قام أعرابي بين يدي داود بن المهلب وقال: إني قد مدحتك يا أمير المؤمنين فاستمع، فقال له داود: على رِسلك ثم دخل بيته، فتقلّد سيفه وخرج وقال له: قل الآن فإن أحسنت جازيناك، وإن أسأت قتلناك، فأنشد الأعرابي:

من الحدث المخشي والبؤس والفقرِ

وأصبحــــت لا أخشــى بداود كبــوة

من الدهر لمــا أن شـــددت به أزريِ

له حكـــــــم داود وصـــورة يوســف

ومــلك ســليمان وعــدل أبي بكــرِ

فقال له داود: قد كافأناك، فإن شئت على قدرنا وإن شئت على قدرك؟ قال الأعرابي: بل على قدري يا أمير المؤمنين، فأمر له بخمس، فأنكر عليه ذلك أحد الحاضرين وقال له: يا أعرابي أتحتكم على قدر نفسك ولا تحتكم على قدر الأمير وفيه كسب لك؟ قال الأعرابي: نعم أحتكم على قدري لأنه ليس في مال الأمير ما يفي بقدره.

◆ تعارف العرب على مثنيات: الدمان: الكبد والطحال،الرافدان: دجلة والفرات، الزهراوان: سورتا البقرة وآل عمران، الشيخان: أبوبكر وعمر، الصحيحان: صحيح البخاري وصحيح مسلم، الضُرّتان: حجرا الرحى، الطرفان: اللسان والفرج، العشاءان: المغرب والعتمة، العصران: الصبح والمساء وهما الكرّتان، الغاران: البطن والفرج، الكريمان: الحج والجهاد، المهلكان: الحرب والسيل، النحسان: كوكب زُحل والمريخ، الناعيان: الشيب والكبر، النيّران: الشمس والقمر، الهاديان: العين والأثر، الواعيان: السمع والبصر.

ابن الرومي:

دعِ اللَّــومَ إن اللَّـومَ عــونُ النوائِــبِ

ولا تتجـــاوز فيــه حــــدَّ المُعاتِــبِ

فما كلُّ مــن حــطَّ الرحــالَ بمخفِــق

ولا كلُّ مـــن شـدَّ الرحـال بكاســبِ

وفي السعي كَيْسٌ والنفـوسُ نفائـسٌ

وليــس بكَيْــسٍ بيعُهــا بالرغائـــبِ

وما زال مأمــولُ البقـــــاء مُفضّـــــل

على المُـلك والأرباحِ دون الحرائــــبِ

حضضتَ على حطبي لناري فلا تـدعْ

لك الخـيرُ تحذيـري شـرورَ المَحاطبِ

وأنكــرتَ إشــفاقي وليــس بمانعـــي

طِلابــي أن أبغـي طـلابَ المكاســبِ

أذاقتنـيَ الأســــفارُ ما كَـــرَّه الغِنَـــى

إلـيَّ وأغـرانـــي برفـــــض المطالــبِ

فأصبحـتُ في الإثـــراء أزهـــدَ زاهــدِ

وإن كنت في الإثـــراء أرغــبَ راغــبِ

حريصاً جباناً أشــــتهي ثــم أنتهـــي

بلَحْظـي جنـاب الرزق لحــظَ المراقبِ