خلال مرحلة النوم الغاصة بالأحلام تصبح عضلاتنا مشلولة، فيعجز جسدنا عن إصدار أي حركة، حتى ولو تلقى أوامر بذلك من الدماغ. فما الذي يقع في دماغنا ويدفع عضلاتنا إلى هذه الحالة من الشلل؟ قال باحثون مؤخراً إن سبب حدوث هذا الشلل العضلي هو مواد كيميائية يفرزها الدماغ وتجعل الجسم يظل ساكناً دون حراك خلال النوم.

90 دقيقة

قال علماء في تصريح لهم ورد ضمن تقرير نُشر في العدد الأخير من مجلة “علم الأعصاب” إن النتائج التي توصل إليها الباحثون ستساعد في علاج اضطرابات النوم. ويبدأ الدماغ في إفراز هذه المواد الكيميائية خلال حركة العين السريعة أثناء النوم، وهي مرحلة تبدأ غالباً بعد نحو 90 دقيقة من الخلود للنوم ليلاً. وخلالها يكون الدماغ نشيطاً جداً، وتصل الأحلام إلى ذروتها. غير أن العضلات الإرادية للجسم وهي الذراعان والأصابع والساقان وغيرها من العضلات التي تنتمي إلى الجهاز العصبي الجسدي تكون ساكنةً، أو بالأحرى في حالة شلل مؤقت.

 

وهذا الشلل يجعل الناس في حالة سكون حتى عندما تقوم أدمغتهم بسيناريوهات رائعة. كما أنه السبب الذي يجعل بعض الناس يمرون بحالة الشلل السباتي، أو يستيقظون في وقت تكون فيه عضلاتهم ما تزال مجمدةً. وقد كان الشعور بشلل الأطراف عند الاستيقاظ سبب انتشار عدد من المعتقدات الخاطئة والخرافات والأساطير التي ابتدعتها خيالات الناس، وغيرها من الخرافات التي تتداولها ثقافات شعبية في مختلف المجتمعات.

 

وقد ظل الغموض يكتنف طريقة إصابة العضلات بشلل طيلة القرون الماضية. غير أن دراسات سابقة اعتبرت مبكراً أن ناقلاً عصبياً يسمى “جليسين” هو المسؤول المحتمل عن شلل العضلات أثناء النوم، غير أن باحثين آخرين شككوا في ذلك باعتبار أن الشلل يحدث حتى عندما تكون المستقبلات التي ترصد وجود الجليسين متوقفةً عن العمل، ما ينفي مسؤولية الشلل عن الجليسين.

مستقبلات عصبية

قام باحثان من جامعة تورونتو هما باتريسيا بروكس وجون بيفر بإجراء دراسة حديثة حول هذا الموضوع. وركزا على نوعين من المستقبلات العصبية في العضلات الإرادية، أحدها يُصطلح عليه “ميتابوتروبيك جابا بي”، والآخر “آيونوتروبيك جابا أيه/جليسين”. ووجدا أن المستقبل العصبي “جليسين” يُبدي استجابةً متشابهةً لكلا المستقبلين العصبيين، بينما يبدي ناقل عصبي يسمى “حمض جاما أمينوبوتريك” أو “جابا” استجابةً كيميائيةً مختلفةً، في الوقت الذي يجيب فيه الأول على ناقل “جابا”، وليس على “جليسين”.

واستخدم الباحثون أدويةً معينةً من أجل إطفاء هذه المستقبلات لدى الفئران، فاكتشفوا أن الطريقة الوحيدة للحيلولة دون حدوث شلل في العضلات أثناء حركة العين السريعة هي إغلاق كلا النوعين من الناقلات العصبية في الوقت نفسه. وهذا يعني أن الجليسين لوحده غير كاف لشل العضلات، بل يحتاج إلى الناقل العصبي “جابا”.

ويضيف الباحثون أن فهم أبجديات الناقلات العصبية مهم جداً لعلاج الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات النوم، خصوصاً منهم من يعاني من اضطراب سلوكي ذي صلة بحركة العين السريعة. وفي هذا النوع من الاضطرابات، لا يصبح الناس مشلولي العضلات خلال حركة العين السريعة أثناء النوم. ما يعني أنهم يقومون بمجموعة من الأشياء خلال أحلامهم من حديث وضرب وحركات وغيره.

وفي الآونة الأخيرة، وجد عقار “كلونازيبام” طريقه إلى الاستخدام ضمن مضادات الذهان لعلاج اضطراب حركة العين السريعة السلوكي. وتمكنت الدراسة الجديدة من الإشارة إلى علاجات جديدة لهذه المشكلة، وفق تصريح الباحث دينيس ماجينثي، المتخصص في علم النوم بجامعة كاليفورنيا. ويأمل الباحثون أن تسهم النتائج التي تم التوصل إليها في شرح العلاقة القائمة بين اضطراب حركة العين السريعة السلوكي وباقي الأمراض والحالات الصحية الخطيرة.

ويقول جون بيفر إن “فهم الآلية التي تقف بدقة وراء دور هذه المواد الكيميائية في اضطراب حركة العين السريعة أثناء النوم يُعد مهماً نظراً لأن 80% من الناس الذين يعانون منها يصابون لاحقاً بأمراض عصبية مثل الشلل الرعاشي. ويضيف بيفر “قد يكون اضطراب حركة العين السريعة السلوكي في النوم مؤشراً مبكراً على وجود قابلية للإصابة بأحد الأمراض العصبية، ولعل التوصل إلى علاج لها قد يساعد على منع الإصابة بها، أو وقف الإصابة بها جملة وتفصيلاً”.

المصدر: موقع “nbc.com”
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 105 مشاهدة
نشرت فى 27 أغسطس 2012 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,305,569