أحمد مراد -الإمام أبوالمعالي الجويني، الملقب بـ “إمام الحرمين”، فقيه شافعي، وأحد أبرز علماء السنة في عصره، وواحد من الذين أفنوا حياتهم في الدفاع عن الإسلام الحنيف وقرآنه الكريم وسنة نبيه فاستحق أن يكون من أوائل المجددين لشباب الإسلام، حيث يقول الدكتور عبدالحكم الصعيدي الاستاذ بجامعة الأزهر: هو أبو المعالي عبدالملك بن عبدالله بن يوسف بن محمد بن عبدالله بن حيوه الجويني، ولد في 18 محرم 419هـ الموافق 12 فبراير 1028م في بيت عرف بالعلم والتدين، فأبوه كان واحدا من العلماء والفقهاء المعروفين.
البحث والاجتهاد
وأضاف: له مؤلفات كثيرة في التفسير والفقه والعقائد والعبادات، وقد حرص على تنشئة ابنه عبد الملك تنشئة إسلامية صحيحة فعلمه بنفسه العربية وعلومها، واجتهد في تعليمه الفقه والأصول، واستطاع الجويني أن يحفظ القرآن الكريم في سن مبكرة.
وكان الجويني يميل إلى البحث والنقد، فلا يقبل ما يرفضه عقله، ويرفض ما بدا له فيه أدنى شبهة أو ريبة، وظل الجويني ينهل من العلم والمعرفة في شغف ودأب شديدين حتى صار من أئمة عصره المعروفين وهو لم يتجاوز العشرين من عمره، فلما توفي أبوه جلس مكانه للتدريس وهو في تلك السن المبكرة، فكان يدرس المذهب الشافعي، ولكن ذلك لم يمنعه من الاستمرار في البحث ومواصلة التحصيل والاطلاع؛ فكان تلميذا وأستاذا في آن واحد.
ومع أن والده كان هو المعلم الأول في حياته، فإن ذلك لم يمنعه من التلقي على مشاهير علماء عصره، فأخذ علوم الفقه عن أبي القاسم الإسفراييني، كما تلقى علوم القرآن الكريم على يد أبي عبد الله محمد بن علي النيسابوري الجنازي الذي عرف بشيخ القراء.
سيرة حياة
وعن سيرة حياة الجويني، أشار الدكتور عبد الحكيم الصعيدي إلى أنه صيته انتشر حتى بلغ العراق والشام والحجاز ومصر، لكنه تعرض لبعض العنت والتضييق، فتوجه إلى بغداد فأقام فيها فترة وتوافد عليه الطلاب والدارسون، وما لبث أن رحل إلى الحجاز فأقام بمكة وظل بها أربع سنوات يدرس ويفتي ويناظر ويؤم المصلين بالمسجد الحرام حتى لقبه الناس بـ”إمام الحرمين” لعلمه واجتهاده وإمامته، وكان يقضي يومه بين العلم والتدريس ويقيم ليله طائفا متعبدا في الكعبة .
التدريس
وعاد الجويني مرة أخرى إلى التدريس في المدرسة النظامية التي أنشأها له الوزير نظام الملك لتدريس المذهب السني، وظل يدرس بالمدرسة النظامية، فذاع صيته بين العلماء، وقصده الطلاب والدارسون من البلاد الأخرى، وكانت هذه الفترة من أخصب الفترات في حياة الإمام، وفيها بلغ أوج نضجه العلمي، وألف الكثير من مؤلفاته، ومن أبرزها الإرشاد في الكلام، والإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد، والبرهان في أصول الفقه، والرسالة النظامية، والشامل في أصول الدين، والورقات في أصول الفقه.
علم الجويني
وقال الدكتور عبد الحكيم الصعيدي: قد تلقى عددا كبيرا من كبار أئمة وعلماء الإسلام العلم على أيدي الإمام الجويني ومنهم أبو حامد الغزالي وأبو القاسم الأنصاري وأبو الحسن علي الطبري والخوافي وعمر النوقاني، وقد قال عنه الشيخ أبو إسحق الشيرازي: تمتعوا بهذا الإمام فإنه نزهة هذا المكان “يعني إمام الحرمين”،
وقال له مرة: يا مفيد أهل المشرق والمغرب، لقد استفاد من علمك الأولون والآخرون، وقال عبدالغافر الفارسي فيه: إمام الحرمين فخر الإسلام إمام الأئمة على الإطلاق، حبر الشريعة، المجمع على إمامته شرقا وغربا.
وقال الحافظ أبومحمد الجرجاني: هو إمام عصره، ونسيج وحده، ونادرة دهره، قليل المثل في حفظه وشأنه ولسانه. وقال الشيخ أبو عثمان إسمعيل بن عبدالرحمن الصابوني: صرف الله المكاره عن هذا الإمام، فهو اليوم قرة عين الإسلام.
وفي آخر سنوات عمره أصيب الجويني بعلة واشتد عليه المرض فمات في 25 ربيع الآخر 478هـ الموافق 20 أغسطس 1085 عن عمريناهز59 عاما.
ساحة النقاش