سُئل أعرابيّ عن العقل متى يُعرف قال: إذا نَهاك عقلُك عمّا لا يَنْبغي فأنت عاقل.
وقال مَسْلمة بن عبد الملك: ما قرأتُ كتاباً قطُّ لأحد إلا عرفتُ عقله منه. وقال يحيى بن خالد: ثلاثة أشياء تدلُّ على عُقول أرْبابها: الكتاب يدُل على عقل كاتبه والرسول يَدل على عقل مُرْسِله والهديَّة تدل على عقل مُهديها. يقال: العقل ضربان: عَقْل الطبيعة وعقل التَّجْربة وكلاهما يُحتاج إليه ويؤدَي إلى المنفعة.
وكَان يُقال: لا يكون أحدٌ أحب إليك من وَزِيرٍ صالح وافِر العقل كامِل الأدب حَنيك السن بَصير بالأمور فإذا ظَفِرْتَ به فلا تُباعِدْه فإنَّ العاقلَ ليس يمانِعك نَصِيحَته وإن جَفَتْ.
وغَرِيزة عقل لا يَضِيعِ معها عَمَل.
وأجَل الأشياء أصلاَ وأحْلاها ثمرةً صالح الأعمال وحُسن الأدب وعقل مُسْتَعمل. والتجاربُ ليس لها غاية والعاقل منها في الزَيادة. وإنَّ العاقلَ لا يغترَّْ بمودَّة الكَذوب ولا يثِق بنَصيحته ويُقال: مَن فاته العقل والفُتوَّة فرَأْسُ مالِه الجَهْلُ.
ومن عَير الناسَ الشيءَ ورَضِيه لنفْسه فذاك الأحْمق نفسُه.
والعاقلٍ دائمُ المودَة والأحمق سَريع القطِيعة.
وصَديق كل امرئ عقله وعدوُه جَهْله.
والمعْجبِ لَحُوح والعاقل منه في مَؤُونة.
وأمَا العُجْب فإنه الجَهْل والكِبر.
وقيل: أعلى الناس بالعَفْو أقدرهم على العُقوبة وأنْقص الناس عقلاً مَن ظَلم من هو دونه. ويقال: ما شيء بأحسنَ من عَقْل زانه حِلْم، وحِلْم زانه عِلم، وعِلم زانه صِدْق، وصِدْق زانه عَمَل، وعَمَل زانه رِفْق.
سئل أعرابي: أي الأسباب أعون على تذكية العقل وأيها أعون على صلاح السيرة فقال: أعونها على تذكية العقل التعلم وأعونها على صلاح السيرة القناعة..
واستعمل عمر بن عبدِ العزيز رجلاً فقيل له: إنه حَدِيث السنّ ولا نراه يَضْبط عملَك فأخذ العهدَ منه وقال: ما أُراك تَضبِط عملَك لحداثتك فقال الفَتى:
وليس يَزيـــــد المرءَ جهلاً ولا عَمىً
إذا كــــان ذا عَقْل حداثــــــةُ سِنَهِ
فقال عمرُ: صدق ورَدَّ عليه عهدَه.
محمود سامي البارودي:
فــــــإن كنتَ ذا لــــبٍّ فلا تقربنَّه
فَغَيـــرُ بعيـــدٍ أَنْ يَصِيبــَكَ حَـــدُّهُ
وقد كنتُ أولى بالنَّصيحة ِ لو صغــا
فؤادي، ولكن خالفَ الحـزمَ قصدهُ
إذا لــم يكـــنْ للمرءِ عقلٌ يقـــودهُ
فَيُوشـــِكُ أَنْ يَلْقَى حُسَامــــاً يَقُدُّهُ
لعمرى لقدْ ولَّى الشبابُ، وحـلَّ بي
منَ الشيبِ خطبٌ لا يطاقُ مـــردُّهُ
ساحة النقاش