قلة النوم تمنع تجديد الخلايا

تمر علينا أيام متعبة وليال مؤرقة تجعل الواحد فينا لا يصدق أن تلك الصورة التي يراها في المرآة بعد استيقاظه من النوم هي صورته. إذ يرى وجهه شاحباً وأكياسا سوداء تحت عينيه، ويبدو وكأنه قد خرج لتوه من سباق ماراثون طويل بذل فيه كل جهده واستنزف كل طاقته، والحال أنه قضى الليل كله في خمول وسكون كان يُفترض أن يشعر بعده بنشاط متجدد. فلماذا نبدو أحياناً كذلك بعد الاستيقاظ؟ هل بسبب قلة النوم أم بسبب التعب أم لأسباب أخرى؟ يقول خبراء أميركيون إن السبب الرئيس لعلامات الضمور والشحوب والذبول في الوجه تحديداً ومظهر الجسم بشكل عام هو التوتر المتكرر أو المزمن وقلة النوم.

ينعكس التوتر والقلق والإجهاد على الجمال والصحة، إلى ذلك، يقول الأستاذ المشارك المتخصص في الطب، ورئيس مبادرة «مايند بادي» في عيادات «مايوكلينيك» الدكتور أميت سود إن «التوتر يُسبب تراجعاً في قدرة البشرة على حماية نفسها. وكل ذلك يحدث عند الإصابة بتوتر مزمن. فإذا لم يكن لديك كولاجين صحي في بشرتك، فإنه قد يظهر لديك ما يشبه الأكياس السوداء تحت العينين».

نسبة الميلانين

 

يمكن للتوتر أن يؤدي إلى قلة نسبة الميلانين ويجعل الوجه يبدو شاحباً والجسم منهكاً. فمادة الميلانين تخضب الجلد وتلونه، وتعطي لبشرة كل إنسان ذلك التماسك المتين والتناسق الجميل والإشراقة في المحيا.

 

وحسب سود، مؤلف كتاب «دربْ دماغك، أشركْ قلبك، حولْ حياتك»، فإننا نعيش مع أنفسنا ما يشبه الحروب كلما نتعب أو نتوتر. ويضيف سود «عندما تصاب بتوتر شديد، فإنك تفقد فعاليتك، ويصبح مفعول النوم على جسمك أقل، وتميل إلى الأكل أكثر، وتكتسب وزناً زائداً، وتتأثر علاقاتك مع الآخرين سلباً». ونتيجة هذه الآثار، فإن الوجه يفقد إشراقته وألقه ويصير الوجه منتفخاً وذابلاً لدرجة أن صاحب هذا الوجه نفسه قد يُصعق بما آل عليه محياه.

ويقول اختصاصي التجميل وصاحب أفضل الكتب مبيعاً الدكتور مايكل رويزن إن «الدوائر الداكنة تظهر على سطح الوجه والأكياس السوداء تتدلى تحت العينين حينما يصبح الجسم عاجزاً عن تجديد خلاياه خلال الليل بسبب قلة النوم».

ومع مرور ساعات اليوم، يأخذنا الانشغال بالعمل ويراكم الشخص الماء في جسمه بسبب تأجيل إفراغ مثانته، ما يكون له عواقب وخيمة على الصحة في حال تكرر الأمر كثيراً. فعادة ما تتوزع هذه المياه على أنحاء متفرقة من الجسم، وتتركز على شكل أكياس تحت العينين ودوائر داكنة منتفخة. وإذا لم نحصل على قسط كاف من النوم أو نمنا بشكل خاطئ، على الظهر أو الأطراف، فإن بشرتنا لا تجد فرصة للانتعاش واستعادة تماسكها ونضارتها.

دورة خطيرة

يقول مايكل رويزن من معهد «ويلنيس بعيادات كليفلاند، «عندما ينام الإنسان، يقوم جسمه بتوزيع الماء على كافة أنحاء البدن. فالحرمان من النوم أو قلته يسبب تراكم الماء على شكل أكياس تحت العينين».

ويتفق رويزن مع سود بأن الكثير من التوتر والإجهاد قد يؤدي إلى الأرق أو الشعور بالحرمان من النوم، ما قد يُدخل الجسم في دورة خطيرة. بيد أن التوتر يُسبب للجسم ما هو أفدح وأخطر من ذبول المظهر وشحوب الوجه.

