أحببت أن أشارككم اليوم واحد من الموضوعات المميزة والمحببة إلي، ألا وهو التسويق الابداعي والذي يعد من أهم الطرق الفعالة لتسويق منتجات وخدمات الشركات وخصوصا الصغيرة منها. فلنبدأ معاً.
ماهو الغوريلا ماركيتنغ؟
الغوريلا ماركيتنغ Guerrilla Marketing هو عبارة عن استراتيجية إعلانية ترتكز على تكتيكات تسويقية منخفضة التكاليف وغير مألوفة للحصول على نتائج كبيرة.
تم استخدام هذا المصطلح لأول مرة من قِبل Conrad Levinson عام 1984 من خلال كتابه Guerrilla Marketing (الذي بيع منه حتى الآن أكثر من ٢١ مليون نسخة) و مصطلح Guerrilla Marketing تم استلهامه من (حرب العصابات أو guerrilla warfare) التي يتم فيها استخدام استراتيجيات قتالية صغيرة وغير تقليدية من قبل أشخاص مسلحين ضمن منطقة أو معركة حامية الوطيس . وتتضمن هذه التكتيكات الكمائن، عمليات التخريب، الغارات، واستخدام عنصر المفاجأة. وتماماً كحرب العصابات يستخدم الغوريلا ماركيتنغ نفس التكتيكات في حملتاته التسويقية.
وبحسب مؤلف الكتاب والأب الروحي لهذا النوع من التسويق فإن تعريفه كان كالتالي:
“يمكنني وصف روح الغوريلا ماركيتنغ على أنها تحقيق الأهداف المألوفة مثل الربح والاستمتاع من خلال طرق غير تقليدية كاستخدام الطاقة الجسدية بدلا من النقود”.
ويعتمد هذا النمط البديل من التسويق بقوة على استراتيجيات غير عادية و نشاط ومخيلة كبيرين. وهو يعتمد أيضاً على مفاجأة الزبون وترك انطباع لديه صعب النسيان بالإضافة لخلق ضجة إعلامية كبيرة.
ويعتبر هذا النوع من التسويق الابداعي مناسباً للشركات الصغيرة التي عادة ماتكون بحاجة للوصول لجمهور عريض دون إفلاس حسابها البنكي حيث أنه يعطي هذه الشركات الصغيرة تفوقا مميزا عن الشركات الكبيرة. كما ويستعمل أيضاً من قبل الشركات الكبيرة كحملة مساعدة تكمل الحملة الكبيرة على قنوات التسويق الأساسية. و يمكن أن يتم استخدامها أحياناً من بعض الأفراد كطريقة للحصول على عمل أو وظيفة.
لمحة تاريخية
ترجع بدايات الإعلان للعام 4000 قبل الميلاد عندما استخدم المصريون القدماء ورق البردي لكتابة رسائل المبيعات و اعلانات الحائط. وتطور التسويق التقليدي عبر السنين حتى وصل إلى ماهو عليه الآن ولكن القفزة الكبرى لم تحصل إلا بحلول القرن العشرين.
حيث أصبح الهدف الأساسي للإعلانات هو تثقيف العملاء والزبائن عن المنتج أو الخدمة بدلاً من تسليتهم وجعلهم أكثر اندماجاً مع العلامة التجارية.
في عام 1960 بدأ التركيز في الحملات الدعائية على القنوات التسويقية الكبرى مثل الراديو و الصحف والمجلات. وصلت الحملات لذروتها في الثمانينات واوائل التسعينات وبدأت شركات التسويق بالمعاناة في ترك الانطباع المرغوب لدى الجمهور وشعر المستهلكون بالتعب من كثرة استهدافهم بالإعلانات فظهرت الحاجة للتغيير.
في عام 1984 قام خبير التسويق Jay Conrad Levinson بطرح المصطلح التسويقي الجديد في كتابه والذي يدعى Guerrilla Marketing.
ولدى ليفنسون تاريخ طويل في مجال التسويق فهو نائب مدير شركة J. Walter Thompson، وهي واحدة من أكبر شركان الدعاية و الإعلان في الولايات المتحدة، ومدير التطوير و الإبداع في Leo Burnett Advertising، بالإضافة للعديد من الكتب والمقالات المختصة في مجال التسويق. وكما جاء في كتابه، الهدف من الغوريلا ماركتينج هو استخدام طرق غير مسبوقة للاعلان من خلال ميزانية محدودة. ففي هذه الفترة كانت الإعلانات التقليدية مثل الراديو، التلفزيون والمطبوعات في ازدهار كبير ولكن بدأ المسهلكون بالشعور بالملل من هذه الإعلانات. فاقترح ليفنسون أن تكون الحملات الإعلانية مثيرة، صادمة وذكية جداً بحيث تخلق ضجة بين المستهلكين.
فبدأت الشركات الصغيرة بتغيير طريقة تفكيرها وكيفية تسويق علاماتهم التجارية بطرق مبتكرة والاستفادة من الأساليب الثورية للتعريف بمنتجاتهم وخدماتهم. ورغم أن أفكار التسويق غير التقليدي كانت موجهة نحو المشاريع الصغيرة إلا أن الشركات الكبيرة أصبحت لاحقاً تستعمل هذه الطرق التسويقية لتُغني حملاتها الاعلانية وتجعلها أكثر تشويقاً.
