فيلم كوداك 24 صورة ، تحميضه بـ18 جنيه ، هناك جانب "ملسوع" في الجانب الأيمن من كل الصور ، في الأغلب من عامل التحميض ، وليس من حجم الإضاءة التي دخلت من العدسة ، ثلاثة أشقاء بنفس الصورة ، إلى جانب بعض الأصدقاء بالجلباب ، أحدهم بقميص الإسماعيلي ماركة أحمد العجوز في منتصف التسعينات ، في أقصى الصورة يجلس على ركبتيه مراهق مبتسم ، مدركا أن الوقفة التي تحاكي صور فرق الكرة قبل خوض مبارياتهم ليست ناجحة بالشكل الكافي ، ولكنه يبدو سعيداً بأنها قريبة من نفس جودة صور مجلة الأهرام الرياضي منذ عددها الأول بصورة جمال عبد الحميد ، قائد المنتخب المصري في كأس العالم 1990.
صورة من بعيد غير واضحة تليق بجودة طباعة صحيفة الكورة والملاعب ، من الشهور الأولى للألفية الجديدة ، يحاول الهروب بالكرة بقميص الترسانة الداكن من بين خمسة مدافعين ، العنوان يقول بأن "أبو تريكة يغزو دوري القسم الثاني" ، صورة بالحجم الطبيعي بجانب مركز تجاري لبيع مستلزمات أجهزة الكومبيوتر ، نفس الوجه المبتسم من منتصف التسعينات يعانق صاحب المركز التجاري كعلامة للرضا والجودة ، صورة بالحجم فوق الطبيعي تغطي حائط مبني سكني في غزة ، وهو يغطس للحصول على ركلة جزاء ، بقميصه للتضامن مع الشعب الفلسطيني ، في غرفة خلع ملابس ضيقه يحاول تفهم لماذا يلفظ مشجعون لفريقه أنفاسهم الأخيرة أمامه في بورسعيد ، في صوان عزاء مع أسر ضحايا الألتراس ، في سرادق عزاء أطفال أسيوط.
15 سنة في منتصفها بالتمام والكمال ، تلك الركلة الحرة امام أوكلاند النيوزلندي في نسخة 2006 ، لا أحد يدري ما إذا كان محمد أبوتريكة مايزال يعتقد أنه لاعب كرة قدم فقط ، في بداية العام كان "الخطيب" المتنكر لبطل أمم أفريقيا ، وفي ختامه أضحى البطل الشعبي الأبرز لسنوات ما قبل 25 يناير : من يريد الجدال عليه الرجوع للدقيقة 92 من إياب نهائي الصفاقسي ، البطل الشعبي كان يدرك أن حلم كأس العالم الذي طارده أصبح متجسداً في تلك اللحظة الصغيرة في تلك الركلة الحرة ، كل ما عليه هو أن يقوم بمرجحة جسمه ، الارتكاز على اليسرى ، وضع اليمنى كعصا هوكي تعلم مسار اللعبة على نحو هندسي ، النتيجة هي هدف التعزيز وتأكيد الصعود للدور نصف النهائي ، كأول فريق يفعلها في التاريخ.
أبو تريكة هو ذلك الوجه المعتاد الرسمي لمراقبي الكرة في العالم ، في نفس المكان والميعاد ، ديسمبر كل عام ، نهائي دوري أبطال أفريقيا ، ثم كأس العالم للأندية ، وجه كرة القدم الأفريقية المحلية ، "القديس" أو "الغطاس" أو "المبروك" أو "الإخوانجي" ، فلاح ناهيا الذي عرف المر في القسم الثاني برفقة فريق ترساناوي متهالك ، ابن مانويل جوزيه البار ، صاحب المصير المعلق بين البقاء والسفر ، بين مساندة الألتراس وبين ميوله السياسية التاريخية.
مفارقة حقيقية أن تكون بطولة نسخة 2006 هي بطولة أبو تريكة ، بدلاً من أن تكون مسرحاً لرونالدينيو أو ديكو أو باتو ، الدقائق التسعون التالية التي قدمها أمام أميركا على المركز الثالث ، كانت دليلاً على أفضل ما يمكن أن تفعله بطولات كأس العالم للأندية ، وهو أن تعطي بعض الضوء لفتية غلاف محليين بقمصان لا تباع خارج بلاد منشأها ، تلك الركلة الحرة على الطريقة البلاتينية في الشوط الأول ، تلك اللمسات النادرة في كرة قدم بطيئة مثل الكرة المصرية ، الهدف الثاني البليغ في استخدام المساحات والانتقال بدون كرة بتفاهم مع فلافيو ، ليضحى تمهيداً لمجموعة الأسماء التي "بروزتها" البطولة بعد ذلك ، من دامين مانسو ، إلى واشنطن ، دينيلسون ، كيديابا وكاليوتوكا.
ربما سيكون مبتسماً في الصورة التقليدية للفريق يوم 9 ديسمبر 2012 ، مدركاً أنها ربما تكون الصورة الأخيرة له على الإطلاق بأي كأس عالم آخر للأندية ، الخلفية الخضراء ما بين حقول ناهيا وملاعب طوكيو ، إلا أن مشجع الأهلي المراهق أصبح يشعر بثقل مهمته الحالية كقديس كروي لبلد بأكمله متقلب المزاج.
المصدر: ياهو مكتوب
نشرت فى 10 ديسمبر 2012
بواسطة alsanmeen
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
1,276,934
ساحة النقاش