يرى أصحاب الفكر التربوي أن تربية الأبناء قبل عقدين من الزمن أسهل بكثير من تربيتهم اليوم، وذلك نتيجة لصعوبة الحياة وتعقيداتها وتأثير متغيرات كثيرة فرضتها معطيات العصر وتحدياته.
فأحياناً يستفز الطالب المدرسين، ويتذمر من المدرسة والمدرسين، وتتسم سلوكياته باللامبالاة بالدراسة أو بالآخرين...الخ ، ومع ذلك، فإن ثمة سلوكاً وتصرفات، غالباً ما تكون متوقعة لدى كثير من الأطفال، حيث يكون لديه الميل نحو التمرد أو عدم الانصياع للأوامر أو النظام. لهذا فمن الصعوبة بمكان استمرار الابن بنفس الوتيرة والطباع التي كان عليها في الأسرة دون التأثر والاستجابة للمتغيرات التي طرأت على حياته، سواءً الفسيولوجية منها أو العقلية، أو الاجتماعية..الخ، الناتجة عن انتقاله إلى البيئة المدرسي كأهم وأخطر محطات حياته.
فإذا ما وجد الطفل بيئة أسرية على مستوى من الوعي والإدراك في كيفية التعاطي معه وتوجيهه توجيهاً سليماً، ووجد أيضًا مجتمعاً مدرسياً يفهمه ويقدره ويحتويه، فإن هذه المرحلة تمر بصورة تكاد تكون خالية من التوترات داخل البيئة الأسرية والمجتمع المدرسي، وإن لم يجد مثل هذا الجو، ولم تتوافر مثل هذه الظروف، فلربما تتصادم شخصية الطفل مع الآخرين، وقد يصبح حاد الطبع والمزاج، الأمر الذي يستدعي طلب المساعدة لمعالجة الموقف.
الدكتور حسن المالح، استشاري العلاقات الإنسانية، ينصح الآباء والأمهات بالتعاون والتواصل الدائم مع إدارة المدرسة وإبلاغها بما يحدث للابن من قبل بعض المدرسين من تجاوزات أو إهانات إن وجدت، والتعاون والتواصل مع المرشد الطلابي أو الاختصاصي الاجتماعي بشأن وضع الطالب وحالته وظروفه، بهدف المساعدة في حل مشكلته إما مع المعلمين، أو الطلاب، أو المدرسة أو مع الطالب نفسه أو معهم جميعاً. كما يجب أن تتوافر مساحة حوارية بين الآباء والأمهات من جهة، وبينهما وبين الابن من جهة ثانية، والحديث معه بأسلوب هادئ ولغة خالية من الضغط والتخويف وبعيداً عن النقد أو اللوم أو الزجر والتوبيخ، مع إشعاره بمدى أهميته بالنسبة للأسرة والناس والمدرسة والمجتمع، ومدى حب الجميع له، وكم تكون الفرحة غامرة به حينما يكون سعيداً وناجحاً. ومن جانب آخر محاولة التعرّف على آرائه ومتطلباته، واحتياجاته، والمبادرة بتأمينها».
ويكمل المالح: «لا بد من توفير الأمن النفسي، والاستقرار الذهني، فربما يشقّ على الفرد أن يكون متفوقاً ومتميزاً في ظل عدم إشباع تلك الحاجات الأساسية أو بعضها أو عدم إحساسه بالأمن وشعوره بالخوف أو التهديد والعقوبة، إما من الأب أو غيره. فالفرد قلما ينجز أو يبدع في ظل ثقافة الخوف. وأن تحاول الأسرة أن تسند إلى الابن بعض المهام والمسؤوليات المتعلقة بالمنزل والتي يمكنه القيام بها وتشعره بأهميته، مع تشجيعه ومدحه أمام الأهل والأصدقاء بحضوره كلما أنجز مهمة ما، مع التدرج في تكليفه بمهام مختلفة ومتنوعة وذلك سعياً لاستعادة ثقته بنفسه وتعزيزاً لذاته. والتأكد من أن أصحابه على مستوى من الخلق القويم، وتشجيعه على تكوين صداقات مع من تتوافر فيهم الجدية والاستقامة، سواء من داخل البيئة المدرسية، أو من خارجها، من أبناء الأهل والأصدقاء والأقارب ممن هم في سنه. ومن الأهمية إشراكه في بعض الأنشطة التي يحبها لما لها من فائدة كبيرة على المستوى الشخصي والاجتماعي. واستخدام أسلوب التلميح والتنويه معه بدلاً من المواجهة المباشرة، خاصة إذا لمست منه بعض السلوكيات والتصرفات غير المناسبة، وتوجيه النصح بصورة ذكية بعيداً عن أسلوب التهديد والوعيد، وفي الوقت المناسب».
ساحة النقاش