يعود السبب الرئيسي لنجاح التسويق غير التقليدي إلى فعاليته الكبيرة في كسر قواعد الإعلان، ولكن يجب الانتباه إلى الكيفية والاستراتيجية التي سيتم تطبيقها حيث يمكن أن تؤثر هذه الأساليب بشكل سلبي على الشركات الكبيرة. ففي بعض الأحيان يمكن أن ينقلب السحر على الساحر ويصبح الغوريلا ماركيتينغ كابوس مرعب للعلاقات العامة لهذه الشركة. كما حصل لأحد الشركات الأمريكية الكبرى (Turner Broadcasting) في ٢٠٠٧ عندما قامت بوضع اعلانات تضيء في الليل فقط بطريقة معينة فظنها سكان مدينة بوسطن أنها قنابل موقوتة مما أحدثت فوضى عارمة في المدينة وتكبدت الشركة خسائر كبيرة من وراء هذه الحادثة.
أما بالنسبة للشركات الصغيرة فإنها لن تواجه مثل هذه المخاطر حيث سيعتبرها الجمهور مجرد عرض فاشل من أحد الشركات المجهولة ولن يعيروها اهتماما كبيرا.
وقد حدد ليفينسون النقاط التالية كمبادئ أساسية للتسويق الإبداعي:
- يقوم التسويق الإبداعي بالأساس على خدمة الشركات الصغيرة .
- الاعتماد في التسويق على علم النفس أكثر من الاعتماد على الخبرة و الرأي.
- التنسيق مع الأعمال الأخرى بدلاً من التنافس معها دون جدوى .
- الإنتباه إلى عدد العلاقات الجديدة التى يكتسبها المسوق كل شهر.
- تركيز الإهتمام على العملاء الحاليين وزيادة التعامل معهم أكثر من الإهتمام بكسب عملاء جدد .
- إستهداف الأفراد والمجموعات الصغيرة .
- كسب ثقة الفرد بدلاً من محاولة البيع فقط .
- الإلتزام بالحملة وأساليب التسويق الفعال طوال الوقت .
- دمج الطرق التسويقية المبتكرة في نفس الحملة .
- وضع معيار للجودة و التركيز على منتج واحد فقط بدلا من تشتيت الجهد والانتباه على أكثر من منتج وخدمة .
- مقياس النجاح هو حجم المكاسب و ليس المبيعات .
بعض الأمثلة
في يناير 2010 قامت شركة كوكاكولا باطلاق فيديو يدعى Happiness Machine. ونشاهد في الفيديو آلة لتوزيع المياه الغازية تقدم أكثر بكثير من مجرد علب الشراب. وتم تصوير الفيلم في جامعة سانت جونز في كوينز بنيو يورك باستخدام 5 كاميرات مخفية. وكان رد فعل الطلاب عفوياً جداً.
وأصبح الفيديو ذي شعبية كبيرة عندما طرح على يوتيوب وحصد جائزة CLIO Gold Interactive Award. وبعد رؤية النتائج الممتازة لهذا الفيديو، قررت شركة كوكاكولا متابعة الحملة التسويقية من خلال اطلاق عدة فيديوهات لها نفس الطابع.
فيديو آخر من كوكاكولا استخدمت فيه شاحنة لتوزيع زجاجات كولا مجاناً من خلال الضغط على زر فقط.
قامت نايكي بابتكار هذه الحملة من خلال توظيف تجربة مشتركة لدى الكثيرين وهي (سيارة محجوزة ومخالفة مرورية) واضافة عامل الفكاهة لها لتوصل رسالتها خلال اليوم العالمي الخالي من السيارات.
شركة المفروشات السويدية IKEA قامت بوضع منتجاتها في مناطق غير مألوفة أبدا في نيويورك لتثبيت اسمها في أذهان المشترين.
فيديو مميز لشركة الصمغ Loctite’s Super Glue 3 حيث قامت بلصق قطعة نقود معدنة بالأرض باستخدام منتجها لتثبت مدى فعاليته.
طريقة غير تقليدية من شركة الملابس والجينز Lee حيث قامت بنشر بناطيل الجينز في بعض ضواحي باريس لجذب انتباه المشترين لحفل افتتاح متجرها الجديد.
حملة مميزة من منظمة UNICEF الخاصة بشؤن الأطفال لتوعية وجمع تبرعات من سكان نيويورك. حيث فامت بوضع آلة توزيع مياه تحوي قوارير بها مياه آسنة وقذرة لتوصل رسالة مفادها أن حياة الرفاهية التي نعيشها وامكانية حصولنا على مياه نظيفة في أي وقت يعتبر أمر في غاية الصعوبة في الدول النامية.
حملة مميزة من قناة TNT Benelux في بلجيكا لجذب الانتباه لقناتها من خلال دفع الأشخاص لضغط الزر الأحمر لإضافة الدراما إلى حياتهم. أصبح هذا الاعلان واحد من اكثر الفيديوهات الاعلانية التي يتم مشاركتها على يوتيوب. شاهد ماذا سيحدث.
ساحة النقاش