الخلايا الجذعية تفتح آفاقاً رحبة للعلاج في المستقبل القريب
شهد العام المنقضي 2012، طفرة حقيقية على صعيد الإنجازات البحثية الطبية، ففي مجال الأداء التعويضي بواسطة المستشعرات الإلكترونية المثبتة بالدماغ، نجح فريق طبي أميركي في زرع شريحة إلكترونية صغيرة للغاية داخل مخ إحدى المصابات بالشلل، بحيث تعمل على قياس طبيعة النبضات الصادرة من خلايا المخ العصبية وإرسالها من ثم إلى ذراع آلية لترجمتها إلى حركة.
وقد حققت هذه التقنية أداءً باهرا، إذ تمكنت كاثي هيتيشينسون، المصابة بشلل كامل منذ ما يقرب من 15 عاما، من التحكم بشكل جيد في الذراع الآلية المثبتة، واستخدامها في الإمساك وتحريك بعض الأجسام. كما طبقت نفس التقنية على مريضة أميركية أخرى هي جان سكيويرمان مصابة بالشلل الكامل منذ 13 عاما، وهو ما أدى إلى تحسين التوافق الحركي والمهارة والسرعة لديها بشكل كبير. وبالمثل فقد تمكن أحد المصابين بالعمى من استعادة الرؤية بشكل جزئي، من خلال زرع شريحة إلكترونية مشابهة خلف شبكية العين.
وعلى الرغم من أن الطريق ما زال طويلا نحو التغلب على الصعوبات التي تكتنف تطبيق هذه التقنية ـ سواء أكانت تتعلق بمقدار التكلفة أو عدم بلوغ القدرات التعويضية المكتسبة مستوى الحركة الطبيعية- إلا أن ما تحقق من نجاح يعطي الأمل بإمكان استعادة المرضى المصابين بالشلل، أو العمى يوماً ما لقدراتهم المفتقدة، أو على الأقل لجزء يسير منها.
كما شهد العام المنصرم، تحقيق طفرة علمية جديدة في مجال تعديل المنتجات أو الكائنات جينياً، وذلك عبر التوصل لأكثر من تقنية جديدة لما يعرف بأسلوب الاستهداف الجيني، تتيح للمتخصصين والعاملين في هذا المجال إجراء التعديلات الجينية المطلوبة بتكلفة منخفضة وسهولة تامة.
ولعل أهم وأحدث هذه التقنيات، والمعروفة اختصارا باسم «النيوكليزات مزدوجة النسخ الوراثي التي يمكن بواسطتها إزالة أو تغيير جين محدد بمنتهى الفعالية والدقة، حيث تعمل التالين أو أنزيمات النيوكليز في هذه الحالة على تحديد موقع الجين المطلوب حذفه بمنتهى الدقة، ومن ثم استبداله بالجين الجديد المرغوب، من دون خطأ. وهذا بدوره يعني التغلب على واحدة من أكبر عقبات ومشكلات التعديل الجيني والهندسة الوراثية، والتي تتمثل في عدم قدرة المتخصصين على التحكم أحيانا في مكان إضافة الجين الجديد داخل الجينوم أو نوع الحمض النووي المطلوب حذفه.
وهذه الطريقة وإن تشابهت مع طريقة الاستهداف الجيني بواسطة نيوكليزيز أصبع الزنك، إلا أنها تتفوق عليها من حيث السهولة والكلفة، وهذا بالقدر الذي يتوقع معه كثير من المتابعين أن تصبح هي الطريقة القياسية الأولى المعمول بها في كافة المعامل المتخصصة.
وعلى صعيد الآمال الجديدة لعلاج مرض السرطان، فقد كشفت ثلاثة فرق بحثية منفصلة من أميركا وهولندا وألمانيا، عن حقيقة جديدة تتمثل في وجود خلايا جذعية سرطانية داخل الأورام الخبيثة الصلبة، وهذا خلافا لما هو معتقد حاليا بأن السرطان ينجم عن تغيرات وراثية مفاجئة داخل الخلايا العادية تجعلها تنقسم بشكل يتعذر ضبطه، مما يتسبب في تحولها إلى ورم.
لذا ينتظر أن يسهم هذا الاكتشاف في تغيير أسلوب واستراتيجية العلاج المتبع حاليا، وهذا من خلال التركيز على القضاء على الخلايا الجذعية السرطانية المسؤولة عن نمو الورم الخبيث مجددا، بدلا من محاولة استهداف الخلايا الورمية وتقليص حجم الورم السرطاني، الذي عادة ما يعاود الظهور والتضخم.
من جهة أخرى، شهد عام 2012 أيضا أكثر من إنجاز طبي على صعيد علاج سرطان الثدي، الذي يتسبب وحده في ما يقرب من نصف مليون وفاة سنويا. إذ تمكن العلماء من تطوير وابتكار تقنية جديدة يمكن بها معالجة هذا المرض من دون جراحة، ومن دون تخدير عام، وذلك عن طريق استخدام إبرة خاصة مبردة إلى 170 درجة مئوية تحت الصفر، يتم استخدامها لتدمير الأورام السرطانية، وهذا عبر تحويلها إلى كرة من الثلج.
ساحة النقاش