الجديري المائي في بداية ظهوره

أثار إعلان هيئة الصحة في أبوظبي ومجلس أبوظبي للتعليم أمس الأول إضافة لقاح “الجديري المائي” إلى جدول تحصينات طلبة وطالبات الصف الأول في كافة المدارس للعام الدراسي 2012 - 2013 ارتياحاً وردود فعل إيجابية بين الأوساط الطبية والإدارات المدرسية وأولياء الأمور، وهو اللقاح الذي أضيف مع طعم السعال الديكي والدفتريا لجدول تحصين الأطفال به عام 2010، في الوقت الذي بلغت فيه حالات الجديري المائي المبلغ عنها حوالي 11748 حالة خلال عام 2011 ومعظم الحالات كانت بين الأطفال في سن المدرسة. كما سيتم إعطاء الطالبات في الصف الحادي عشر لقاحا ضد فيروس الورم الحلمي “سرطان عنق الرحم”، حيث بلغت نسبة الطالبات المطعمات خلال العام الماضي في إمارة أبوظبي، حوالي 98 % من طالبات المدارس الحكومية، و52 % من طالبات المدارس الخاصة.

خورشيد حرفوش ـ ما من شك أن إدراج مثل هذه الأمراض على جدول تحصينات الطلبة والطالبات يشير إلى خطورة مثل هذه الأمراض، وأهمية اتخاذ التدابير الوقائية الاحترازية للحد من انتشار هذه الأمراض التي لها خاصية الانتشار الوبائي السريع نتيجة العدوى الفيروسية.

وتأتي أهمية التطعيم ضد الجدري المائي، كنوع من وباء الجدري الذي يطلق عليه “ملاك الموت” فهو وباء ليس له علاج، ويتسبب في وفاة 20% من ضحاياه، ويسبب التشوهات المستديمة، والعمى. إلى أن شنت منظمة الصحة العالمية حملة للقضاء عليه بالفعل، وظهرت آخر إصابة به في الصومال سنة 1980.

 

ما هي حقيقة هذا المرض؟ وأسبابه؟ وكيف ينتقل؟ ولماذا اكتسب صفة الوبائية؟ وما هي أعراضه ومخاطره المحتملة إن أهمل علاجه؟

 

خطورة الوباء

الدكتورة افتتاح فضل علي، أخصائية النساء والولادة بالعيادة الصحية بالشهامة، توضح حقيقة الجديري المائي، وتقول: “الجدري بشكل عام مرض وبائي خطير، إلا أنه أول مرض ينتصر عليه البشر، بعد أن فتك وشوه وسبب العمى لملايين البشر في مناطق مختلفة من العالم. وليس لها علاج فعال موجود بالأصل في جدري الأبقار، وتنتقل من المصابين إلى الأصحاء، وتظهر في هيئة طفح يشبه البثور على جلد المريض، ثم تتكون قشرة على البثور، وتترك ندوبا غائرة في مكانها”.

وتكمل الدكتورة فضل: “أما الجديري المائي فهو من الأمراض الفيروسية المعدية المنتشرة بين الأطفال خاصة قبل سن 12 عاما، وتسمى varicella-zoster virus، ويتميز بالطفح الجلدي الذي يشبه البثور، وينتشر في كل أجزاء الجسم مع وجود حكة جلدية شديدة. وفترة حضانة المرض هي الفترة ما بين الإصابة بالفيروس وظهور أعراضه، وتتراوح بين 2 و 3 أسابيع. وللوقاية منه ينصح بإعطاء الأطفال لقاحا ضد الفيروس المتسبب في الجديري المائي.

وتظهر العدوى في البداية في شكل حبيبات حمراء صغيرة متعددة تشبه لدغة الحشرات في منطقة البطن أو الظهر والوجه، ثم تنتشر إلى باقي أجزاء الجسم بما في ذلك فروة الرأس، الفم، الأنف، الأذن، والأعضاء التناسلية، ثم تتحول إلى بثور “حويصلات” صغيرة لها جدار رقيق وتحتوي على سائل شفاف، بعد ذلك ينفجر جدار الحويصلات ويظهر مكانها قرح صغيرة تكون بعد ذلك قشورا جافة داكنة اللون.

