الدراسة استهدفت الأطفال من عمر 5 إلى 18 عاماً
الأطفال الذين لديهم جهاز تلفزيون في غرفتهم معرضون للإصابة بالبدانة أكثر من أقرانهم بنسبة ضعفين أو ثلاثة أضعاف، وهم معرضون أيضاً لمخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكري عندما يكبرون أكثر من أقرانهم ممن لا توجد أجهزة تلفزيون في غرفهم. هذا ما أظهرته دراسة جديدة نُشرت نتائجها في العدد الأخير من المجلة الأميركية للطب الوقائي حول آثار وجود جهاز التلفاز في غرفة الطفل.
علاقة مؤكدة
شملت هذه الدراسة الأطفال المتراوحة أعمارهم بين 5 و18 سنة ممن لديهم أجهزة تلفاز داخل غرفهم. ولاحظ الباحثون أن قياسات طول الخصر والكتلة الجسمية في صفوفهم تفوق قياسات أقرانهم ممن ليس لديهم أجهزة تلفزيون في غرفهم بمعدل 2,5 مرة. كما وجدوا أن أولئك الذين يشاهدون البرامج التلفزيونية أكثر من خمس ساعات في اليوم معرضون للإصابة بالسمنة أكثر من أقرانهم الذين يشاهدون التلفزيون ساعات أقل، وذلك بمعدل الضعف. وأشار الباحثون إلى أن خطورة السمنة لا تكمن في بشاعة المظهر وعدم لياقة القوام، بل في سمنة الأعضاء الداخلية والتي تؤدي في الغالب إلى الإصابة بمشاكل صحية خطيرة.
وتقول الدكتورة أماندا ستايانو، وهي عالمة تعمل في مركز بينينجتون للطب الحيوي في مدينة باتون روج بولاية لويزيانا، إنه «من المقلق فعلاً أن نرى تراكم الدهون والشحوم على قلوب وأكباد أطفالنا». وعلمت ستايانو وزملاؤها الباحثون من دراسات سابقة أن هناك علاقة سببية بين وجود جهاز التلفاز في غرفة النوم ومشاهدة شاشة التلفاز ساعات طويلة، والإصابة بزيادة الوزن أو السمنة، والتي تطال ثُلُثي الشباب الأميركيين. ووفق دراسة أُجريت سنة 2010، فإن 70% من الأطفال الأميركيين لديهم أجهزة تلفزيون في غرفهم. وقد سعت ستايانو وزملاؤها لمعرفة أكثر الأماكن التي يُصاب فيها الأطفال بالسمنة بالتحديد، وإلى أي حد تعرضهم هذه الأماكن إلى مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكري.
وتشرح ستايانو «أردنا أن نُشَرح بدقة أكثر نوع العلاقة الموجودة بين مشاهدة التلفزيون والصحة العامة». وقد قامت ستايانو بدراسة 369 طفلاً ويافعاً في لويزيانا. وخلال الدراسة، قامت ستايانو بقياس طول كل طفل ووزنه وطول خصره وضغط دمه، بالإضافة إلى تحليل عينات دم كل مشارك وفحص الترسبات الدهنية في جسمه، وذلك باستخدام ماسحات خاصة.
ووجدت ستايانو أن 66% من المشاركين في الدراسة من الأطفال واليافعين لديهم أجهزة تلفاز في غرفهم، ونحو 30% منهم يُشاهدون التلفزيون ما لا يقل عن خمس ساعات يومياً. ووجدت أيضاً أن عامل السن لا علاقة له بوجود التلفاز من عدمه، إذ تبين لها أن غالبية المشاركين كانت لديهم أجهزة تلفاز في غرفهم ابتداءً من عمر 5 سنوات لغاية 18 سنة.
مثير للنقاش
سجلت الدراسة أن أولئك الذين لديهم أجهزة تلفاز في غرفهم هم أكثر من يعانون من التكرش وطول محيط الخصر، وترتفع لديهم مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكري، وتوجد لديهم نسب عالية من الدهون الثلاثية (الجليسريد الثلاثي) وتتراكم لديهم الدهون في مجرى الدم.
وبالرغم من أن دراسة ستايانو لم تتمكن من تحديد ما إذا كان تلفزيون غرفة النوم وطول ساعات مشاهدته يُسببان سمنة إضافية ويزيدان خطر الإصابة بالسكري، فإنها جددت إثارة النقاش حول ما إذا كان من الحكمة للآباء السماح بوجود جهاز التلفاز داخل غرفة النوم.
وتُعبر الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال عن رفضها التام لعادة وضع جهاز التلفزيون داخل غرفة الطفل. وهي ترى أن ساعات مشاهدة التلفاز يجب أن تُقيد بما يقل عن ساعتين في اليوم، وأن يتم ذلك في مكان مركزي في البيت وبحضور الآباء.
ويقول الدكتور دونالد شيفرين، طبيب أطفال وعضو سابق بالأكاديمية وبمجلس الاتصال والإعلام «ليس هناك أي مكسب يمكن تحقيقه من وراء وضع جهاز التلفاز داخل غرفة نوم الطفل». ويرى شيفرين أن الدراسة الجديدة تُثير السجال مجدداً حول المخاطر المحتملة لإفراط الأطفال في استهلاك المنتجات التلفزيونية.
وعلى الرغم من أن الأكاديمية لا تفضل أن تلعب دور جليسة أطفال الأم الأميركية وواعظتها، يقول شيفرين، فإن على الآباء أن يُدركوا أن عدم تقييدهم ساعات مشاهدة شاشات التلفاز والأجهزة الأخرى مثل الإنترنت وألعاب الفيديو وغيرها لا يعد سلوكاً تربوياً حميداً بالمرة، بل إنه يؤدي إلى نشوء جيل عليل وسقيم في صحته البدنية والنفسية.
ويرى بعض الآباء أنه من حق أبنائهم مشاهدة التلفاز ومن حقهم أن يكون لهم جهاز تلفاز في غرفتهم الخاصة، ما دام ذلك يتم بشكل مسؤول وتحت رقابتهم وتوجيههم. وحجتهم في ذلك أن الاعتدال مطلوب في كل شيء، بما فيه مشاهدة التلفاز، وأن الحرمان يأتي بنتائج عكسية. ويقول شيفرين «التلفاز يصيب أحاسيسنا بالتبلد ويؤثر في أمزجتنا وعقولنا نحن الراشدين ذوي الوعي والإدراك والتأمين، فما بالك بالأطفال الذين يعيشون مرحلة اكتشاف العالم وصياغة مفاهيمهم وتصوراتهم حول الحياة!». ويضيف «وجود التلفزيون في غرفة الطفل مضر حتماً».
ساحة النقاش