شيع الوسط الفني السوري الأحد، الفنان المخضرم صبحي الرفاعي، والذي وافته المنية ظهيرة السبت إثر نوبة قلبية تعرض لها على باب مقهى الروضة الشهير في قلب دمشق عن عمر ناهز الـ 67 عاما، أمضى ثلثيها أمام كاميرا التلفزيون ومايكروفون الإذاعة، مخلفا وراءه عشرات الأعمال الدرامية والسينمائية الخالدة، ونجما بارزا في عوالم الفن السوري هو نجله وائل شرف صاحب شخصية معتز في مسلسل باب الحارة.

 

موت مفاجئ:

حتى ما قبل توقف قلبه عن النبض بلحظات، كان النجم الراحل ما يزال يمارس يومياته كما جرت العادة، حيث ارتاد ، كما في كل يوم، المقهى الدمشقي العريق" الروضة" وجالس أصدقاءه ولعب طاولة النرد، قبل أن ينهض من جلسته للقيام بأمر بدا مفاجئا لأصدقائه، فغادر المقهى من ممره الضيق ووصل إلى قرب الباب الرئيسي، وهناك، شهق آخر شهقة وفارق الحياة قبل وصوله إلى المستشفى.

دقائق معدودات بعد وصوله إلى العناية المركزة، ورد النبأ المؤكد إلى مقهى الروضة، مرتعه اليومي، قبل وصوله إلى منزل ذويه ربما.. نقول ربما... لقد توفي الرجل الذي امتاز على الدوام بوجه بشوش وهيئة تزينها أناقة لم يأت عليها الزمن، فكان مهتما بمظهره في شيبه مثلما كان في شبابه تماما.

 

تشييع مهيب:

اليوم، وفي تشييعه إلى مثواه الأخير في مقبرة الميدان بدمشق، لم يبق أحد من نجوم الفن، ممن رافقوه في رحلته الطويلة، إلا وحضر، وامتزجت دموع الكثيرين منهم بملامح الدهشة لفراق من لم يتوقع أحد منهم فراقه في هذا اليوم الهارب من حسابات رفاق الدرب.

 

 

بالأبيض والأسود:

وإذا كانت مسيرة التشييع للنجم صبحي الرفاعي قد اتشحت بالسواد اليوم، إلا أن اللون الأسود له حضور في مسيرة الرجل، فالرفاعي داهم، بموهبته التي امتلكها مبكرا، الشاشة السورية، منذ كانت بالأبيض والأسود، فحل ضيفا على الجمهور السوري في يومياته ومساءاته في ستينات وسبعينات القرن الماضي، وقد وصل إليها من المسرح الذي كان فاعلا بفعل القادرين بتلك المرحلة العصيبة من عمر الفنان السوري، وليس غريبا أن يكون النجم صبحي أحدهم.

 

رفيق العمالقة:

شارك مع دريد لحام ونهاد قلعي وعبد اللطيف فتحي وأنور البابا في المسرحيات الرهيبة التي خلدت المسرح السوري في سبعينات القرن العشرين... وكذلك حضر معهم في مختلف الأفلام التي أنتجت في مرحلة الفقر المالي للسينما في سورية.

وحين جاء عصر التلفزيون الملون في سورية، أحضرت الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون ونقابة الفنانين ممثلين جددا لتزيد من وهج الشاشة في نظر الجمهور، لكن الرفاعي، في تلك العملية، اعتبر من الفنانين المجددين، فزاد في تألقه تألقا، وبرز كخيار متقدم لدى المنتجين والمخرجين.

 

أحد نجوم المسلسلات الشامية:

هو ابن دمشق العاصمة السورية التي سمحت الدراما السورية لعشرات الأعمال المنتجة منذ عشرين سنة أن تنطق باسمها... ولم يبق مسلسل شامي واحد منذ العام 1992 وحتى اليوم إلا وشارك فيه أبو وائل.

ففي العام 1992 وقع خيار المخرج بسام الملا عليه ليكون أحد ساندي مأثرة " أيام شامية" المسلسل الذي أحدث ضجة في العالم العربي... ولم ينته الأمر عند هذا الحد، فجيء به ليكون ناطقا بلسان دمشقي في ليالي الصالحية وبعدها باب الحارة ، ثم مشاركا قويا في مسلسلات شامية أخرى مثل أهل الراية والزعيم وبيت جدي وغيرها.

 

فقر مادي ودهشة:

كل من يعرف النجم صبحي الرفاعي عن قرب يلحظ معاناة الرجل ، برغم كل تاريخه المضيء في الدراما والسينما والمسرح من الفقر المادي، فالمقربون منه كانوا، عن قرب، يدركون افتقار صبحي الرفاعي للمال.. لم يكن يملك سيارة رغم امتلاك 99% من أبناء الوسط الفني لسيارات فاخرة، وكذلك عدم توفر السيولة اليومية لديه بشكل غريب.. شكل كان محط سؤال دائم لا يجيب عنه الرجل العصامي كي لا يحول الفقر إلى حالة عوز أو طلب.

 

رفاعي وكنية ولده شرف.. حز في النفس!!...

من أكثر الأشياء التي كانت تحز في نفس النجم الراحل صبحي الرفاعي هو عدم تكني ولده النجم وائل ( معتز باب الحارة) بكنية العائلة . وكاتب هذه السطور سبق وأن طرح عليه سؤالا في مقهى الروضة قبل فترة عن أشياء تحز في نفسه بعد رحلة طويلة في الحياة والمهنة، فكان جوابه، إن أكثر ما يؤثر فيه نفسيا هو أنه كان يتمنى لو أن ولده وائل تكنى باسم العائلة أولا، ومن ثم سار على الدرب الذي رسمه له أبوه بتربيته له ثانيا...ولا تعليق...!!!.

 

أرشيف بالأرقام:

بقي أن نذكر أن تاريخ صبحي الرفاعي، المهني، يحتفظ له بأكثر من 150 مسلسلا دراميا، وحوالي العشرة أفلام سينمائية وأكثر من 30 مسرحية، فضلا عن حضوره القوي في أكثر من 150 حلقة من المسلسل الإذاعي ( حكم العدالة) ومئات الساعات الإذاعية في إذاعة دمشق وصوت الشباب.

 

رحم الله النجم صبحي الرفاعي وألهم ذويه الصبر والسلوان..

 

المصدر: النشرة فن
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 70 مشاهدة

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,277,177