الأطفال المعاقون أكثر عرضة للإساء في بعض الأحيان 

الضغوط الأسرية تلعب دوراً مهماً في تحديد طبيعة علاقة الأبناء بآبائهم، وأحياناً تتسب في سوء معاملتهم، حيث ظهرت آثارها السلبية، التى ركزت الانتباه العام على مسؤولية الجماعة والمجتمع لحماية الأطفال ومساعدة آبائهم في القضاء على أوجه الإساءة للأطفال، مما يتوجب على البعض معرفة ثقافة التعامل مع الصغار، وفق أساليب تربوية حديثة.

أحمد السعداوي - عن الظروف التي تؤثر على سعادة الأطفال البدنية أو العاطفية أو نموهم الطبيعي، أشارت مديرة مركز تنمية القدرات لذوي الاحتياجات الخاصة سميرة سالم حرز الله، إلى أن إساءة معاملة الطفل بأنها الضرر الذي يقع على الطفل الأقل من 18 سنة بواسطة أحد الوالدين أو المراهقين الآخرين، ويتمثل هذا الضرر في أي شكل من أشكال المعاملة اللاسوية، مثل الإهمال أو الضرر البدني والجنسي للطفل الطبيعي أو المعاق، أو أي ضرر آخر يكون ضاراً لصحة الطفل البدنية أو النفسية أو الاجتماعية. وقالت: «هناك أنماط مختلفة من إساءة المعاملة تتضمن إلحاق الأذى أو الضرر المتعمد من قبل الوالدين أو من يقوم مقامهما، ما يؤدي إلى التأثير السيئ على نمو الطفل في النواحي الجسدية والنفسية والاجتماعية، وتتلخص أنماط إساءة معاملة الأطفال في:

الإساءة الجسدية: يمكن تعريف سوء المعاملة الجسدية بوجه عام على أنها ضرر مقصود غير عارض من جانب شخص راشد، إما أحد الوالدين أو الأشخاص الآخرين القائمين على رعايته. ويؤدي هذا الفعل إلى خطر كبير يتمثل في إحداث تشوه أو ضعف في الأداء الوظيفي الجسدي وإصابة جسدية خطيرة أخرى أو تكسير العظام أو تشوه الجلد.

 

الإهمال: ويعني عدم المراقبة والإشراف على الطفل، وعدم الاهتمام باحتياجاته الجسدية والنفسية، وعدم توفير الرعاية الطبية والنفسية الكافية له. وهذا النوع من الإساءة يخلق لدى الطفل إحساساً بأن العالم كله بارد وجاف، ولا يعرف أن يتمتع بدفء الحب، وقد يصاب بنوع من التبلد والبرود العاطفي، وقد يقوده ذلك إلى أن يرى الحياة مملوءة بالصعاب والتحديات التي يعجز عن مواجهتها، كما أنه يجد صعوبة في أن يستمتع بالتقدير والاحترام، والطفل الذي تساء معاملته معرض للإصابة بالشك والعزلة والعناد.

 

الإساءة الانفعالية: من الصعب تعريف هذا النوع من الإساءة بدقة شديدة، ويمكن القول إنه يحدث عندما يتعرض الأطفال لمعاملة قاسية أو اهتمام غير لائق مثل الفطام العنيف أو الحرمان من بعض الأنشطة المعتادة أو حبسه، لذا فإن الإساءة الاجتماعية أو الانفعالية تحرم الطفل من التطور الاجتماعي.

وتعد الإساءة الجنسية للطفل مشكلة خطيرة وعالمية، فطبقاً لقسم الصحة والخدمات الإنسانية بالولايات المتحدة الأميركية، وجد أن 84398 طفلاً تقريباً في الولايات المتحدة فقط ضحايا للإساءة في عام 2004.

خبرة الوالدين

وحول أسباب إساءة معاملة الأطفال أوضحت، سميرة سالم أن هناك العديد من العوامل التي تتعلق بإساءة معاملة الطفل مثل خبرة الوالدين في الحياة، وعلاقاتهم ببعضهم البعض، وبعائلاتهم وشبكة الاتصالات الاجتماعية الواسعة، حيث تعانى العائلات التي تحدث فيها الإساءة العديد من الضغوط والمصاعب، ومنها، خبرات الآباء كأطفال.

من المعتاد أن الآباء المسيئين لأطفالهم لديهم خبرات مشابهة في طفولتهم. فالآباء الذين تمت تربيتهم في منازل ممزقة، وينقصها الحب وتسودها القسوة، يشعرون في صغرهم بالرفض وعدم القيمة، وفى المراحل المتقدمة من أعمارهم يمتلكون كماً كبيراً من الغضب والعدوان بسبب الظلم الذي تعرضوا له في الصغر وانعدام الثقة في أنفسهم. هذه الخصائص لدى الكبار تولد لديهم اتجاه لاختيار شريك بخلفية مماثلة. وهكذا يصبح الزوجان مجتمعاً مستقلاً غير قادر على تحمل المسؤولية والنضال لتلبية مطالب وحاجات الأطفال.