ويقول الدكتور رويزن الذي شارك في تأليف عدد من الكتب مع الدكتور محمد أوز منها «أنت: كيف تكون جميلاً. الدليل الشخصي للجمال الداخلي والخارجي»، «التوتر من أكثر العوامل التي تُعجل بالشيخوخة المبكرة».

ويرى رويزن أيضاً أن التوتر لا يؤدي فقط إلى ظهور التجاعيد على الوجه، بل إلى ظهور هذه التجاعيد أيضاً في الأعضاء الداخلية كالشرايين، ما يمكنه أن يُسبب للجسم مشاكل خطيرة في مرحلة عمرية مبكرة. هذا علماً أن وتيرة الشيخوخة لا تتوقف عند هذا الحد، بل تستشري بسرعة في باقي أعضاء الجسم وتجعل وظائف الجسم أيضاً مسنة، وليس الأعضاء فقط.

وفي هذا الصدد، يقول سود «إذا كنت تُصاب بالتوتر بشكل متكرر أو مزمن، فإن خلاياك تشيخ قبل الأوان بمعدل 10 أو 15 سنة. وهذا يعني أنه إذا كان عمرك 45 سنة، لكنك تعاني من التوتر المزمن، فإن حال خلاياك يكون نفس حال من بلغت أعمارهم 60 سنة دون الإصابة بتوتر مزمن أو متكرر».

ويعتقد رويزن وسود أن تقليل مسببات التوتر من شأنه تحسين صحة الجسم وجعل المظهر دائم الألق، والمحيا دائم الإشراق والنضارة والوهج. وينصح سود قائلاً «التوتر والفرح هما وجهان لعملة واحدة. فعشْ حياتك ببهجة وانشراح، وحاول إيجاد معنى إيجابي لكل تجربة تعيشها، وكل ما يحيط بك في هذه الدنيا. وستجد أنك طردت التوتر إلى غير رجعة، وقدمت لجسمك خدمة جليلة بجعله دائم النضارة والحيوية».

هشام أحناش

عن موقع «nbcnews.com»

تعريفات واصطلاحات

◆ الميلانين: هي مادة صبغية بروتينية تفرز من قبل خلايا يُصطلح عليها الخلايا الطلائية، وتكون بالأساس في جلد الإنسان وبصيلات الشعر. وهناك نوعان من الميلانين هما النوع الأسود (eumelanin) والنوع الأحمر (pheomelanin). وهذه المادة هي المسؤولة الرئيسة عن تشكيل لون البشرة. فعند زيادة إفراز الميلاني، تميل البشرة إلى الاسمرار، وعند قلته يميل لون البشرة إلى الابيضاض، وعند انعدامه يُصبح الشخص أبيض تمامًا. وتعتبر هذه المادة من أكبر المواد الواقية من حرارة الشمس. ما يفسر اسمرار بشرة أي شخص يتعرض كثيراً للشمس. فكلما كان لون الجلد أفتح، كانت قدرته على الحماية والمقاومة أقل وكان أكثر عرضة للإصابة بمرض السرطان، وأشد تأثراً بالحروق. وتُعد الميلانين مسؤولة أيضاً عن ظهور الشامات في الوجه أو الجسم.

◆ الكولاجين: هو بروتين رئيس موجود في الأنسجة الضامة في العضلات والجلد والأربطة والغضاريف والعظام والأنسجة. ويشكل نسبة كبيرة تصل إلى 25% من مجمل البروتينات في الثدييات وبعض الأحياء الأخرى. ولبروتينات الكولاجين تركيب ليفي طويل. وتختلف وظيفتها عن البروتينات الكروية والإنزيمات الأخرى، وتشكل الحزم المتينة لبروتينات الكولاجين مع بعض ما يعرف بـ»ألياف الكولاجين». ومن خصائص الكولاجين أنه يعد بروتيناً غير قابل للتمدد، لذلك يضفي صلابة على العظام والأسنان، والذي يشكل أيضاً المكون العضوي الأساسي من مكوناتها.

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 85 مشاهدة
نشرت فى 22 ديسمبر 2012 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,276,549