أحمد شعبان ـ جاء الإسلام والأمم غارقة في ظلام الجهل فكان أول ما أنزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: “اقرأ باسم ربك الذي خلق . خلق الإنسان من علق . اقرأ وربك الأكرم . الذي علم بالقلم . علم الإنسان ما لم يعلم” سورة العلق فكانت أول إضاءة في هذا الظلام الحالك ثم توالت الآيات المؤذنة بأن الإسلام دين علم يدعو المسلم إلى العلم وينفر من الجهل فتحولت أمة محمد – صلى الله عليه وسلم - إلى أمة علم ونور قال تعالى:”هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين” سورة الجمعة فالدين كله مبني على العلم بالله وبدينه وبأوامره ونواهيه فلا يعبد الله إلا بالعلم ولا يمكن أن تستقيم الأمة على المنهج الصحيح إلا بالعلم.

ويقول الدكتور حلمي عبد الرءوف – أستاذ علم القراءات بجامعة الأزهر – تأتي أهمية العلم في حياة المسلمين واضحة وجلية من خلال آيات القرآن الكريم التي يخاطب فيها الله نبيه محمدا – صلى الله عليه وسلم – ويحثه على طلب العلم والدعاء والتقرب إلى الله تعالى بالزيادة فيه قال تعالى:”فتعالى الله الملك الحق ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما” سورة طه الآية 114 الله تعالى الملك الحق الحي القيوم يخاطب نبيه محمدا– صلى الله عليه وسلم – ويحثه على عدم استعجال تلقي القرآن حين يتلوه عليه جبريل – عليه السلام – ويصبر حتى يفرغ منه فإذا فرغ منه قرأه فإن الله تعالى ضمن لنبيه جمعه في صدره وقراءته كما قال تعالى:”لا تحرك به لسانك لتعجل به . إن علينا جمعه وقرآنه . فإذا قرأناه فاتبع قرآنه . ثم إن علينا بيانه” ولما كانت عجلة النبي – صلى الله عليه وسلم – في تلقي الوحي ومبادرته إليه تدل على محبته التامة للعلم وحرصه عليه أمره الله تعالى أن يسأله الزيادة فيه فالعلم خير ونعمة عظيمة من الله تعالى والطريق إليها يكون بالاجتهاد والشوق للعلم وسؤال الله والاستعانة به والافتقار إليه في كل وقت.

فضل العلم

ورد في السنة النبوية المشرفة أحاديث تتحدث عن فضل العلم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:”طلب العلم فريضة على كل مسلم “ وقال – صلى الله عليه وسلم -:”إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له” . وحث النبي – صلى الله عليه وسلم – على طلب العلم حيث قال:” من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وإن العلماء ورثة الأنبياء والانبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر”. وأخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه في آخر الزمان يرفع العلم ويكثر الجهل ورفع العلم يكون بموت حملته العلماء كما ورد في حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم -:” إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا”. ومن فضل العلم أيضا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم ‏‎-‎‏ عند شربه ماء زمزم كان يدعو ربه أن يعطيه علما نافعا روى الدارقطني عن ابن عباس أنه – صلى الله عليه وسلم - كان إذا شرب ماء زمزم دعا ربه وقال: “اللهم إني أسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء”.

 

مكانة العلماء

وللعلم فضائل كثيرة تدل على شرفه ورفعة مكانته منها: أن الله تعالى وصف أهل العلم بالخشية له لأن العلم يورث خشية الله قال تعالى:”ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور” سورة فاطر الآية 28 والعلم سبب للرفعة في الدنيا والأخرة والله تعالى يرفع المؤمن العالم درجات على غيره من المؤمنين قال تعالى:”يرفع الله الذين أمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات “ سورة المجادلة.

ولأهمية العلم والعلماء وضع الإسلام آدابا عامة يجب على العالم والمتعلم التحلي بها منها: الإخلاص في طلب العلم تقربا إلى الله تعالى حتى ينفع العالم نفسه والآخرين كما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:”إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه - وذكر ثلاثة منهم - رجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمة فعرفها قال: فما عملت فيها ؟ قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن قال: كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال هو قارئ فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار” . والعمل بالعلم فإن ذلك من أعظم ثمار العلم ولأجل هذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:”لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل فيه” . وعلى العالم أن يدعو إلى الله بما معه من العلم لأن من ثمار العلم منحه للناس قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:”بلغوا عني ولو آيه” وأن يكون العالم متواضعا مع من يعلمهم فلا يتكبر عليهم بعلمه وليعلم أن فوق كل ذي علم عليم وأن نعمة العلم التي منحها الله تعالى له قد تكون اختبارا من الله على قوة إيمانه وتصديقه بما أنزل كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم:”وما تواضع أحد لله إلا رفعه”.

دعاء الاستعاذة

كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يستعيذ بالله من علم لا ينفع ويدعو ويقول:” اللهم إني أعوذ بك من الأربع من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع ومن دعاء لا يسمع” وقال – صلى الله عليه وسلم -:” سلوا الله علما نافعا وتعوذوا بالله من علم لا ينفع” ولذلك يجب على المسلم أن يطلب العلم خالصا لوجه الله لا من أجل منصب أو مال أو عرض من الدنيا كما قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -:” من تعلم علما مما يبتغي به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة – ريحها – يوم القيامة”. وعن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: “من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين”.

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 75 مشاهدة
نشرت فى 9 أغسطس 2012 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,306,078