من أسماء الله الحسنى
أحمد محمد - «القريب» من أسماء الله الحسنى ومعناه أنه هو الذي تأنس النفوس إليه، وتهش له القلوب.
وقد ورد الاسم في القرآن الكريم ثلاث مرات في قوله: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون)، «البقرة: 189»، وقوله: (وإلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب) «هود: 60 و61» وقوله: (قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي إنه سميع قريب) «سبأ: 50».
الدعاء
وقد سأل جماعة النبي صلى الله عليه وسلم أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه فنزل قوله تعالى: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب).
يقول العلماء إن «القريب» من أسماء الله عز وجل ومن معاني هذا الاسم أنه سبحانه قريب من عباده، عليّ فوق عرشه، عليم بالسرائر وما تكنه الضمائر، وهو قريب بالعلم والقدرة من عامة الخلائق أجمعين، وقريب باللطف والنصرة وهذا خاص بالمؤمنين، من تقرب منه شبرا تقرب منه ذراعاً، ومن تقرب منه ذراعاً تقرب منه باعا، وهو أقرب إلى العبد من عنق راحلته، وهو أيضا قريب من عبده بقرب ملائكته الذين يطلعون على سره ويصلون إلى مكنون قلبه.
والاعتقاد الحق أن الله عز وجل قريب من عباده حقيقة كما يليق بجلاله وعظمته، وهو مستو على عرشه، وأنه يتقرب إليهم ويدنو منهم حقيقة.
ومن معاني «القريب» أنه الذي يرى ويسمع ولا يخفى عليه شيء وهو قريب من جميع عباده بعلمه المحيط، وهو القريب من العابدين والداعين والذاكرين يؤنسهم ويحفظهم وينصرهم ويسدد رميهم ويثبت جنانهم ويجيب دعاءهم.
ملاذ أمين
والقرب الإلهي قد شمل كل مخلوق، ووسع كل مربوب فهو سبحانه قريب من عباده، مطلع على أحوالهم، مشاهد لحركاتهم وسكناتهم، لا يخفى عليه شيء من شأن خلقه، سرهم عنده علانية، وغيبهم عنده شهادة.
وأسعد الناس بقرب الله تعالى هم أهل التوبة والاستغفار، والإنابة والافتقار ومن آثار معرفة اسم الله «القريب» الأمن والثقة فالمؤمن يعيش بقرب الله في أنس يقين، وملاذ أمين، وحصن حصين مكين لأنه في معية الله، ومصاحبته فهو سبحانه القريب منهم في كل أحوالهم وهو الصاحب في أسفارهم حال غربتهم ووحشتهم فالله صاحبهم القريب منهم. وقال ابن جرير في التفسير: وإذا سألك يا محمد عبادي عني أين أنا فإنني قريب منهم أسمع دعاءهم وأُجيب دعوة الداعي منهم وإن ربي قريب ممن أخلص له العبادة ورغب إليه في التوبة مجيب له إذا دعاه إن ربي سميع لما أقول لكم قريب من كل متكلم يسمع كل ما ينطق به أقرب إليه من حبل الوريد.
وقال الزجاج إن «القريب» هو الذي ليس ببعيد فالله عز وجل قريب ليس ببعيد وقريب الإجابة محيط بالأشياء كلها لا يعزب عنه منها شيء وكل هذا يراد به إحاطة علمه بكل شيء وكون كل شيء تحت قدرته وسلطانه وحكمه وتصرفه ولا يراد بذلك قرب المكان والحلول في بعضه دون بعض.
إيمان
وقال الخطابي: «القريب»، معناه أنه قريب بعلمه من خلقه قريب ممن يدعوه بالإجابة، وقال ابن القيم: وهو القريب وقربه المختص بالداعي وعابده على الإيمان.
وقال الإمام السعدي هو تعالى القريب من كل أحد وقربه نوعان عام من كل أحد بعلمه وخبرته ومراقبته ومشاهدته وإحاطته وخاص من عابديه وسائليه ومحبيه وهو قرب لا تدرك له حقيقة وإنما تعلم آثاره من لطفه بعبده وعنايته به وتوفيقه وتسديده ومن آثاره الإجابة للداعي.
قال الإمام أحمد عن أبي موسى الأشعري قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة فجعلنا لا نصعد شرفاً ولا نعلو شرفاً ولا نهبط وادياً إلا رفعنا أصواتنا بالتكبير قال: فدنا منا فقال «يا أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً إنما تدعون سميعاً بصيراً إن الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته يا عبدالله بن قيس ألا أعلمك كلمة من كنوز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله»
ساحة النقاش