وقد تنتقل تلك البثور في الفم والحلق، مما يسبب ألما شديدا للطفل أثناء تناول الطعام والشراب، وعادة ما ترتفع درجة حرارة الطفل قبل ظهور الطفح الجلدي بيوم أو اثنين. وقد تظهر على الطفل أعراض أخرى مثل ألم بالبطن، وألم بالحلق، وصداع، وشعور بالتعب والإرهاق. وبالرغم من أن الجديري المائي مرض ليس خطيرا إلا أنه يمكن أن يتسبب في مضاعفات خطيرة خاصة في الأطفال الرضع في حالة ضعف المناعة بسبب حدوث التهاب بكتيري بالجلد والرئة والمفاصل، لكنها حالات نادرة وقليلا ما تحدث.

ونظرا لأن المرض شديد العدوى، فيجب عزل الطفل المصاب بالمنزل حتى تختفي الأعراض كي لا يتسبب في إصابة الآخرين. وعادة ما تختفي الأعراض تلقائيا دون الحاجة إلى علاج سوى مخفضات الحرارة والملطفات الجلدية. وبعد العلاج وانتهاء المرض قد يظل الفيروس كامنا في العقد العصبية لعدة سنوات ويظهر في صورة حويصلات جلدية في جزء معين من الجسم مع ألم شديد، وقد وجد أن 20% من الذين أصيبوا بالجديري المائي تحدث لهم الإصابة بعد سنوات بالهربس العصبي”.

الحمل والجدري

وتبين الدكتورة فضل جانباً آخر من جوانب الإصابة بالمرض، وتقول: “إذا كانت السيدة قد أصيبت بالجديري المائي قبل حدوث الحمل فإن الطفل يكتسب مناعة ضد الإصابة بالجديري المائي في الشهور الأولى من عمره، لأن مناعة الأم تنتقل إلى الطفل من خلال المشيمة أثناء الحمل، ومن خلال الرضاعة الطبيعية. وإذا حدثت إصابة السيدة الحامل بالجديري المائي في الـ 20 أسبوعا الأولى للحمل فإنه يكون هناك خطورة على الجنين من حيث احتمالية حدوث عيوب خلقية أو قد يولد ناقصاً للوزن. أما إذا حدثت إصابة السيدة الحامل بالجديري المائي قبل الولادة بأسبوع فإن الطفل المولود يكون عرضة للإصابة ببعض المشاكل الصحية الخطيرة”.

وتؤكد الدكتورة فضل على أمر مهم للغاية، حيث يمنع تماما إعطاء الطفل المستحضرات التي تحتوي على مركبات الأسبرين لعلاج ارتفاع الحرارة، وذلك لأنها تعرض الطفل لحدوث مرض خطير يسمى متلازمة راي Reye syndrome التي يمكن أن تؤدي إلى حدوث فشل كبدي ومضاعفات خطيرة للطفل. ولأن الجديري المائي مرض فيروسي وليس بكتيري، فإنه لا يتم استخدام المضادات الحيوية في العلاج إلا في حالة حدوث التهاب بكتيري مكان الطفح الجلدي. ولتقليل الحكة الجلدية الشديدة ينصح بالاستحمام بالماء الفاتر أو استخدام الكمادات الباردة كل 3-4 ساعات في الأيام الأولى للطفح الجلدي، وليس صحيحا ما يعتقد البعض أن الاستحمام يزيد من انتشار الجديري المائي بالجسم، لكن يجب تجفيف جسم الطفل برفق عن طريق الضغط البسيط برفق وليس عن طريق الفرك، مع الاهتمام بتقليم أظافر الطفل جيدا وتنظيفها باستمرار حتى لا تتسبب في التهاب بكتيري للجلد عند حك الطفل له. وأفضل سبل الوقاية تعاطي اللقاح.الجرعة الأولى في سن 12-15 شهرا. والجرعة الثانية في سن 4-6 سنوات. وإذا لم يأخذ الطفل اللقاح في هذا السن فإنه يمكن أن يأخذه في سن 7-12 سنة. ويكون في صورة جرعتان منفصلتان بين الجرعة والتي تليها على الأقل 3 أشهر. والأطفال الأكبر من 13 عاما الذين لم يأخذوا اللقاح من قبل يمكن إعطاؤهم جرعتين تفصل بينهما على الأقل 4 أسابيع.

المصدر: الاتحاد

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,305,558