مرضى يستفيدون من حصة تاي تشي

التاي تشي رياضة صينية قديمة مشابهة لملاكمة الظل، تنامت شعبيتها في القرن الماضي وأصبحت تُمارَس حالياً في أنحاء مختلفة من دول العالم. وهي سلسلة من الحركات البطيئة الرشيقة التي تحاكي ما يقوم به كل شخص في حياته اليومية بهدف تدريب جسده على الاستجابة السريعة والاسترخاء. وقد كشف علماء من عيادات «مايوكلينيك» الأميركية مؤخراً أنها تُقلل مستويات التوتر والقلق، وأنها تزيد مرونة العضلات وقدرة الإنسان على الحفاظ على توازن جسمه حتى في مرحلة الشيخوخة.

إذا كنت تبحث عن طريقة مثلى لمحاربة التوتر والقلق وضغوط العمل والحياة، فما عليك سوى تعلم ممارسة رياضة التاي تشي. وبالرغم من أنها صُممت في البداية كفن من فنون الدفاع عن النفس، فإنها تطورت لتُصبح رياضة شائعة لدى عدد من المصابين بالأمراض العصبية، وخصوصاً منهم، مرضى التوتر والقلق وارتفاع الضغط. وقد أضافها بعض أطباء العلاج التكميلي إلى قائمة العلاجات البديلة باعتبارها نوعاً من التأمل الحركي الذي يُحسن الدورة الدموية بحركات خفيفة متناسقة.

وتتوزع رياضة التاي تشي إلى أنواع مختلفة يتميز كل واحد منها بأسلوب خاص ومنهجية فريدة، ومبادئ معينة من تلك التي قامت عليها هذه الرياضة الصينية القديمة. فبعضها يُركز على الحفاظ على الصحة، بينما تركز أخرى على فنون القتال والدفاع عن النفس.

 

الممارسون المناسبون

 

يُصنف الخبراء «التاي تشي» ضمن الرياضات ذات التأثير المنخفض لكونها تُقلل الضغط على العضلات والمفاصل، وتجعلها تتمتع بمقاومة أكبر ولياقة أفضل في جميع المراحل العمرية. ولذلك، فإنها تناسب أشخاصاً من مختلف الفئات العمرية، بمن فيهم المتقدمون في العمر، وقليلو الحركة، أو الذين تميل أنماط حياتهم إلى السكون، أو أولئك الذين لا يمارسون أية رياضة.

ومن ميزات هذه الرياضة أنها غير مكلفة من حيث الجهد والمال. كما أنها لا تتطلب أية معدات أو ظروف مكانية معينة، بل يمكن ممارستها في أي مكان، بما فيها البيت والفضاءات المغلقة، ويخرج ممارسها دوماً غانماً، سواءً زاولها بشكل فردي أو مع جماعة.

وعلى الرغم من أن التاي تشي رياضة آمنة، فإنه يُحظَر على بعض الأشخاص، لا سيما الحوامل أو الناس الذين يعانون مشاكل في المفاصل، أو آلام الظهر، أو الكسور، أو تخلخل العظام أو الفتق، فهؤلاء مطالبون جميعهم باستشارة الطبيب قبل الإقدام على ممارستها. غير أن الأطباء يجيزون للمصابين بهذه الأمراض ممارسة التاي تشي، عندما تكون لياقتهم الصحية تسمح بذلك، مع حرصهم على حصر الحركات التي يكثرون منها، وتلك التي يقللون منها.

