لأخطاء الطبية وانتقال العدوى أبرز المخاطر المحدقة بالجراحة

إذا كنت تحضر نفسك للخضوع لعملية جراحية بسبب إصابة معينة، فإن أحد الأسئلة الأساسية الذي قد يطرح نفسه هو «متى سأستعيد عافيتي وأعود لممارسة حياتي الطبيعية بعد العملية؟». وتتوقف الإجابة عن هذا السؤال طبعاً على نوع العملية ومدى إصابتك بغيرها من المشاكل الصحية. لكن الإجابة اليقينة تتوقف بالموازاة على ما تقوم به أنت شخصياً. وبالرغم من تفاوت وتيرة التعافي من أية عملية جراحية بحسب طبيعتها وعمر المريض وقابليته للتعافي، وعدد من العوامل الأخرى، فإن هناك خطوات عامة بسيطة يمكن اتباعها من أجل مضاعفة فرص التعافي، وتعجيله وتقليل مخاطر الإصابة بأية مضاعفات يمكن أن تُقعدك في الفراش أطول مما هو متوقع.

ينصح خبراء الرعاية الصحية الأميركيون كل شخص تضطره حالته الصحية إلى إجراء عملية جراحية بأن يسأل عن أمهر الأطباء الجراحين ممن يتمتعون بسمعة مهنية جيدة في الوسط الجراحي. ومن شروط الجراح الناجح أن يكون قادراً على التواصل جيداً مع المريض والإجابة عن كافة استفساراته وتساؤلاته بمنتهى الشفافية والوضوح والإقناع. ليس ذلك فحسب، بل إن على الجراح ألا يجد أي حرج في الإجابة عن أسئلة المريض الخاصة بسجله المهني وخبراته، وحتى عن فرص نجاح العملية على يديه مقارنة بغيره من الجراحين. ولعل انفتاح الجراح وقدرته على الإجابة عن كل الاستفسارات بأريحية وثقة من المؤشرات الإيجابية التي تشجع المريض على تسليم نفسه لمبضع الجراح باطمئنان أكثر. ويفيد خبراء أميركيون أن الحرص على التحقق من التجارب المتراكمة للجراح يغدو ضرورة قصوى في العمليات المعقدة والمركبة لما يترافق معها من إجراءات عالية المخاطر، مثل جراحات السرطان وجراحة الشرايين التاجية والذبحة الصدرية واستبدال صمامات القلب وجراحات تمدد الأوعية الدموية الأبهري.

اختيار المستشفى

يوصي خبراء رعاية صحية أميركيون كل المقبلين على الخضوع لعمليات جراحية بأن يختاروا المستشفى أو العيادة بعناية. وتصنف مجلة تقارير المستهلك التي يصدرها اتحاد المستهلكين 4,000 مستشفى في مختلف الولايات الأميركية بناءً على 17 مقياساً، بما فيها درجة انتقال العدوى والعودة إلى المستشفى والمضاعفات الخطيرة ونسب نجاح الجراحات ونسب الوفاة وتجارب المرضى. كما تصنف المجلة ذاتها نحو 1,100 مستشفى وفق معايير السلامة والأمان المتبعة والسائدة في ممارسات الكوادر الطبية.

وينصح خبراء الرعاية الصحية أيضاً كل مريض بأن يسأل الجراح عن الأشياء التي عليه أن يتوقعها مباشرة بعد انتهاء الجراحة، وذلك من قبيل «هل سأُوضع في وحدة العناية المركزة بعد العملية؟، ما هي خطط التعافي من الآلام؟ وهل سيبقى جسدي متصلاً بأية أنابيب أو أوعية بعد الجراحة؟». ويفضل كذلك إجراء نقاش مع الطبيب حول تقديراته بشأن وقت التعافي تماماً، والخيارات الدوائية والعلاجية الكفيلة بتسريع وتيرة التعافي وتقليل المضاعفات. ويحذر الخبراء من مغبة مواصلة تناول بعض العقاقير والأدوية أو المكملات قبيل الخضوع للجراحة، فبعضها قد يزيد فرص تخثر الدم خلال العملية. كما يتعين على المصابين بالسكري الذين يتناولون الأنسولين أن يعدلوا جرعاتهم.

السلامة والأمان

من أبرز مخاطر الاستشفاء الأخطاء الطبية وانتقال العدوى. فمخاطر من هذا النوع قد تخرج عن السيطرة في أحيان كثيرة بصرف النظر عن نوع الاحتياطات المتخذة لمنع وقوعها. ولذلك ينصح خبراء الرعاية الصحية كل مريض بأن يصطحب معه شخصاً ثقة يرافقه طيلة مكوثه في العيادة أو المستشفى، من أجل مراقبة كل ما يحيط بالمريض ومدى اتباع الأطباء والممرضين والمساعدين لمعايير السلامة من لبس القفازات وتعقيم الأدوات الجراحية ونظافة الأنابيب، وتبديل قنينات الجليكوز مباشرة بعد انقضائها، والتقدم باستفسار عن أي شيء قد يدعو إلى الريبة أو القلق، والإبلاغ عن أي شيء قد يجري على غير ما يرام. وفي حال لم يكن هذا الأمر ممكناً بالنسبة للمريض، يمكنه الاستعانة بخدمات ممرضة أو مساعدة خاصة من خارج المستشفى وتوكيلها بالمهام التي تدرأ عن المريض مخاطر الأخطاء الطبية وانتقال العدوى.

