 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,305,506