ويقول خبراء عيادات «مايوكلينيك» إن الشخص الذي يتعلم كيفية ممارسة رياضة التاي تشي على أصولها وقواعدها، ثم يزاولها بانتظام يُسهم في تحسين مزاجه وصحته النفسية والبدنية. ويُجمع هؤلاء الخبراء على أن للتاي تشي فوائد عديدة، أبرزها تقليل مستويات التوتر والقلق، وزيادة قدرة التحمل، وتطويل النَفَس، وتعزيز الطاقة والبدنية الجسمانيتين، وزيادة المرونة والقوة العضلية والقدرة على الحفاظ على توازن الجسم، والرشاقة. وتُشير بعض الدراسات إلى أن التاي تشي تُسهم أيضاً في تحسين جودة النوم، وتعزيز النظام المناعي، وتخفيض مستوى الكولستيرول في الدم، ومستوى ضغط الدم، وتقليل الشعور بآلام المفاصل، وتخفيف أعراض قصور القلب واضطراباته المفاجئة. هذا بالإضافة إلى تحسين شعور المسنين بالرضى وتقليل مخاطر سقوطهم، نظراً لأنهم يكتسبون بفضل ممارستها قدرة أكبر على حفظ توازن أجسامهم.

خيارات المبتدئين

تتوافر إرشادات وتداريب ممارسة التاي تشي على كتيبات ورقية وشرائط بصرية ووسائط متعددة، غير أن الخبراء يوصون بالاعتماد أكثر على مدرب محترف لإتقان مزاولتها والإلمام بكافة تفاصيلها وفوائدها. ولم يعد ذلك صعباً، فقد أصبح كثير من النوادي ومراكز اللياقة والصالات الرياضية تُضيف حصة التاي تشي إلى قائمة نشاطاتها الرياضية الموجهة للعموم. ولا يُفترض من مدربي التاي تشي أن يكونوا مرخصين معتمدين، أو تخرجوا من مراكز تدريب معيارية عالمية، بل يكفي أن تكون لديهم خبرة كافية في التدريب في أحد النوادي، أو مراكز الطب التكميلي التي تستخدمها كعلاج بديل.

ويمكن لكل مدرب تاي تشي أن يُلقن المتدربين مهارات معينة ووضعيات مختلفة حول كيفية تنظيم عملية التنفس. كما يمكنه تعليمهم أكثر الطرق أماناً في مزاولة هذه الرياضة، وكيفية تفادي الإصابة بجروح أو أمراض مزمنة، أو مشاكل في توازن الجسم أو اضطراب في إحدى وظائفه. وعلى الرغم من أن التاي تشي رياضة بطيئة وناعمة ومعدومة الآثار الجانبية افتراضياً، فإنه يبقى وارداً أن يُصاب ممارسها بجروح في أثناء ممارستها، خاصةً إن تعلم حركاتها على يد شخص غير خبير أو تنقصه الكفاءة. وينصح الخبراء بالاعتماد على مدرب محنك لفترة قصيرة فقط، وفك الارتباط به بمجرد الوصول إلى مرحلة إتقان كافة الحركات. ويظل خيار ممارسة التاي تشي بشكل فردي أو مع جماعة منوطاً بالمتدرب، إذ يمكنه ممارستها بشكل فردي إنْ كان يستمتع بذلك، كما يمكنه مزاولتها مع مجموعة إذا كان اجتماعياً بطبعه ويُفضل الرفقة.

من جهة أخرى، يشير خبراء «مايوكلينيك» إلى أن مزاولة التاي تشي لمدة 12 أسبوعاً متواصلة تُحقق الفوائد الصحية المرجوة، لكنهم ينصحون بالاستمرار في ممارستها بانتظام لجني منافع مستدامة، خاصة مع التقدم في العمر، مُذكرين أنها من الرياضات القليلة التي يمكنها ملازمة الإنسان طوال حياته. وهم يوصون بمزاولتها في المكان نفسه، والوقت عينه كل يوم. وفي حال لم يكن الشخص قادراً على الالتزام بذلك وكان برنامجه اليومي غير ثابت، فبإمكانه ممارستها كلما سنحت له الفرصة في أي وقت من اليوم، ولو لبضع دقائق كل مرة. ويمكن للممارس أن يستعين ببعض تمارين الاسترخاء وتخليص الدماغ من الشحنات السالبة التي تتراكم فيه بسبب الضغوط .

هشام أحناش

المصدر: «mayoclinic.com»
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 132 مشاهدة

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,307,500