ومن الأشياء الأخرى التي يُنصح بها التخطيط المسبق للتسريح من المستشفى. وذلك عبر سؤال الجراح عن الفترة المطلوب المكوث خلالها بالمستشفى بعد الخضوع للعملية. ويجدر بالمريض أن يسأل عن كافة التفاصيل، مثل المرافق التي يفترض منه المرور بها قبل اللجوء إلى غرفة الجراحة، والوجهة التالية التي سيقصدها بعد انتهاء الجراحة، ومدى حاجته إلى برنامج تأهيلي ما بعد الجراحة. وفي حال علم أن بإمكانه مغادرة المستشفى فوراً بعد العملية، فعليه أن يسأل عما إذا كان مطلوباً منه مواصلة استخدام بعض المعدات الطبية. وإذا كان الأمر كذلك، فعليه أن يستفسر عن طريقة تركيبها واستخدامها، خاصة إن لم يكن هناك ممرض أو مساعد متخصص سيكلف برعايته على مدار الساعة في البيت بعد خروجه من المستشفى.

مسكنات الألم

يوصي الأطباء بأن يتجنب المريض مكابدة الآلام التي يمكنه تفاديها أو علاجها، لأن المعاناة من آلام قابلة للعلاج يبطئ وتيرة التعافي ويؤجل موعد الشفاء التام. ويقول الدكتور أليخاندرو جونزاليس، جراح عظام في مستشفى الجراحة الخاصة وأستاذ مشارك بكلية فييل كورنيل في نيويورك، «بعد استبدال الركبة على سبيل المثال، من المهم للمريض ألا يغادر المستشفى إلا بعد الحصول على مسكنات الألم. فمراقبة الألم والتحكم فيه بشكل جيد يتيح له التعافي على نحو أفضل، والتعجيل بتحريك الفقرات المرتبطة بمفصل ركبته». وبالمقابل، فإن المرضى الذين يرفضون تناول مسكنات الألم لا يتمكنون من تلقي ما يكفي من حصص العلاج الفيزيائي، والذي من شأنه مساعدتهم على التعافي من الإصابات الغائرة لأنسجة الركبة، ومن ثم تقييد حجم الحركات التي يمكنهم إتيانها، كما يقول الدكتور جونزاليس ديلا فالي، العامل أيضاً في جراحة العظام. فتناول مسكنات الألم عند الاقتضاء يسمح بتسهيل عملية التنفس والعطاس، ويقلل مخاطر الالتهاب الرئوي الحاد.

المثانة والقولون

رغم شيوع تراجع نشاط الأمعاء والمثانة بعد الخضوع لعملية جراحية، فإنه يمكن للمريض أن يتخذ بعض الخطوات لتقصير فترة نكوص نشاط مثانته ومعدته. فمضغ علكة خالية من السكر يقلل مرات إخراج الريح، الذي يؤشر في العادة إلى جودة أداء وظيفة المعدة، بمعدل 14 ساعة، ويؤجل نشاط القولون بمعدل 23 ساعة بعد العملية الجراحية، وذلك وفق دراسة تحليلية نُشرت سابقاً في المجلة الدولية للجراحة.

وبالنسبة للمثانة، فإن أحد المخاطر التي تكون معرضة لها بعد الجراحة هو احتباس البول، أو العجز عن التبول بالرغم من امتلاء المثانة، وذلك من الأعراض الجانبية لبعض الأدوية. ويعد الرجال المصابون بتضخم البروستات هم أكثر الناس عرضة لهذه المشكلة. ويبقى العلاج الأكثر شيوعاً لمشكلة احتباس البول هو استخدام أنبوب لسحب البول من المثانة.

الانتباه للشقوق

من الأخطاء الشائعة التي يقع فيها عدد من المرضى بعد الجراحة هو لمس موضع الشق الجراحي بيدين غير نظيفتين أو استخدام محلول بيروكسيد أو غسول أو مضاد حيوي على شكل مرهم. وينصح خبراء الرعاية الصحية كل من يخضع لعملية جراحية بعدم الاستحمام إلا بعد الحصول على موافقة الطبيب الذي أجرى الجراحة، وذلك لكون الماء قد يرطب البشرة ويتسبب في انشراخ الشق. ويُنصح الخاضع للجراحة أيضاً بتجنب نبش قشرة الجرح أو محاولة إزالتها قبل زوالها لوحدها. وإذا كانت قشرة موضع الشق ساخنة أو محمرة أو تميل إلى التمطط أو القابلية للتمزق التدريجي، فاتصل بالجراح فوراً.

التحرك الحذر

من المعروف في أوساط الطب والجراحة أن المشي والحركة يساعدان على تلافي تخثر الدم أو تجلطه ويعينان الأمعاء على استعادة وظيفتها ونشاطها. غير أن على المريض الذي خرج من توه من عملية جراحية أن يتأكد من طبيبه حول مدى وجود قيود أو حدود على حركته عقب الجراحة، ليس داخل المستشفى فحسب، وإنما أيضاً عند الرجوع إلى البيت. ويُنصح المرضى الذين تُجرى لهم جراحات في النصف الأعلى من الجسم بتوخي حذر أكثر وتجنب حمل أي أشياء ثقيلة، أو تحريك الذراعين بقوة، أو إتيان أي حركة قد تضغط على موضع الشق. وإذا أخذنا المرضى الذين يخضعون لجراحة قلب مفتوح مثلاً، فعليهم أن يتعلموا كيف يقومون من الكرسي دون استخدام أيديهم. وذلك من أجل تفادي الضغط على عظام الصدر الذي تم شقه إلى نصفين خلال العملية الجراحية.

هشام أحناش

 

المصدر: عن «لوس أنجلوس تايمز»
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 33 مشاهدة
نشرت فى 7 يناير 2013 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,306,389