سعيد الرمسي (يمين) يتابع تصوير فيلم «ليل»
فاطمة عطفة
المخرج والممثل الإماراتي الشاب سعيد الرمسي جاد وطموح، وخلال السنوات القليلة الماضية أخذ يشق طريقه في مجال إنتاج الأفلام، وهو عمل فني وصناعي يعتمد على التعاون بين العديد من ألوان الفنون والاختصاصات من الكتابة إلى الإخراج والتصوير والتمثيل والمونتاج والصوت والموسيقى، وحتى التشكيل واختيار مواقع التصوير. إلا أنه يشكو من ندرة الجهات المنتجة التي تتبنى الأعمال السينمائية الخاصة بالمواهب الشابة، حتى يحصلوا على فرصتهم في عالم الفن السابع.
بدأ سعيد الرمسي مسيرته الفنية بتقديم فيلم «ليل» ثم فيلم «على الطريق»، ثم تابع مسيرة الإبداع في الإخراج السينمائي، والتمثيل الدرامي الذي تميز في كل ما قدمه. ليحدثنا عن جديده حاليا، وماذا يشغل وقته الآن، وعن ذلك يقول: «هناك بعض الأصدقاء لديهم أعمال درامية وأنا سأقوم بالتنفيذ، لكن حتى الآن لم تتضح الصورة تماما بيني وبينهم لأحدد دوري في هذا العمل الدرامي. أما كإخراج حاليا لدي بضعة نصوص، لكنها تواجه بعض العراقيل، خاصة من الناحية المالية، فأنا أبحث عن دعم مادي، ولكني لم أجد بعد هذا الدعم. وقد حاولت أن أخاطب بعض الجهات، لكن الجميع يقولون ليس الآن وقتها، وإنه ليس لدينا ميزانية، ولا أعلم متى يتوافر ذلك ولا كيف أحصل على التمويل».
«امتحان ولكن»
ويضيف الرمسي، أن الفيلم السينمائي يتطلب عدة اختصاصات فنية، إلا أن هناك بعض الخطوات التي يجب أن تتخذ حتى يخرج العمل للنور، وقد أستعد حالياً لإخراج وإنتاج فيلم قصير جديد بعنوان «امتحان ولكن» كتابة وسيناريو أحمد العرشي، وأنا أنتظر حاليا أن أحصل على الدعم لإنتاج هذا الفيلم. وهو يحكي قصة من نوع الكوميديا السوداء، وتعبر عن شخص يمر بحالة نفسية، ويفكر في أن يضع حدا لحياته، لكن الظروف والأوضاع تمنعه من ذلك، وتجعله عاجزا عن تنفيذ فكرته السوداء. ورغم أن الفيلم لا يظهر على أنه كوميدي، إلا أن الأداء والمواقف يميلان نحو كوميديا، ومدة الفيلم ليس أكثر من عشر دقائق».
ضعف الدراما
وعن العروض التي تلقاها في عالم الدراما، يشير الرمسي إلى ضعفها موضحاً: «العروض الدرامية حاليا التي قدمت لي ضعيفة المستوى، وبشكل عام متشابهة كأنها منسوخة عن بعضها ولا يوجد شيء جديد، فأنا تعبت من هذه الدراما التي تبدو وكأنها مكررة، حتى في رمضان المسلسلات الرمضانية كلها حزينة ومتشابهة ولا أعرف لماذا؟.
أنا أتوقع لو أنهم يستعينون بالكتاب الإماراتيين الشباب ستكون الحال أفضل لأن الدم الجــديد يعطــي روحـا جـديدة ومواضــيع وســيناريوهات جديدة. لكن المشكلة أنهم يعــتمدون على الكتاب القدامى، مع احترامي لهم، وهذا يجعل الدراما تدور في حلقة مفرغة.
وأنا أعرف كاتب سيناريو لديه نص مسلسل جميل ومكتوب بحرفية، لكن المشكلة أن عقلية المنتجين غير قابلة لهذا المسلسل لأنهم يريدون مسلسلات بالمستويات المعتادة. أما إذا أردنا أن نتحدث عن الأفلام، فمعظم الأفلام الإماراتية القصيرة إذا لم يكن 70% منها أو أكثر، متشابهة، ومعظم الأفلام تتناول القصص القديمة وقصص الحب ولا يوجد جديد. ونادرا ما أجد أشياء مبدعة».
