مكافحة انتهاكات الطفولة تنشط بعد تزايد المطالبات بوقفها
وسط وصف البعض للمعلومات المجمّعة عن الأطفال عبر شبكة الإنترنت بالعملة الصعبة، وازدياد مخاوف أهاليهم من الاستخدامات التجارية لهذه المعلومات بدرجة تفوق المخاوف من تعرف أطفالهم على الغرباء عبر الشبكة ومواقع التواصل الاجتماعي، أقرت مفوضية التجارة الفيدرالية الأميركية قواعد تنظيمية جديدة للحد من جمع المعلومات المتعلقة بالأطفال دون 13 عاما خلال تصفحهم للمواقع أو تطبيقات الأجهزة الذكية المحمولة.
تنص القواعد الجديدة على تغييرات مهمة في طريقة عمل المواقع الكبرى عبر إلزام خدمات الأونلاين بالحصول على إذن من الأهل قبل جمع بعض المعلومات عن أطفالهم مثل تاريخ التصفح وبيانات تحديد المواقع وغيرها من المعلومات الشخصية التي يمكن استخدامها عبر توجيه إعلانات تتلاءم مع اهتمامات الأطفال بشكل يعود بمردود أكبر على العديد من المشاريع التجارية العاملة عبر الإنترنت.
حراس البوابة
وفق أحد مسؤولي منظمة «كمون سينس ميديا» غير الربحية جيمس ستيير فإن القواعد الجديدة تعني بقاء الأهل، وليس المسؤولين عن شبكات التواصل الاجتماعي أو التسويق، بمثابة حراس لبوابة المعلومات عندما يتعلق الأمر بخصوصية أبنائهم «ليس فقط على الإنترنت بل على خطوط الهاتف». واعتبر ستيير أن للأهل الحق في تحصين أطفالهم من الرسائل التجارية الموجهة لهم على أساس المعلومات المجموعة عنهم.
ولاحظ مراقبون أن هذه القواعد جاءت خالية من بعض الإجراءات التي كانت محط اعتراض سديد من شركات وادي السليكون لكبرى شركات التكنولوجيا مثل آبل وفيسبوك وجوجل التي كانت حاججت بأن من غير الإنصاف، ومن غير الواقعي اعتبارها مسؤولة عن تطبيقات غيرها من الشركات والمواقع التي تستهدف بالدرجة الأولى الأطفال والناشئة.
ولا تقتصر المخاوف على الأطفال دون 13 سنة، فقد أظهرت دراسة جديدة تزايد المخاوف لدى الأهل من وصول المعلنين إلى بيانات أطفالهم على الإنترنت أكثر من مخاوفهم من تحدث أطفالهم إلى غرباء عبر الشبكة، وفق تقرير تعاون على إصداره «مشروع بيو للإنترنت» ومركز «بركمن للإنترنت والمجتمع» في جامعة هارفارد.
وقال موقع «سي ان إي تي نيوز»، إن التقرير استند إلى استطلاع آراء 800 عائلة لأطفال تتراوح أعمارهم بين 12 و17 سنة، تتناول أسئلة حول مواقع التواصل الاجتماعي ولاسيما فيسبوك. وبينما يزيد استخدام المراهقين دون عشرين سنة والأطفال من استخدامهم الإعلام الاجتماعي كجزء من اتصالاتهم اليومية، وجدت الدراسة أن الأهل قلقون من تنوع مخاطر الأونلاين بحيث لم يعد مصدر هذا القلق فقط يتعلق بالتحدث مع الغرباء كما كان الحال في السابق.
وعبّر 81 % من الأهل المشمولين بالاستطلاع عن مخاوفهم من حجم المعلومات التي يمكن للمعلنين معرفتها وجمعها عن سلوك أطفالهم. وقال 72% إنهم قلقون من تفاعل أبنائهم مع الغرباء عبر الإنترنت. وأجاب 62% من الأهل بنعم ردا على سؤال حول ما إذا كانوا قلقين من تدمير سمعة أبنائهم إذا وضع الأخيرون شيئا على الأونلاين أو يخافون من أن يؤثر سلوك أبنائهم عبر الأونلاين على فرصهم الأكاديمية أو الوظيفية مستقبلا. ولا زالت هذه النسبة من الإجابة عالية لكن التقرير لاحظ أنها أقل من نظيرتها في دراسات سابقة.
مناهضة انتهاك الطفولة
واللافت أيضا أن إجراءات حماية خصوصية الأطفال تتزامن مع تحرك دولي على خط آخر لأجل الحد من مظاهر ومحتويات انتهاكات الطفولة على شبكة الإنترنت، حيث أن دول الاتحاد الأوروبي الـ27 ومعها الولايات المتحدة وعدد آخر من الدول، أعلنت مؤخرا ما اسمته «التحالف العالمي» من أجل إزالة صور الإنترنت ومقاطع الفيديو التي تحوي انتهاكات جنسية للأطفال. وذكر موقع»اي يو بيزنيسز» نقلاً عن مفوضة الشؤون الداخلية الأوروبية سيسيليا مالمسترويم أن «الانتهاك الجنسي للأطفال يمثل جريمة بشعة وهو أيضا جريمة مخفية غالبا ما ترتكب في الزوايا المعتمة من شبكة الويب».
وكانت المفوضة الأوروبية تتحدث في مؤتمر صحفي مشترك مع المدعي العام الأميركي اريك هولدير.
وقالت إن صور الأطفال المحرومين من المساعدة الذين تعرضوا للتعذيب والاغتصاب كانت تعرض بشكل متزايد في الإنترنت، مع تقديرات تشير إلى وجود نحو مليون منها عبر الإنترنت وخمسين ألف صورة يتم تحميل ملفاتها يومياً.
وجاء إطلاق التحالف العالمي بعد عام من اتفاق بين الطرفين الأميركي والأوروبي من أجل محاولة وضع المعركة ضد «الجرائم المثيرة للاشمئزاز» على الإنترنت في مرتبة متقدمة من الأجندة العالمية. وإلى جانب دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بضم التحالف حتى الآن البانيا، أستراليا، كمبوديا، كرواتيا، جورجيا، غانا، اليابان، مالدوفيا، الجبل الأسود، نيوزيلندا، نيجيريا، النروج، الفيليبين، صربيا، جمهورية كوريا، سويسرا، تايلند، تركيا، أوكرانيا وفيتنام. وينص أحد أهداف التحالف على تعزيز التشريعات القانونية الخاصة بهذه الجرائم في جميع الدول الأعضاء وجعل التحقيقات فيها أسهل عبر الحدود.
وتشهد الولايات المتحدة وأوروبا تحركا متزايدا من قبل مجموعات الدفاع عن الطفولة وتحصينها من مخاطر هذه الانتهاكات وانتشارها عالمياً، والتي تدعو إلى إجراءات فورية للحد من هذه الجرائم. وقد التزمت الدول الأعضاء أيضاً بالتأكد من أن قاعدة بيانات البوليس الدولي، الإنتربول الخاصة بانتهاكات الأطفال تزداد سنويا بنسبة 10%.
ساحة النقاش