خصائص ومميزات الآباء

يتصرف الآباء الذين يميلون إلى الخيال ولديهم توقعات عالية من أطفالهم، يتصرفون بصورة غير لائقة. فقد يرغب الآباء أن يتصرف أبناؤهم مثل الكبار أو المراهقين، رغم أن ذلك بعيد عن قدراتهم وطاقاتهم، ما يسبب الإساءة لهم أو قد يرغب الآباء أن يكون أطفالهم هادئين غير نشطين وقد لا تتماشى هذه الأماني مع المرحلة العمرية للأطفال الذين يتسمون بالحيوية والنشاط، ما يعرضهم للإساءة البدنية أو الانفعالية.

إن البيوت المتصدعة والتوترات التي تحدث بين الآباء كثيراً ما تكون أسباب أساسية في الإساءة. لذا يجب على الآباء أن يبعدوا أطفالهم عن مشاكلهم الزوجية بقدر الإمكان.

وتظهر الإساءة وتوجه نحو الأطفال عندما يكونون غير مرغوب فيهم، ما يجعلهم عرضة للنبذ والإهمال أو الأطفال الذين كانت ولادتهم عسرة، فيذكرون الأم بأحداث مؤلمة ما يجعلهم يلاقون أحاسيس سلبية من الأم.

وعندما يعاني الطفل إعاقة بدنية أو عقلية، فقد يتعرض للإساءة، خاصة إذا كان الآباء يتصفون بالعصبية الزائدة وقلة الصبر وعدم القدرة على التحكم في أنفسهم عند معاملة طفلهم المعوق. ويرجع الإهمال الانفعالي والجسمي إلى نقص الرعاية الوالدية، حيث يبدو ذلك في عدم المبالاة الوالدية وفي شكل نقص الاهتمام، ونقص المشاركة في الرعاية المادية والعمل المدرسي والأصدقاء وهكذا. كما يبدو ذلك أيضاً في الضبط الوالدي، وهو ضبط غير صارم، ومن أمثلة ذلك اللعب في الشوارع من دون إشراف لفترات طويلة عندما كان الطفل دون العاشرة من العمر، والذهاب خارج المنزل والبقاء حتى وقت متأخر من الليل مع أولاد في سنوات المراهقة.

حلقات متكررة

وفيما يتعلق بكيفية القضاء على هذه الظاهرة وعلاج آثارها السلبية، أجابت سالم بأن إساءة معاملة الأطفال هي عبارة عن حلقة تتكرر جيلاً بعد جيل، فالطفل الذي تعرض لصدمة إساءة المعاملة يمكنه تكرار النموذج في الرشد، وبذلك ينقل إساءة المعاملة للجيل القادم، والطريقة الوحيدة لإيقاف هذه السلسلة هي العمل مع الآباء، والقائمين على رعاية الأطفال ممن يحتاجون لمساعدة.

كما أن علاج المشكلة ينبغي أن يتم من خلال مؤسسات اجتماعية متخصصة، تهتم وتعمل على إجراء الدراسات والبحوث للوقوف على حجم المشكلة وتحديد العوامل المؤدية إليها، ومعرفة أفضل الطرق للتعامل معها، بالإضافة إلى توفير الرعاية الصحية والنفسية لهذه الفئة وأسرها. أما الجانب العلاجي لهذه المؤسسات، فينبغي أن يهدف إلى حماية هؤلاء الأطفال وتوفير جميع أوجه الدعم والمساعدة والرعاية العلاجية المتخصصة.

سبل المواجهة

حول سبل مواجهة الإساءة للطفل المعاق، أوضحت سميرة سالم حرز الله أنه يمكن ذلك عن طريق تأسيس برامج تعليمية لتدريب القائمين على الرعاية الأبوية الجيدة وامتلاك المهارات اللازمة لتربية أبنائهم بطريقة سليمة، وزيادة وعي الأفراد ببدائل سلوكيات الإساءة، وبذلك يمكنهم البحث عن المساعدة لتقويم أطفالهم من دون اللجوء لإساءة معاملتهم، وتثقيف أفراد الجمهور حول إساءة معاملة الأطفال ليتمكنوا من الإبلاغ عن حالات الإساءة، بحيث يمكن التدخل بشكل مبكر، وإقامة علاقة ثقة مع الأطفال، بحيث يتمكن الطفل من الإخبار عن سوء المعاملة بشكل مريح.

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 53 مشاهدة
نشرت فى 7 يناير 2013 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,276,672