مشكلة الإنتاج
وبما أن سعيد الرمسي مخرج، وملم بأطراف العملية الإنتاجية، فهو يعرف ما تحتاجه السينما الإماراتية لكي تتطور، ويوضح ذلك قائلاً: «هناك عدة عوامل تعتمد عليها أسواق السينما لكي تتطور، أولا وجود المخرجين المختصين، فمعظم المخرجين الإماراتيين الموجودين حاليا قليل منهم من درس السينما والإخراج. والأفلام التي تعرض ممكن أن يأخذ الشخص منها فكرة، لكن أنا أفضل أن يدرس الشخص الإخراج كي يعمل بشكل صحيح. ثانياً، نرى أن الممثلين الموجودين يمكن أن يكون أداؤهم مسرحيا أكثر منه سينمائيا، ففي السينما المخرج هو الذي يتحكم بالممثل وليس الممثل هو من يعطيك الصورة. أداء الممثل في السينما مختلف وبشكل كلي عن المسرح.
ثالثا، الجهات الإنتاجية، إن كان المنتج أو الجهة التي تدعم الفيلم غير مؤمن بالنص، أو بالمخرج من المستحيل أن ينجح العمل. يجب على المنتجين أن يعطوا المخرج مساحة من الحرية في عمله كي يبدع، ولا يجوز أن يتدخلوا في العمل إلا في حدود معينة، لكن أن يغيروا طبيعة الفكرة أو الفيلم على أساس أن الرأي الأخير للإنتاج، فأنا أعتقد أن هذا ظلم في حق الفيلم».
وحول سلطة المنتج إن كانت تحد من إبداع المخرج، يؤكد سعيد: «نعم تقريبا، لأن المنتج دوما يعتبر الفيلم فيلمه، لأنه هو من يقوم بتمويل الفيلم ودعمه، لكن المخرج له نظرة فنية وليست تجارية، وإن لم يكن المنتج واثقا من كفاءة المخرج، لا أتوقع النجاح للفيلم».
صعوبة الفيلم القصير
وعن توجه الشباب الإماراتي بكثرة إلى الفيلم القصير، ونادرا ما يفكرون في الفيلم الطويل، يقول الرمسي: «الفيلم القصير من وجهة نظري هو أصعب من الفيلم الروائي الطويل كعمل وكفكرة، لأن الفيلم القصير يختزل كل الأفكار الطويلة في مدة قصيرة، من ناحية الفكرة والتصوير والهدف، أي كيف تصل فكرة رائعة وبشكل إبداعي في زمن قصير، وهنا يظهر معدن المخرج ومهارته الفنية، وأنا أرى أن الفيلم القصير جميل، ولا يمكن أن أتخلى عنه».
ويعود الفنان الرمسي إلى أعماله الأولى مؤكدا أهميتها قائلاً: أرى أن فيلم «ليل»، أهم عمل قمت به، وكان مدعوما من مؤسسة الإمارات للنقل الاجتماعي، وكتب له السيناريو محمد الحمادي الذي تبنى الفكرة وتابع موضوع الدعم في مؤسسة الإمارات، وخصص الدعم باسمي على أساس أني المخرج، وعملنا على الفيلم بإنتاجية عالية، من كادر فني وممثلين وإضاءة وصوت. وقد كان عملاً جميلاً متكاملاً واحترافياً، وإن لم يحصل على أي جائزة.
ويضيف الرمسي: أما فيلم «على الطريق» فكان من الأعمال الشبابية ولم يكلفنا أي شيء يذكر، اللهم إلا في ليلة قمنا بتصوير الفيلم الذي تناول أحاديثنا مع بعض على الطريق، ونحن في السيارة وفقط كانت الأحاديث فكاهية ولم يكن هناك إنتاج في الموضوع».
كوادر فنية نسائية
يقول سعيد الرمسي، عن مكانة المرأة في فكر وعمل الرمسي، يقول: «المرأة الإماراتية، إن كان في السينما أو في المجال الفني، عملة نادرة. واللواتي ظهرن كممثلات هن بالفعل جديرات بكل تقدير لأنهن رائدات في هذا المجال الفني، وتقاليدنا الاجتماعية كانت في الماضي لا تسمح للمرأة بالتمثيل، لكن نحن الشعب الإماراتي نحترم المرأة، ونقدرها كأم وأخت وزميلة معنا في الجامعة والمؤسسة وفي الكتابة والإخراج والتمثيل.. وفي كل مجالات الحياة ونتمنى أن يكون هناك زيادة في الكوادر النسائية معنا في المستقبل القريب».
ساحة النقاش